الحديدةُ مسرحيةُ الموت الحقيقي بإخراج أمميٍّ
محمد الخيواني
لا يكاد يخلو يومٌ، إلّا ونسمع خبرَ وفاة، أو نرى مشهداً لموت بطريقة أو بأخرى، وكأن الموتَ أصبح عاشقاً لعروسة البحر الأحمر (الحديدة)، فصار يقدّم لها أجملَ المشاهد، وأفضلَ الوسائل للموت، فتارةً يأتي بسكاكين داعش لأطفالها، وأخرى ينادي لطائرات العدوان لتحولهم لأشلاء، وتارةً يستدعي الأمراضَ للهجوم على تلك الأجساد الهالكة من الحصار والجوع، وعندما تعجز كلُّ تلك الوسائل، يظهر الشبحُ المخطط، ليعقد مبادرة سلام، ويدعو للالتزام بالاتفاقيات المبرمة التي خرقتها أدواتُه، عندما كان ينظر لنفسه بأنه في موضع القوة، ويرسل المنظّمات الإنسانية، والإغاثية، ويلعب على وتر الإنسانية، ويصور نفسه ذلك البريءَ الملائكيَّ، ويخفي صورته الشيطانيةَ الحقيقيةَ عن أنظار المشاهدين.
فأصبح العالمُ ينظر لتلك المدينة (الحديدة) وما حولها من مديريات، وما يحلُّ بها من خراب، وكأنه يشاهد مسرحية، تستحق المشاهدة والاستمتاع بلقطاتها المثيرة، والمتنوعة، والخارقة للعادة.
وباتت صرخاتُ وآلام أبنائها، موسيقى رنّانة، تزيد من جمال مناظر الموت الحقيقي، الذي يتجرعونه عاماً بعد عام، حقاً لقد نجح المخرجُ في مسرحيته، وخداعِه للناس، لكنه نسي أنَّ المسرحَ يمنيٌّ، وعليه أن يدفع ضريبةَ التذاكر المفروضةِ عليه.