لم يغتالوا الحمدي بل اغتالوا وطناً ورهنوا سيادتَه وقرارَه
منير الشامي
تابعتُ البيانَ الصحفيَّ لدائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع، والذي كشف جريمةَ اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي -رحمه اللهُ تعالى-، أحسست خلال متابعتي وكأن هذه الجريمة البشعة حدثت اليوم، وليس قبل اثنين وأربعين عاماً.
امتلأ قلبي حُزناً وأشجاناً، وَضاق صدري من فرط الألم والحسرة، وامتلأت نفسي وجعاً وزفرت بالعبرات، فوقائعُ الجريمة فيها من البشاعة ما يدمي القلوب، وفيها من الوحشية ما يبكي الصخور، وفيها من الخيانة ما يقهر الألباب ويجن العقول.
جريمةٌ لم تقتصر على استشهاد رئيس وطني غيور وأخيه فقط، بل كانت جريمةَ اغتيال وطن واسترقاق شعب لمملكة الإجرام والضلال؛ بسببها سقط الوطنُ تحت حكم ووصاية آل سعود الطغاة المتجبّرين، وتحت سيطرة شلة الفساد والإفساد فيه، صاروا ولاة عليه وخدّاماً وجنوداً لمجرمي آل سعود، يسومون الشعبَ سوءَ العذاب؛ ليرضوا أسيادهم في الرياض.
وبسبب هذه الجريمة القذرة فقد الشعبُ عزّتَه التي انتزعها الرئيسُ الحمديُّ، وكرامته التي أعادها إليهم، وفقد قوته وشموخه بسقوط ذلك الجسد الطاهر، فتجرّع العناءَ وفتحت له أبواب الشقاء وفرضت عليه حياة البؤس بعد الرخاء، والخضوع بعد الإباء، والخنوع بعد الشموخ لأربعة عقود من الزمن، ولا زال يدفع ثمنَ الارتهان حتى اليوم.
لقد أصبح من حقِّ الشعب اليمني اليوم، وبعد أن تمّ الكشفُ عن تلك الجريمة البشعة رسمياً، أن يشهدَ محاكمة كُـلّ الضالعين في اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي -رضوان الله عليه- الأحياء منهم والأموات، ومن حقِّه أن يرى ويسمع أحكاماً قضائيةً عادلةً فيمن كانوا سببَ شقائه ومعاناته، وتأخره وجموده، ونضاله وتضحياته العظيمة، التي ما زال يُقدّمها حتى اليوم؛ باعتبار أن هذا حقٌّ مشروعٌ له، وهو في ذات الوقت أقل واجب عليه تجاه الرئيس الشهيد الحمدي الذي ضحّى بدمه واستشهد مدافعاً عن الشعب وعن سيادة الوطن، ومن واجب حكومة الإنقاذ أن تتولى تلبيةَ هذا الحقِّ الشعبي وتنالَ بذلك الشرف العظيم في تكريم هذه الهامة الوطنية والقيادة الشريفة، التي تولت أمره يوماً فكانت مخلصةً له وضحّت من أجله.