فتيةُ المسيرة
مرتضى الجرموزي
إنهم فتيةٌ آمنوا بربِّهم وزدناهم هدى، وربط اللهُ على قلوبهم فخرجوا من بيوتهم مستجيبين داعي الله، لما فيه حياتهم ونعيمهم وعزتهم في الدنيا والآخرة، التحقوا بالمسيرة القرآنية واستوعبوا دروسَ هدي القرآن، وغاصوا في بحاره، فوجدوا أسباباً كثيرة قد تنقذهم من الضياع في دهاليز الجهل، حضروا وأنصتوا سمعوا ووعوا وفهموا وأدركوا أن اللهَ لا يضيع أجرَ المحسنين، وأن اللهَ مع المؤمنين ومع المتقين..
وبعين البصيرة عرفوا عدوَّهم الذي غدرَهم في ليلة شن عدوانه على شعبٍ لم يحمل حقداً على أيَّ مكوّنٍ أَو دولة، وبما أنَّ مَنْ يتقمّصون الدينَ كذباً وبهتاناً جرّدوا أسلحتَهم واعتدوا على شعبِ الحكمة والإيْمَـان، كان لزاماً على الرجال الصادقين والمخلصين أن يدفعوا شرَّ المعتدي لا يهمنا جنسه أَو فصيلته ودولته، فاللهُ -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى- لم يحدّد هُوية المعتدي وإنما قال: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
وها نحنُ من هذا المبدأ والأمر تحَرّكنا وانطلقنا إلى ميادينِ التدريب لنتزوّدَ في العلم والمعرفة، ومن ثم إلى جبهات القتال نشدّ المئزر ولداعي الحق والجهاد لبيناه، وفعلاً تحَرّك الخُلّصُ من أبناءِ اليمن إلى ميادين التدريب والقتال وخرجوا جهاداً في سبيلِ الله وابتغاءً لمرضاته، يصدعون بالحقِّ في وجوه الظلمة والجبابرة، وليرسلوا لتحالف العدوان وفي مقدّمتهم الأمريكي والسعودي ومن خلفهم الإسرائيلي رسالةً فحواها: نحنُ هنا.
نحنُ أصحابُ الحقِّ ولنا القرار في السيادة والاستقلال، ولن نخنعَ لعدوانكم ولن نستسلمَ لغطرستكم ولن تجديَ محاولاتكم لإعادة اليمن إلى حضن الوصاية والتبعية نفعاً، فقد ولّى زمانُ الانكسار وبدأ زمانُ الانتصار، لقد عفا الزمانُ عن أنظمةٍ كانت تعملُ لخدمتكم وتحت وصايتكم، فما عاد لكم في اليمن موطئُ قدم.
فتيةٌ آمنوا بربِّهم وتحمّلوا مسؤوليةَ مجابهة الظالمين، دعواهم سبحانك اللهم (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
فصدّوا العدوانَ بإذنِ الله وكسروا زحوفاً وأرهبوا المعتدين، وألحقوا بهم الوجعَ إلى عمق أراضيهم وقصورهم وقواعدهم العسكريّة المختلفة.
فنحمدُ اللهَ ونشكره على النصر والتأييد الإلهي الذي يرافق فتيان المسيرة مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة وأحرار القبائل الذين آثروا على أنفسهم وخاطروا بحياتهم، ليدفعوا شرّ المعتدين على شعبهم وبلدانهم، محتسبين التعبَ والمشقَةَ والمعاناةَ في سبيل الله، وإن اللهَ مع المحسنين الصابرين القانتين المجاهدين، وهو مؤيدهم وناصرهم وهازم الأحزاب وشرار الإنسانية، وإن اللهَ على كُـلِّ شيء قديرٌ.