“مغازلاتٌ” رسميةٌ فاضحةٌ بين الإمارات و”إسرائيل”
حسابُ السفارة الإماراتية في بريطانيا يهنّئُ اليهودَ بمناسبة “مهرجان الأنوار” ويصفهم بـ “أصدقائنا في الإيمان”
“بن زايد” يشارك مقالاً عن “الأُخوّة العربية الإسرائيلية”.. ورئيس وزراء العدوّ يعلّق: “حان الوقتُ للتطبيع”!
المسيرة | خاص
في فضيحة جديدة ضمن سلسلة فضائح التطبيع الخليجي العلني مع الكيان الصهيوني، شهدت منصةُ التواصل الاجتماعي “تويتر”، أمس الأول، مغازلةً علنيةً بين وزير الخارجية الإماراتي “عبدِالله بن زايد” ورئيس وزراء كيان العدوّ “بنيامين نتنياهو” أكّـدت -بصورة مخزية- على “تحالف” رسمي بين تل أبيب ودول الخليج، وهو تحالفٌ كانت قد كشفته سابقاً المشاركة الإسرائيلية في العدوان على اليمن منذ بدايته.
المغازلةُ المقززة بين “بن زايد” و”نتنياهو” بدأت عندما قام الأول بمشاركة رابط لمقال نشره موقع مجلة “ذا سبيكتاتور” البريطانية، تحت عنوان “إصلاح الإسلام: تحالف عربي إسرائيلي يتشكل في الشرق الأوسط”، ويحتوي المقالُ على صورة “نتنياهو”، ليقومَ الأخيرُ بالتعليق على هذه المشاركة قائلا: “أرحّب بالتقارب الذي يحدث بين إسرائيل والكثير من الدول العربية. لقد آن الأوانُ لتحقيق التطبيع والسلام” وكل ذلك عبر الحسابَين الرسميين للاثنين.
لم يكن هناك أيُّ سبيل لتبرير هذه “الحميمية” الفجة، كالقول إنها مجرّد “تغريدة غير مقصودة” أَو أي شيء من العبارات المماثلة التي يردّدها الذبابُ الإلكتروني الخليجي على مواقع التواصل؛ لتبرير كُـلّ خطوة تطبيع خليجية، فالمادة التي شاركها “بن زايد” كانت تحتوي على مضمون شكل بحد ذاته فضيحةً أُخرى.
يقولُ المقالُ الذي سارع “بن زايد” إلى وضعه على حسابه الرسمي، إنه “يتم رسمُ خرائط جديدة للوعي الإسلامي، والكراهيات القديمة في حالة فرار”، ويضيف أن “الجيل العربي الجديد يريد من القادة العرب زيادةَ الازدهار الاقتصادي وتقليل النزاعات السياسية وبناء التحالفات، بما في ذلك مع إسرائيل”.
ويتحدث المقالُ أَيْـضاً عن دور الإمارات بالذات في هذا “التحالف”، موضحاً أنه “في دبي، كان اليهود يمارسون عبادتَهم في كنيس منذ عدة سنوات، وحاخامات من إسرائيل وأمريكا وأستراليا وأوروبا يحضرون مؤتمراتِ السلام الدولية السنوية التي عقدها العالم الإسلامي المشهور عبدُالله بن بية، في أبوظبي لمدة عامين، وفي زي الحاخام الكامل”.
ويضيف المقال أَيْـضاً متحدثاً عن السعودية قائلاً: إن “رابطةَ العالم الإسلامي ومقرُّها مكة، بدأت اجتماعاتٍ مع منظمات يهودية مختلفة. ويشيد العديد من المدونين السعوديين وشخصيات على مواقع التواصل، بإسرائيل، باللغة العربية”، مُشيراً إلى زيارة الناشط السعودي محمد سعود إلى فلسطين المحتلّة.
ويوضح المقال أَيْـضاً أن من أسماها “الحكومات العربية المعتدلة” تنظُرُ إلى إسرائيل “كشريك تجاري وأمني”.
وإلى جانب ذلك، يعدّد المقال أَيْـضاً جوانبَ “التعايش” بين عدة أنظمة خليجية عربية وبين إسرائيل، وهو كلامٌ يتجاوَزُ مصطلحَ “التطبيع” بنسخته السياسية، بل يؤكّـد أن الدول الخليجية وبعض الدول العربية تجمعها بالكيان الصهيوني رابطة “أُخوّة” قديمة وتأريخية ودينية، حيث زعم المقال أنه “يتم تكريمُ شعب إسرائيل مرارًا وتكرارًا في القرآن، مما يؤكّـد أن لليهود كُـلَّ الحق في الاستقرار في القدس وحولها وكان عمر، صديقُ النبي، الذي دعا اليهود للعودة إلى القدس في عام 637 بعد خمسة قرون من نفيهم من قبل الرومان”!
مشاركةُ “بن زايد” لهذا المحتوى كانت قفزةً على كُـلّ الخطوط التمهيدية لإعلان التطبيع، مع أنه في الحقيقة لم يعد هناك أية خطوط من هذه، فخلال السنوات الأخيرة ظهر “الانفتاح” الخليجي على إسرائيل وكأنه ليس جديداً أبداً.
وعلى أية حال، فإنَّ مشاركةَ بن زايد لما نشرته المجلةُ البريطانية كانت حرصاً واضحاً منه على إعلان موقف الإمارات الرسمي من التطبيع، وجاء تعليق “نتنياهو” على ذلك ليؤكّـد هذا الأمر وليجعل منه “الصدمة” المرجوة لكسر ما تبقى من حاجز “العداوة” لدى الجماهير العربية والخليجية بشكل خاص، إذ لا يقتصر ذلك على الإمارات وحدها، فقد كان النظام السعودي ممثلاً بولي عهد المملكة “محمد بن سلمان”، خلال الفترة الماضية، بمثابة ناطق رسمي باسم دول الخليج كلها فيما يتعلق بالتطبيع و”التحالف” مع إسرائيل، وله في هذا السياق تصريحاتٌ يصعُبُ نسيانُها حول “حق اليهود التاريخي والديني في أرض فلسطين”، إلى جانب لقاءاته مع رؤساء منظمات صهيونية في أمريكا.
ظلت مثلُ هذه المغازلات تصدُرُ عن ناشطين وسياسيين خليجيين على مدى السنوات الماضية بشكل مكثّـف، وانتقالها إلى الحالة “الرسمية” اليوم يؤكّـد فقط أن حملات التطبيع الإعلامي التي أديرت سابقاً قد آتت أكلها في التهيئة للانتقال إلى الإعلان الرسمي عن التطبيع، فخطوة مثل هذه التي قام بها “بن زايد” كان من شأنها سابقاً أن تشعل غضباً واسعاً، لكنها اليوم مرت بسلام، بل وحظيت بتأييد من بعض مستخدمي مواقع التواصل التابعين للأنظمة الخليجية.
والحديث عن “تحالف” بين الدول الخليجية و”إسرائيل” ليس وليد مغازلة “بن زايد” و”نتنياهو” فخلال السنوات الأخيرة، وبالذات مع ثبوت مشاركة تل أبيب في العدوان على اليمن، كان الإعلام الخليجي والنشطاء الخليجيين يتحدثون بشكل واضح وصريح، وفي الوسائل الإعلامية الرسمية، عن “ضرورة” إعلان هذا “التحالف”، وذلك في الوقت الذي زادت فيه الزيارات الصهيونية المعلنة إلى الأراضي الخليجية، والعكس، بل وقد تبلور هذا “التحالف” بشكل واضح في عدة لقاءات جمعت دول الخليج بإسرائيل، وكان أبرزها ما يسمى “مؤتمر المنامة”.
وكان مسؤولون إسرائيليون قد تحدثوا عن هذا “التحالف” بشكل صريح لوسائل الإعلام العبرية وربطوه بالعدوان على اليمن، فيما عبّر “نتنياهو” نفسه، وأكثرَ من مرة، عن وقوفِ الكيان الصهيوني إلى جانب العدوان، وتحدث أَيْـضاً عن المطامع الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندبِ.
والحقيقةُ أن دولَ الخليج لم تحاول أن تنكرَ اشتراكُها مع “تل أبيب” في العدوان على اليمن، بل حاولت بكل وقاحة أن تستخدمَ ذلك كمبرر للمزيد من التعاون الخليجي الصهيوني، تحت ذريعة “مواجهة إيران”.
السفارةُ الإماراتية في بريطانيا تهنّئ اليهودَ بـ “مهرجان الأنوار”:
بعد ساعات قليلة من مغازلة “بن زايد” لـ “نتنياهو”، وعلى موقع “تويتر” أيضاً، نشر حسابُ السفارة الإماراتية في بريطانيا، تهنئة لليهود بمناسبة “أول يوم من مهرجان الأنوار”.
ووصفت السفارةُ الإماراتية اليهود في تلك التهنئة بـ “أصدقائنا في الإيمان”، كما لو أنها تصادقُ على ما نُشِرَ في المقال الذي شاركه بنُ “زايد” حول “الأخوّة بين العرب واليهود”.
هذه التغريدة قوبلت هي الأُخرى بتعليقاتٍ ترحيبيةٍ من قبل نشطاء وصحفيين صهاينة.
والإمارات نفسُها هي من تدفع مرتزِقتَها في اليمن إلى مهاجمة الاحتفالات الشعبيّة بمناسبة المولد النبوي، حيث يصفونها بـ “البدعة” كما نرى كُـلَّ عام.
يشار إلى أن الإمارات كانت دائماً من أكثرِ الدول العربية مسارعةً إلى إعلان خطواتها التطبيعية مع إسرائيل و”الترويج لها” على وسائل الإعلام ومواقع التواصل، وما زال نشطاءُ مواقع التواصل يتداولون صورَ الوزيرة الصهيونية داخل مسجد “زايد” حتى اليوم.