ما أرسلناك إلّا رحمةً للعالمين
لطيفة العزي
ومع تجدّد الذكرى المحمدية، تطل علينا الأفكار الوهّابية التي غرست فينا أنَّ احتفالَنا بالرسول الأعظم بدعةٌ، ومع كُـلِّ عام نجد أنهم حقيقةً لا يحبّون رسولَ الله، بل على العكس استكثروا على رسولنا ابتهاجنا العظيم واحتفالنا بمولده، نجد أنَّ الأدمغةَ الفاشلةَ التي تربّت على المذهب الوهّابي تسكب في عقول المجتمع والشعوب العربية أنَّ الاحتفالَ بذكرى مولد النبي لا يتناسب مع عقيدة المسلمين، وفي كُـلِّ عامٍ تزداد التوعيةُ الخاطئةُ، ويُفشُون في عقول المجتمع أنَّ الابتهاجَ بمولده بدعةٌ، وكلُّ بدعة ضلالة، وكلُّ من عمل بضلالة فمصيره النارُ، ويصلون إلى حالة التعصب بين المجتمع؛ نتيجةَ الأفكار المغروسة من التعصّب الوهّابي، وجميعاً نعلم من أين تغذّت عقولُ الوهّابية، ونعلم من أين منبتها، هو المذهب الذي ينفي ويحرّم الابتهاجَ والفرحةَ والتذكيرَ بالنور المحمدي، العقول السامّة التي تغذّت على الفكر الشيطاني الذي يكره محمداً وآله، إنهم زرعُ أمريكا وبريطانيا والكيان الغاصب، ملوك السعودية ومذهبهم الوهّابي الذي بان للعالم الإسلامي، مدى حبّهم للاحتفالات بمناسباتهم التافهة، كالتي حصلت في الرياض متزامنةً مع موسم الحج، وقال أحدُ مسؤولي لجنة الترفيه بكلِّ وقاحة: إنَّ الجمهورَ المستهدفَ هم حجّاجُ بيتِ الله الحرام، فهم يريدون حرفَ العالمِ الإسلامي بمن عليه أن يبتهج، وَأن ينفق الأموال للتذكير به، وهو نور النبي محمد الذي لا يحتاج إلى تذكير، فهو حيٌّ دوماً في القلوب، فليعلم العالمُ بأننا نحيي ذكرَاه في النفوس بتعظيمه ولتغذية عقولنا بحبّه وشغلِ أرواحنا بذكره.
فسؤالي يتوجّـه إلى الوهّابية، وإلى الذين تأثّروا بقول إنَّ الابتهاجَ بمولد النور بدعة، وإنه محرّم، فلماذا احتفلتم بمولد مؤسّس الوهّابية؟!
أليست الاحتفالاتُ -كما تزعمون- بدعة، فلماذا تحتفلون برأس السنة، وعيد الحب، ولماذا تحتفلون بأعياد عديدة؟! لماذا تستكثرون على رسول الله احتفالَ يوم واحد في السَنَة؟!
ولو نعود إلى لقرآن الكريم لوجدنا أعظمَ آية تأمرنا بحبِّ رسول الله والابتهاج بمولده، وزرع محبّته وانطباعه في نفوس المجتمع؛ لأَنَّه رسولُ القرآن، رسولُ الهداية، رسولُ الرحمة وخاتمُ الرسول، قال تَعَالَى في أعظم قانون وأصدق دستور: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).
فلو يتدبّر العالمُ الإسلامي آياتِ القرآن، لما أختلق الوهّابيون الأفكارَ، ولو عملوا بالقرآن لما انطلت عليهم تلك الحملة التي تُشنَّ ضدّ محمد والاحتفال به.
عندما نجدّد حبَّ النبي وذكرَه في نفوسنا وعظمته في قلوب أطفالنا ليس ببدعة، فبعدَ كُـلِّ احتفال يبتهج به الشعبُ اليمني، وبعد كُـلّ فرحه تزرع في قلوبنا بقدومه، يمنُّ اللهُ علينا بفضلٍ عظيمٍ وبنصرٍ نعزُّ ونعتزُّ به ضدّ من يرفضون إحياء ذكراه في نفوس المسلمين به دائماً ليكون أسوةً لهم.
نشكر اللهَ على أننا أكثر الشعوب في هذا العالم، شعبٌ يستشعر قدومَ وعظمةَ الرسولِ الأعظم، ويعد له الإعدادَ الجيّدَ، وبالرغم مما هو عليه اليوم من حصارٍ عالمي وتكالبٍ أممي، فإننا نجدُ الشعبَ اليمنيَّ يُعدُّ للاحتفال بذكرى مولد رسول الله قبلَ أسبوعين على أقلِّ تقديرٍ، فمنهم من يعمل ليله ونهاره لتصليح الزينة الملوّنة بالبالونات الخضراء، ومنهم من يعقد الندوات؛ للتوعية بأهميّة هذه الذكرى، ومنهم من يجهز الفعاليات ويشبع النفوسَ بذكر محمد وآله، فنجدّد الولاءَ والانتماءَ في كُـلِّ يوم من كُـلِّ عامٍ بأننا نحبُّ اللهَ ورسولَه، وسننهج نهجَ القائد العظيم -صلواتُ ربي عليه وعلى آله-، وستظل قلوبُنا عامرةً بحبّه، فَرِحَةً ومبتهجةً على أنه قدوةٌ لنا.