رحلةٌ خلفَ القُضبان!
جبران سهيل
ذكرياتُ التعذيب من واقع 3 سنوات بتهمة الاسم أَو اللقب، والعديد من القصص المؤلمة من داخل سجون حزبِ الإصلاح في مأربَ.. يجمعُها الأسيرُ المحرّر الدكتور أمير الدين جحاف في كتاب بعنوان “رحلةٌ خلفَ القُضبان”.
وفي أولِ الردود والأصداء للكِتاب يكتُبُ عادل شلي وكيل محافظة حجة لشؤون الإعلام قائلاً:
من أدبِ السير الذاتية الأشدِّ وجعاً، والأكثرِ ألماً، بطلُها طبيبٌ شابٌّ لم تطأ قدمُه في يوم من الأيّام بوابةَ السجن، تسوقُه لعنةُ الأقدار التي أفرزتها الحربُ إلى أشدّ وأبشع المعتقلات التي عرفتها اليمن.
كان في رحلة الذهاب إلى مصر؛ ليُكمِلَ دراستَه في الطب سنة ثالثة، وعند مروره من نقطة الفلج بمأرب تم اختطافُه من بين زملائه والقائه في براثن معتقل لا يرحم.
ومن معتَقَلٍ إلى معتقل، وبعد أن فشلت كُـلُّ المساومات التي بذلها تجارُ الأسرى والمعتقلين مع أسرته يتم نقلُه إلى أسوأ المعتقلات وأشدِّها إذلالاً لآدمية الإنسان، حيث التعذيبُ بمختلف أصنافه وجبةٌ يوميةٌ يتناولُها السجين، وتمارينُ وطقوسٌ وروتين يومي يمارسه السجانُ باستمرار.
وحيث يمارسُ مسوخٌ في أجساد آدمية ما لم يخطُــرْ في بال أشدِّ كُتّابِ قِصص الرعب والكوابيس.
الكتابُ {رحلة خلف القضبان} رَصَدَ من الذاكرة أحداثاً عاشها الكاتبُ وكان شاهداً على قصص أُخرى.
أرسله لي الدكتورُ أمير الدين جحّاف لأطَّلِـعَ عليه فقرأتُ منه ما تيسّر ولم استطع إكمالَه؛ بسَببِ الفظائع التي احتوى عليها.
لأَنَّــه أعادني إلى زمن ولّى منذ أكثرَ من عقد ونصفِ عقد، فعادت أطيافُ تلك الفترة وكوابيسُها وقلقُها ومخاوفُها وأجواؤها النفسية، فتوقفت عن القراءة..؛ لأني ظننتُ أنِّي قد تجاوزتُ تلك المرحلة، ولكن رحلة الدكتور أمير الدين في معتقلات مأرب تؤكّـدُ أن الألمَ لا يفنى وأنه عندَ اتصاله بأصغر مثير له يتجدَّدُ وينبضُ ويستعيدُ تموضُعَه وحضورَه من جديد.
{رحلةٌ خلفَ القُضبان} كتابٌ يؤرِّخُ لأسوأ ما أنتجته الحربُ من انهيار للقيم والعادات والتقاليد، وانتهاك لكل شيء بما فيها آدمية الإنسان، وتحول حياته وجسده وأعضاءه وعقله وروحه وكيانه إلى سلعة يتاجر بها بشرٌ تجردوا من أية قيمة إنسانية، وفقراء من أية أحاسيس ومشاعر بشرية.
تجارةُ الأسرى والمعتقلين في مأرب هي امتدادٌ لتجارة الرق واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان، استعاد نخّاسو الحرب في مأربَ ذلك الإرثَ الطاغيَ للأسلاف، فقامروا بكل القيم والأعراف والمواثيق والعُهُود في مقابل استعادة شبَقِ الماضي للنخاسة والاسترقاق، واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان، وما بيع الأسرى إلا أحد مظاهرها.
ما يحدث في السجون من الجرائم والفظاعات يحتاج إلى وقفة من قِبل كُـلّ أبناء اليمن الأحرار؛ لإيقاف هذه الجرائم، وإلى لجان دولية محايدة تحقّق في مصير المعتقلين، وجثثهم، وأعضائهم.
– رحلةٌ خلفَ القُضبان.. باكورة أدب السجون في اليمن وأهم ما أُصدر في هذا المجال.
أُبارك للدكتور أمير هذا الإصدار، وأسألُ اللهَ أن يعينَه على تجاوز هذه التجربة المؤلمة، وَأن يعجِّلَ بإطلاق كافة المعتقلين لدى كُـلّ الأطراف.
– رحلةٌ خلفَ القُضبان.. زَفرةٌ من زفرات الألم والمعاناة، وأنَّــةٌ من أنَّــات العذاب، وسِفرٌ ينطق بمدى قُدرة الحرب على مسخ الإنسان وتحويلِهِ إلى وحش لا يمُتُّ للإنسانية بصلة.
– رحلةٌ خلفَ القُضبان.. لعنةُ الحرب البشعة، التي تستوجبُ على كُـلّ القوى الحية الوقوفَ بشدة في مواجهتها حتى لا تتسعَ دائرتُها، والعمل بشتى السبل لإطلاق المعتقلين.