مبادرةُ الرئيس ليست شيكاً على بياض
منير إسماعيل الشامي
في تراثنا الشعبي مثلٌ يقول: (اقرأ “يس” وبيدك حجر)، ومعنى هذا المثل أنَّ الإنسانَ في مواجهته للمخاطر والصعاب وعند خوض التحديات، يجب أن يكون مستعدًّا بكلِّ إمكانيات المواجهة والوسائل الدفاعية المتاحة أمامه، وأن لا يعتمد على وسيلةٍ واحدةٍ فقط ويعتقد أنها تكفي، فقد تستجدُّ ظروفٌ تجعل الوسيلةَ التي ظن أنها كافيةٌ، واعتمد عليها وحدها لا أثر لها ولا فائدة منها، ويصبح وجودُها كعدمها، ويكون هو الخاسر الأكبر في ذلك الموقف.
مواجهةُ تحالف العدوان ينبغي أن تكون طبقاً للمثل السابق، على المستويين الدبلوماسي والعسكري، وأن تكون كلُّ الخيارات المتاحة للقوات المسلحة على أُهبة الاستعداد ومفعّلةٌ وعلى أتمِّ الجهوزية؛ للاستخدام في أية لحظة وعلى مستوى مختلف الجبهات المشتعلة منها، والهادئة، وبشكلٍ مستمرٍّ حتى في حالة وجود مفاوضات وتوجهات نحو التهدئة.
لأن هذا الأسلوبَ في التعامل مع تحالف العدوان هو الأسلوبُ القرآنيُّ الذي ورد في كتاب الله، وأمر اللهُ رسولَه وَعبادَه المؤمنين أن يلتزموا به في تعاملهم مع أعدائهم الذين لا عهدَ لهم ولا ذمّة، (وتحالفُ العدوان أثبت خلال الخمسة أعوام أنه لا عهد له ولا ذمة، ولا أخلاقَ له ولا مبادئَ وأنه عدوٌّ غادرٌ ومجرمٌ لا يلتزم بعرفٍ ولا قانونٍ) فأمرهم أن يأخذوا حذرَهم حتى حينما يقومون للصلاة وهم في غزوة نهاهم عن الصلاة دفعةً واحدةً، بل على دفعات متتالية دفعة تصلي خلفَ الرسول ودفعة مستعدّة بأسلحتها وعلى أتمِّ الجهوزية لحماية الذين قاموا للصلاة، وهكذا حتى يصلي الجيشُ كلُّه، ووضّح اللهُ سبحانه وتعإلى السببَ لهم في ذلك بأنَّ أعدائهم تمنوا أن يغفلوا عن أسلحتهم فيميلون عليهم ميلةً واحدةً تقضي عليهم.
وكذلك الحال أثناء المفاوضات، فإن جهوزيةَ القوة تكشف مصداقيةَ العدو في المفاوضات وتبين هدفَه الحقيقي منها، وتكشف أيضاً جديته من عدمها، فتحالفُ العدوان وبعد فضيحة فشله لخمس سنوات قد يظهر انكسارُه في لحظة من اللحظات، ويبدي ظاهرياً بأنه وصل إلى قناعة بوقف الحرب، وأنه على استعدادٍ كاملٍ للدخول في مفاوضات نهائية، وهو كاذبٌ في كل ذلك، وهدفه الحقيقي هو إخراج قواتنا في الجبهات من حالة الجهوزية، ومتى ما تأكّد من ذلك في أية جبهة أغار على القوة فيها؛ لتحقيق تقدّم أو اختراق إلى غير ذلك من الأهداف الأخرى.
وهذا هو حال تحالف العدوان ووضعه، وما يؤكد ذلك أنه لم يلتزم بتنفيذ هدنة خلال الخمس سنوات، ولم يتمسّك بأيِّ اتفاقٍ تم خلال الفترة أيضاً، ورفضَ كافّةَ المبادرات العادلة التي قدّمتها قيادتنا خلال الفترة من أولها وحتى مبادرة الرئيس المشّاط الأخيرة، والتي قدّمت له كفرصة لحفظ ماء وجهه، خُصُوصا بعد عملية الرابع عشر من سبتمبر وعملية نصر من الله الكبرى، واللتان كانتا قاصمتين لظهره ولاقتصاده، وأكبر فضيحتين أمام العالم لعجزه وفشله وهزائمه.