منظّمات وقحة
عفاف محمد
بينما يبحث الكثيرُ في أروقةِ الفسادِ عمَّا يفتح شهية اللاغطين، متجاوزين الفسادَ الحقيقيَّ نجدُ أنَّ ثمّة ممارساتٍ شاذّةً هي المعنى الحقيقي للفساد والمفسدين، ولكنها مبطنة بشعارات إنسانية.
قد يتحدّث أحدُهم عن فلان أصبح يملك سيّارةً، وفلانٍ يبني عمارةً فارهةَ الطول، ولكنه يتناسى أموراً جِساماً مما يعدُّ سرقاتٍ لها ثقلُها ولها مردودُها، مثل فساد من نهبوا ثروات اليمن وفرّوا خارجَ البلاد، ومن يسرقون الذهبَ الأسودَ ويستثمرونه خارجَ الوطن إلى حدِّ اللحظة عبر أنابيبَ مخفية، وَغير ذلك من فساد له تأثيره على فساد البلد.
نعم الفسادُ بحاجةٍ لمكافحته بكلِّ أشكاله ومهما كان حجمه، لكن علينا أن نتيقّظَ لأمور هامّة ونتلافى ما تبقّى من أجزاء وطن، ونلملم أوصالَه التي فرقها العدوُّ الحقيقي ولا نجعلهم يصلون مبتغاهم، والذي عجزوا أن يصلوه عبر الصواريخ، واليوم يحاولون عبرَ أساليب ملتوية من أهمها المنظّمات!!..
والتي يتبيّن من موقفها الأول إزاء شنِّ التحالف حربه، أنها رمادية اللون..
ما يجري اليوم هو جرأة ووقاحة وغير معهودة، فبعد أن تغاضت المنظّماتُ الإنسانيةُ عن الكوارث الإنسانية التي تحدث جرّاءَ الحرب اليوم، تُطلُّ من جديدٍ بوجه الإنسانية من نافذة اليمن الجريح وتحمل فيها الدواء القاتل.
ثمّة إحاطة تقول: “الحوثيون يمنعون وصولَ المساعدات لليمن”.
وفي حقيقة الأمر، ما يحدث هو تعسّفٌ جديدٌ باسم المساعدات، فثمّة تقارير مكذوبة ومخالفات من قبل هذه المنظّمات والتي تقوم بمخالفات لها اتّجاهات عديده، وتحَرّكات دون تصاريح، ووثائق مزورة، وتجاوز للقوانين والعادات والأعراف، فمن المفترض أن تتماشى هذه المنظّماتُ وفقَ قوانين البلد الذي تعملُ فيه.
اليوم تهتمُّ المنظّماتُ هذه بأمور سطحية، منها تستغل معاناةَ الشعب اليمني، ففي حين الناس يموتون جوعاً وبحاجة لما هو أهم من غذاء ودواء، تقوم هذه المنظّماتُ بالمتاجرة لجني المال من خلال مشاريع ليس لها أهميّة تُذكَرُ، نفقاتها التشغيلية تصلُ نسبتها لـ80%، بينما المواطنُ نسبة استفادته لا تتجاوز الـ20% وهو المعني بذلك.
تشتكي المنظّماتُ في المحافل الدولية عن عدم وصول مساعداتها، والتي اتّضح جليًّا أنها لا تفيدُ بل تضرُّ المواطن من أغذية وأدوية فاسدة وغيرها مما لا يتركز على نفع المواطن بالدور الأول.
وإضافة إلى ما يتمّ إعانتنا به وهو فاسد، هناك من يجني المال مقابلَ خدمات بسيطة تمَّ رفضُها من الحكومة، مثل منظّمة تسعى لجني 600 ألف دولار؛ من أجلِ رسالة غسل اليدين، وكذلك ما تحدّث عنه وزيرُ الصحة عن مشروع عكازات نفقاته التشغيلية مبالغ خيالية، وهذا المشروعُ قيمته 12 مليونَ يورو..
ومن مشاريعهم أَيْـضاً..
12 مليون دولار لتوزيع تمريات للمدارس وجزء كبير قيمة نقلها.
وكذلك مشاريع إعادة إصلاح الأضرار العمرانية ومساعدات للنازحين، وكلُّها استغلالٌ لحاجة المواطن، ومنبع يدرُّ على المنظّمات والموظفين معهم مبالغ خيالية.
ولم تكتفِ المنظّماتُ بهذه الوقاحة، بل أنها تعدّت الأعراف والعادات وتجاوزت حدودَ مهنتها، حيثُ تقوم مؤخّراً بعمل استبيانات تفتش فيها عن خصوصيات الأسر داخل البيوت بما لا يجوز التطرق له، ناهيكم عن دورِ بعض المنظّمات الاستخباراتي، وكذلك التوظيف غير الشريف لبعض العاملات معم..
بعد كُـلِّ هذا، ألستم معي بأنَّ هذه المنظّمات وقحةٌ؟!..