الأسرى ورسائلُ الصمود والثبات
مرتضى الجرموزي
وهم في سجون تحالف العدوان يتحدّونه، يكسرون حاجزَ الخوف ويواجهون السجّانين بصلابة وعنفوان، ومن خلف الشبابيك ومن على مكاتب التحقيق وبداريم التعذيب يسطّرون مواقفَ ملؤها الإيمانُ والصبرُ.
إيمانٌ بالله وبقضيتهم الحقّة التي خرجوا من أجلها وهي الجهادُ في سبيل الله، ودحر الغزاة والمعتدين وأدواتهم أينما كانوا وكان كائنهم.
إلى الجبهات وميادين القتال، خرجوا تلقاءَ الحرّية والعزة والكرامة آملين من الله التوفيقَ بإحدى الحسنيين، نصر من الله أَو شهادة في سبيله، وفي أحلك الظروف أسرى يرتجون من الله التوفيقَ والثباتَ في دينهم ودنياهم وحقهم التي تكفله قوانينُ الله ودساتيرُ الإنسانية في الدفاع عن النفس والعرض والحق مهما كلّف من تضحيات، يرتجون من الله ويدعونه تضرّعاً وخيفة من أن يفتنوا أَو يضعفوا، ومن خلالها يُذعنون لتعذيب الأعداء ويسلّمون لهم مقابل العفو.
ولكنَّ رجالَنا مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة، ليسوا من هذه النوعية فهم أسمى وأشرفُ وأقدسُ من أن يثنيهم جلد وصعقات أهل الباطل وأحزاب النفاق.
فهم كلما تعرّضوا للتعذيب كلَّما ازدادوا قوةً وصلابةً وتحدّياً يكسر الأعداءَ ويعرّيهم أمام أسيادهم.
طرق بشعة وأساليب مختلفة دائماً يظهرها المرتزِقةُ في تعذيب الأسرى، الذين لم تزحزحهم ولم تغيّر من موقف الأسرى بشيء.
ولعلّنا رأينا مشاهدَ بطولية ومواقفَ رجولية إيمانية صلبة وفي أكثر من حادثة وموقع، وأسرانا شامخون وكأنهم أسودٌ في عرينها لا تهاب حاملَ البندقية، رأيناهم يقدّمون الدروسَ ويقهرون العدوانَ وأحذيته، شاهد العالمُ سموَّ ورفعةَ أسرى الجيش واللجان الشعبيّة، شاهد عزيمة عبدالقوي الجبري المدفون حيّاً وأسير الجوف وتعز والساحل، وهم يقولون: دينٌ وعقيدةٌ لن نرضى بهما بديلاً، فافعلوا ما تريدون، فلن تنالوا منّا شيئاً يخالف المسيرة القرآنية وقائد الثورة السيّد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، فيلجأ الأذنابُ إلى تصفية الأسرى وبالطرق المرسومة سلفاً في أروقة الأنظمة الباغية والمعادية لروح الإنسان قبل توجّـهه.
ومن غياهب السجون القابعة تحت سيطرة قوى العدوان وأدواتهم المرتزِقة في الجنوب وتعز ومأرب والجوف والساحل الغربي، تَصل رسائلُ الصمود والثبات لأسرانا المجاهدين القابعين خلف الجدران، ومنها يرسلون رسائل البأس والعزيمة، كنماذج ستُدرّس في المعاهد والكليات العسكريّة في مختلف البلدان لما فيها.
ما يصنعه المجاهدُ اليمنيُّ وما يُقدّمه الأسرى من تضحيات وشجاعة، وكأنهم ممن يحكي اللهُ عنهم، حَيثُ قال جلَّ في علاه: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ).
فسلامُ الله على مجاهدينا وشهدائنا وجرحانا وأسرانا البواسل، ودعواتٌ من القلب إلى الله بأنّ يعجّلَ بالفرج ويفك عنهم الأسر، ويكسر القيود بهم وعنهم.