الفتنةُ أُخمدت لعن اللهُ من يشعلها
بلقيس علي السلطان
تَمُرُّ علينا في هذه الأيّام الذكرى الأليمةُ لإشعال الفتنةِ في صنعاءَ على أيدي من تربّوا على العمالةِ والخيانةِ، وشربوا من دماءِ الأبرياء وبنوا عروشَ سلطتهم على جثثِ الأحرار والثوار، فمن يمتلكون هكذا صفاتٍ لن يستغربَ الشعبُ منهم الدعوةَ إلى الفتنة والتناحر بين أبناء الوطن، وتدمير اللحمة الوطنية ومحاولة هدم جدار صمود صنعاء الأسطوري الذي لم يستطع العدوانُ أن يظهرَه ولم يستطع له نقباً.
رغم ما حملته هذه الفتنةُ من أوجاع وإزهاق للأرواح وإراقة الدماء، إلّا أنها أسقطت الأقنعةَ وكشفت الحقائقَ لأشخاص كان ظاهرُهم الوطنيةَ والحريةَ، وباطنُهم العمالةَ والعبوديةَ، كيف لا وهؤلاء هم من أدخلوا الوطنَ في دوامة الديون والفقر، بالرغم ما تمتلكه اليمنُ من ثروات معدنية وموانئ هامّة وموقع استراتيجي هام، وسلب هذه الثروات وتسخيرها لقوى الشر العالمية..
ولم يكتفِ هؤلاء الخونةُ بجلب العدوان وتمهيد الطريق له، بل ظلّوا يرقصون على هذه الجثث، مدعين السخطَ والرفضَ لهذا العدوان، والخروج بخطابات رنّانة لحبك الدور جيِّدًا..
وما إن حانَ دورُهم في المشاركةِ مع هذا العدوان وإحداث الفوضى وزعزعة الأمن في صنعاء -التي ظلّت عتيةً على الغزوان بالرغمِ من المحاولاتِ المستميتة للسيطرة عليها- حتى كشّروا عن أنيابهم وأسقطوا أقنعتهم ومدوا أيديهم علانيةً للتحالف مع المعتدين وإحداث فتنة في أمِّ المحافظات وعاصمة البلاد صنعاء، دون النظرِ إلى الكارثة التي ستحدثها هكذا فتنة أَو العواقب التي ستترتّبُ على إضرام نار الفتنة في بيوت المواطنين الآمنين، لكن هيهات لهكذا أمور أن تنالَ اهتمامَهم، فهم قد تعوّدوا على إزهاقِ الأرواح وفرش الدماء للوصول إلى السلطة والمال، ومن أراد التأكّـدَ منهم ومن عمالتهم وارتهانهم فليبحث عن طارق عفاش وماذا يفعل اليومَ، ومع من يقفُ، وعلى من يعتدي، وسيعرفُ بقيةَ السيناريو الذي أراد اللهُ له أن تنتهيَ أحداثُه في العاصمة الأبية، فذهبوا ليكملوه في الساحل بعد سقوط رأس الأفعى عفاش، الذي أرادها فتنةً ضاريةً تُدمّر كُـلَّ شيء تأتي عليه..
لقد تم وأدُ الفتنة ودَحْرُ رأس حربتها، وينبغي أخذُ الدروس والعِبَر من كُـلِّ أحداثها ومجرياتها، وأخذ الحيطة والحذر على من بقي من هذه الشجرة الخبيثة التي طلعها رؤوسُ الشياطين، لا يروقها سوى التناحر والاقتتال وإشعال الفتن وزعزعة الأمن، فالحذرَ الحذرَ من الوقوعِ في شباكهم، وضرورة التصدّي لهم بالوعي والبصيرة والحسِّ الأمني العالي، والوقوف صفًّا واحداً ضدَّ الشيطان الأكبر وأذياله، وإيقاف عدوانهم وغيِّهم على الشعبِ اليمنيِّ وإحباط محاولاتهم المتكرّرة في اقتحام جدار الصمود اليماني الذي لبناته أجساد الشهداء ومزج بدماء الجرحى، ووثّق بناءَه صمودُ الأسرى وصبرُهم، ووضع حجرَ أَسَاسه المجاهدون بأنفتهم وشموخهم، وسيحرسه أحرارُ الوطن الشرفاء برفض العمالة والوصاية، والوقوف ضدَّ المخربين والعملاء، ودحرهم حتى ترفرف رايةُ النصر خفاقةً عاليةً رغم كيد الخونة والمعتدين (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)..