لأسرانا كُـلُّ التبجيل
خولة العُفيري
جنودُ الله (كجبالنا) الكبيرة الراسية التي لا تهتزُّ من عواصفَ ولا تتفتتُ من أعاصيرَ، إنهم من طلائع قومٍ صدقوا، باعوا وأعطوا، فبادلهم اللهُ العطاءَ بعطائه لهم بتأييده ومعيته الإلهية.
لم يغرهم بريقُ المناصب ولم تركعهم صرير الدراهم ولم يأخذهم حبُّ الدنيا للتشبث بأهوائها، ولم تؤدِ بهم الأموالُ في أشدِّ الحاجة إلى بيع ذممهم، والارتماء في أحضان العدوّ اللدود ودكتاتورية الارتزاق.
لم تخضعهم تلك التهديداتُ الصارمةُ ولم تركعهم تلك التعذيبات القاتلة لبيع قضيتهم، وتبديل هُــوِيَّتهم بالخيانة والعمالة.
تشبّثوا بالأمور الدينية من صمودٍ وصبرٍ وتضحيةٍ، وتدخل الله برعايته ولطفه دوماً من النوافذ الربانية، ثم خرجوا بسلامٍ كما دخلوا فهم أهلٌ للسلام كبارٌ بشموخِ المُلوك الأعزاء، لم يَردّوا الجرحَ بالعمالة وَلا الانتقام بالركوع لم يشعروا بالندم على ما عانوا من أجله، لم يكرهوا الأرضَ التي ذهبوا للدفاع عنها ويرجعوا لها بوجوهٍ مكفهرةٍ باليأس تكسوها الخيبةُ وتزداد الآلامُ بالحد والغربة، لم يشتكوا من جراحاتهم يوماً، ولم يبوحوا سوى بالصبر والغلبة والمداومة على الثبات، ها هم الأبرياء الذي لا ذنبَ لهم سوى أنهم كانوا هدايا من الله، ولم يتعثّروا بخطواتِ رام الشيطانُ إيقاعَهم فيها.
لم يقفوا باكين ببوابة السجن، مُنتظرين استسلامهم ولكن صبروا وهم منتظرون بشغفٍ سقوطَ السجان في قاع الهاوية، فكانت ثقتهم بالله وارتباطهم القوي به كنزاً لأفئدتهم ورضى لما هم عليه، ومِفتاح الفرج لقيدهم.
لملموا جراحَكم وارحبوا بكلِّ حبٍّ وشوق وصَلابة، أهلاً بكم شمُوعاً مُضيئة في دربِ الصمود والصبر لنتقاسمَ وإياكم زادَ النصر بقلوب ونفوس زاكية.