تحركات أمريكية مكثّـفة لإنشاء قواعدَ عسكريّة برية وبحرية وجوية دائمة بحضرموت
زياراتٌ متكرّرة لمسئولين في الإدارة الأمريكية إلى المكلا بهدف تثبيت موطئ قدم واشنطن بالمحافظة
حرص أمريكي على التقّرب من القيادات القبلية بالمكلا واستقطابها خشيةَ الرفض الشعبي لأجنداتها في المنطقة
في إطار الأطماع الدولية والإقليمية لموقعها الاستراتيجي على البحر العربي ولثرواتها المتعددة:
المسيرة| حضرموت:
كشفت صحيفةٌ عربيةٌ بارزة عن توافق أمريكي – إماراتي على إنشاء قواعد عسكريّة في بعض المحافظات الجنوبية الأمر الذي يؤكّـد كذبَ وزيفَ ادّعاءات أبو ظبي وإعلانها إنهاء الاحتلال والانسحاب من اليمن.
ونشرت جريدة الأخبار اللبنانية في عددها الصادر أمس الاثنين، تقريراً بعنوان “حَراك أمريكي في حضرموت.. غزوٌ بلافتة (مكافحة الإرهاب)؟”، تطرق إلى الزيارات المتكرّرة للمسئولين الأمريكيين لمحافظة حضرموت تهدفُ إلى تثبيت موطئ قدم للولايات المتحدة في المحافظة، وهو ما يأتي تزامناً مع إعادة انتشار قوات الاحتلال السعودي والإماراتي في المحافظات الجنوبية.
وأشَارَ التقرير إلى الاهتمام الذي تُبديه الإدارةُ الأمريكية في الآونة الأخيرة بمحافظة حضرموت، بعد أن أصبحت مدينةُ المكلا محطةً رئيسةً للزيارات المتلاحقة التي تقوم بها وفود أمريكية أمنية وعسكريّة من دون تنسيق مسبق مع حكومة الفارّ هادي، وهذا الاهتمام عبر عنه السفير الأمريكي الجديد لدى اليمن، كريستوفر هنزل، الشهر الماضي، خلال لقائه محافظَ حضرموت فرج سالمين البحسني، بقوله إن “أنظار واشنطن لم تفارق حضرموت”، وهو ما يشير إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى الحصول على موطئ قدم في المحافظة اليمنية التي تشكّل مداراً للأطماع الإقليمية والدولية لموقعها الاستراتيجي على بُعد قرابة 500 كيلومتر من الساحل الشرقي على البحر العربي، ولثرواتها المتعددة.
وأوضحت الأخبار اللبنانية بأنه وللمرة الثانية خلال شهرين حطت طائرة سعودية تقلّ السفير الأمريكي هنزل ووفداً أمنياً واستخبارياً رفيع المستوى في مطار الريان الدولي المحتلّ من أبو ظبي بمدينة المكلا الأسبوع الماضي، أي قبل الموعد المفترض لإعلان الهيئة العامة للطيران المدني التابعة لحكومة المرتزِقة إعادة افتتاح المطار بحوالى أسبوع.
وفور وصوله إلى المطار، توجّـه هنزل إلى مقر ما يسمى قيادة المنطقة العسكريّة الثانية التابعة لحكومة الفارّ هادي، حَيثُ عقد اجتماعاً مع المرتزِق البحسني محافظ المحافظة ومختلف القيادات العسكريّة والأمنية فيها، وتباحث معهم في الملف الأمني في صحراء حضرموت وواديها، وموضوع ما يسمى “مكافحة الإرهاب” فيها، فضلاً عن الترتيبات الأمريكية لإقامة قاعدة عسكريّة دائمة للولايات المتحدة بالقرب من مقر المنطقة الثانية في المكلا.
وفيما اقتصر بيانُ السلطة المحلية في المدينة حول الزيارة على أنها ناقشت احتياجات المحافظة التنموية، اعتبر الناطق باسم المنطقة العسكريّة الثانية في حكومة الفارّ هادي أن زيارة هنزل أكّـدت حجم الثقة التي حظيت بها حضرموت لدى الإدارة الأمريكية.
ووفقاً للتقرير فقد أثارت هذه التحَرّكات والمواقف ردودَ فعل ساخطةً في الداخل اليمني، وتحذيرات من خطط لدى الولايات المتحدة لإنشاء قواعدَ عسكريّة برية وجوية وبحرية دائمة، في حضرموت بشكل خاص، وفي جنوب اليمن بشكل عام، تحت ذريعة “مكافحة الإرهاب” ضمن مساعٍ يبدو أن واشنطن فقدت الثقةَ بقدرة الحكومة المرتزِقة المدعومة منها على تسهيلها، وهو ما جعلها تلجأ إلى التعامل المباشر مع السلطات المحلية في حضرموت التابعة للاحتلال الإماراتي السعودي، التي تخطط منذ زمن لأَنْ تكونَ قاعدةً عسكريّة لها، تسهمُ في حماية مصالحها هناك، وتعزّز نفوذها في البحر العربي،، حَيثُ كان البنتاغون أكّـد أواخر عام 2016، وجود قوات أمريكية في مياه البحر العربي، ورسوّ عدد من البوارج الحربية وحاملات الطائرات الأمريكية قبالة شواطئ المكلّا والشحر على بعد حوالى 100 ميل.
وبيّنت الجريدة اللبنانية أن اللافت في التحَرّكات الأمريكية الجديدة باليمن تأتي في وقت تُسجل فيه العمليات الإرهابية التي تستهدف المحافظة أدنى مستوياتها خلال العام الجاري، توازياً مع تراجع عمليات الطائرات الأمريكية من دون طيار في محافظات مأرب والبيضاء وشبوة وأبين، ما يؤكّـد أن نية الولايات المتحدة هذه المرة تتجاوز حدود العمليات التي نفّذتها ضد عناصر ما يسمّى تنظيم القاعدة ما بين عامَي 2017 و2018، إلى السعي لتثبيت موطئ قدم في شرق البلاد، مضيفةً أن ما يعزّز وجود تلك النيّات هو حرص الأمريكيين على التقرّب من القيادات القبلية في المحافظة، والعمل على استقطابها، خشية رفض المجتمع المحلي لأجندة واشنطن، الأمر الذي يؤشّر إليه لقاء هنزل بأحد أبرز الوجوه القبلية في حضرموت، زعيم ما يسمى مؤتمر حضرموت الجامع عمر بن حبريش، المحسوب على الاحتلال السعودي.
وأضاف التقرير أن الاهتمام الأمريكي بحضرموت ليس وليد اللحظة، بل هو يعود إلى ما قبل عام 2010،، حَيثُ تمكّنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، من إنشاء غرفة عمليات لمكافحة ما يسمى القرصنة، إلا أن هذه الغرفة تعرّضت للتدمير في العام 2013، عقب اقتحام ما يسمى تنظيم القاعدة بعملية انغماسية مقر المنطقة العسكريّة الثانية في المكلا.
وخلال السنوات الماضية، استقبلت المكلا عدةَ وفود أمريكية، زياراتٌ بعضها كانت سريةً كحال زيارة السفير الأمريكي السابق ماثيو تولر، أواخر عام 2017، والتي جاءت عقب وصول قوات أمريكية رمزية إلى القاعدة العسكريّة الإماراتية – الأمريكية المشتركة التي أنشئت في مطار الريان أواخر العام 2016، تضاف إلى تلك الزيارة أُخرى علنية قام بها تولر أَيْـضاً برفقة السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، للمشاركة في حفل تسليم الاحتلال الإماراتي مهام حماية سواحل حضرموت لقوات خفر السواحل التي تمّ تشكيلها على أَسَاس مناطقي، بعدَما تلقّى قرابة 1000 عنصر منها تدريباً عسكريّاً مكثّـفاً من قِبَل مدرّبين أمريكيين، وبعد انتهاء فترة السفير السابق أواخر العام الماضي، وصل وفد أمريكي أمني برئاسة القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى اليمن، جنيد منير، مدينة المكلا مطلع فبراير الفائت، حاملاً الأجندة نفسها التي حملها وفد أمريكي رفيع المستوى رأسته مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الصراعات ودعم الاستقرار، دينيس ناتالي، إلى المدينة في 25 يونيو الماضي، والمتمحورة حول ما يسمى مكافحة الإرهاب.
ونوّهت الأخبارُ اللبنانيةُ إلى أن مزاعمَ تسليم مطار الريان لحكومة الفارّ هادي، وإعادة افتتاح المطار الأسبوع الجاري، تجاهل الحديث عن السجن السرّي الكبير الذي أقامه الاحتلالُ الإماراتي هناك، مشيرةً إلى تستر الرياض على جرائم أبو ظبي والإبقاء على معتقلاتها في المحافظات الجنوبية.
وأكّـد التقرير أن دول العدوان تعمل مع الولايات المتحدة منذ أعوام على إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب في مدينة المكلا، موضحاً أن المركز يجري الترتيب لإنشائه تحت إشراف الولايات المتحدة، التي تولّت عملية تدريب قوات خفر السواحل في حضرموت خلال العامين الماضيين بدعم وتمويل الاحتلال السعودي الإماراتي، مبيناً أن المركزَ يتكونُ من غرفة عمليات ويشرف عليه ضباط استخبارات أمريكيين بمساعدة ضباط استخبارات إماراتيين، فيما ستتولى قوةٌ إماراتية وسعودية خَاصَّةٌ حمايتَه.