كيف سقطت (المؤامرةُ الأمريكيةُ) في إيران؟
عَبدالقوي السباعي
تُعَدُّ الجمهوريةُ الإسلاميةُ الإيرانيةُ من أكثر الدول المحورية المناهضة للسياسات الشيطانية لقوى الهيمنة والاستكبار العالمي، والتي تأتي الولاياتُ المتحدة الأمريكية على رأسها كقوّةٍ إمبرياليةٍ عظمى، استغلت أحداثَ الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م، لتتصدّرَ سلَّمَ الزعامة العالمية وتجعلَ من نفسِها شرطيَّ العالم والعصا الغليظة، التي يحقُّ لها تأديبُ من شاءت وأنّا ومتى تشاءُ، والتي ما كان لها أن تدخلَ أيَّ بلدٍ إلّا بعد إنهاكِه وإغراقِه في أتون الفوضى، فالذين لم يقرؤوا التاريخَ يحسبون أنَّ ما صنعته أمريكا في العراقِ وأفغانستان بالأمسِ القريبِ من احتلالٍ وتدميرٍ، أمرٌ مفاجِئٌ جاء وليدَ الأحداث التي انتجته، وما يحدثُ الآن في بعضِ البلدان العربية والإسلامية من أزماتٍ وتهييجٍ نحوَ العنف والتدمير له دوافعه وأسبابه، وما يحدث الآن في سوريا من حربٍ ودمارٍ وتهجيرٍ له مبرراته، وما يحدث في اليمن من عدوانٍ غاشمٍ تحت عناوينَ زائفة استهدفت الحرثَ والنسلَ له تحالفه من الأعراب أنفسِهم وليس لأمريكا فيه ناقة ولا جمل وله ظروفه..
غيرَ أن الحقيقةَ الكبرى أنهم نسوا أن ما يحدثُ الآن هو تحقيقٌ وتنفيذٌ للمخطّط الاستعماري الذي خطّطت له وصاغته وأعلنته الصهيونيةُ والصليبيةُ العالميةُ؛ لتفتيت العالم العربي والإسلامي وتجزئته وتحويله إلى (فسيفساء ورقية) يكون فيه الكيانُ الصهيونيُّ القوّةَ الضاربةَ على خارطةِ ما يُسمّى بالشرق الأوسط الجديد..
لقد شاهدنا في إيران كيف حاولت المؤامرةُ الأمريكيةُ تجسيدَ مشروعها التخريبي وإدارة طابورها الفوضوي من خلال الخطِّ الاستراتيجي للنظام الفوضوي الذي يكمن في الدعوة إلى التظاهرات والاعتصامات والتحريض على العصيان المدني عبرَ مختلفِ الفعاليات الإعلامية والدعائية، والتحريض على التعرّض للشرطة والجيش؛ لضربِ العلاقة القائمة بين القوّة العسكريّة وبين الشعب، في الزحفِ لاحتلال وتدمير المرافق وَالمنشآت الحكومية وغير الحكومية، إذ إن قوةَ الجماهير قوةٌ عمياء خاليةٌ من العقل والتمييز، فالجماهيرُ متقلبةٌ وتغلب عليها عاطفةُ الخطاب الموجّه الذي سيطرت عليه أدواتُ (الصهيوأمريكية)، وأحرزت نفوذاً من وراء الستار، من خلال توجيه وسائل الإعلام والاتّصال والثقافة على الشعب الإيراني، خَاصَّةً وعلى الشعوب العربية والإسلامية على وجه العموم في توجّـه وتبني المطالب الحيوية للجماهير وإعلان شكاوى الشاكين وخلق فجوة بين الشعوب وحكامها، والتحريض للانقضاض على الأنظمة والمناداة بالحرية؛ لأنَّ الحريةَ استخدمت طعماً لجذبِ العامّة إلى صفِّ أفرادٍ مأجورين كُلِّفوا بأن ينتزعوا السلطةَ ممّن لا يرضخُ للقرار الأمريكي، فالتحرّريةُ ما هي إلّا نزعةٌ في السلوك أكثر مما هي مذهب عقلي في التفكير، والقصدُ بها انسلاخُ الفرد عن كُـلِّ ما تواضع عليه المجتمعُ من آداب وقوانين في سبيل رغبات وغايات تقودُ إلى مصيرٍ مجهولٍ، يخدم في نهاية مطافه الفوضوي الرسمَ الجديدَ لخارطة الشرق الأوسط المزعوم، غير أن الوعيَّ المتجذّرَ في الشعبِ الإيرانيِّ أسقط كُـلَّ الرهانات وتداعت تحت يقظة الأجهزة الاستخبارية والأمنية كافةُ الدسائس والمؤامرات.
من هنا يستوجبُ على الأُمَّة أن تقفَ في وجه هذا المخطّط، وخَاصَّةً الشبابَ الذين هم عمادُ الأُمَّة وصانعو قوتها وحضارتها ونهضتها، الذين يتعرّضون لأكبر عملية (غسيل دماغ) يقوم بها فريقٌ يعملُ بدأب لخدمة المشروع الصهيوأمريكي، تسانده أذنابٌ من بني جلدتنا توصم تلك المخطّطات بأنها مجرّد (نظريات غير واقعية)، رغم ما نراه رأيَ العين ماثلاً أمامنا من حقائقَ في فلسطين ولبنان وفي سوريا والعراق، في ليبيا واليمن ومصر وتونس وَ…، والبقيةُ آتيةٌ لا ريبَ إذَا غفلنا وتجاهلنا عمّا حدث وما يحدث الآن وما سوف يحدثُ في المستقبل، فيكون دافعاً لنا على العملِ والحركة لوقف الطوفان القادم.