(عاصفةُ الحزم) في مواجهة (النفَس الطويل)
عبدالمنان السُّنبلي
ونحنُ على أعتاب الدخول إلى العام الخامس من العدوان على اليمن، فقد بات واضحاً أكثر من ذي قبلُ أنه كلما طال أَمَــدُ الحرب فإن ذلك يصُبُّ في مصلحة اليمنيين أكثر على حساب طبعاً تحالف قوى العدوان والدائرين في أفلاكهم..
فأيُّ الاستراتيجيتين المتبعتين نستطيعُ أن نقولَ عنها اليوم إنها الأقربُ والأكثر تناسُباً واتِّساقاً مع هذا الكلام، استراتيجيةُ (عاصفة الحزم) التي أعلن عنها الجبير من واشنطن والعاهل السعوديّ في خطابه المتلفز الأول كخطة عسكريّة لا بديلَ عنها لحسم المعركة أم استراتيجية (النفس الطويل) التي أعلن عنها السيد عبدالملك الحوثي في خطابه المتلفز الأول أَيْـضاً كخطة عسكريّة لا بد منها للمواجهة وصد هذا العدوان؟!
للإجابة عن هذا السؤالِ علينا أولاً أن نتعرَّفَ على ماهية هاتين الاستراتيجيتين أَو الخطتين المتبعتين من جانبَي طرفَي المعركة أَو الصراع.
من المعروف طبعاً أن العاصفةَ توحي بالسرعة، والحزم يوحي بالقوة وكلاهما لا يستغرقُ لحدوثه سوى مدة زمنية قصيرة فإما يحقّقان هدفَهما في هذه المدة القصيرة وإما يمضي عليهما الوقتُ فتهجع العاصفةُ وتفتُرُ القوةُ!.
وأمَّا النفَس الطويل فإنه يوحي بالصبر والأَنَاةِ وطولِ البال، وهذا الأمرُ يستغرقُ لحدوثه مدةً زمنيةً أطولَ وكلما طالت هذه المدة كلما تحقّق الهدفُ منه أكثرَ وأكثر.
وبما أننا اليومَ على وشك الدخول إلى العام الخامس من المعركة فإنَّ هذا يعني أنه لم يعد هنالك وجودٌ لا لعاصفة ولا لحزم لطول المدة طبعاً وانقضاء الوقت، أليس كذلك؟
مِن منكم لا يزالُ تتردّدُ على مسامعه اليوم هذه العبارة (عاصفة الحزم) والتي طالما أصمت آذاننا بها وسائلُ إعلام الدنيا في البدايات الأولى من العدوان؟
مِن منكم لا يزالُ يتذكَّرُ آخرَ مرة سمع هذه العبارة؟
لا أحد طبعاً فقد انقضت المدةُ وطال على الناس الأَمَــدُ فلم يعودوا يتذكرون منها شيئاً سوى ما خلّفته من أطلال!
إذاً ما اسمُ هذه المعركة التي نعيشُها اليوم؟
إن ما نعيشُه اليوم إنما يدخُلُ في إطار استراتيجية أَو معركة (النفَس الطويل)، المعركة التي استطاعت أن تستنزفَ العدوّ وتجعله لم يعد يفكر سوى في البحث عن طريقةٍ للهروب وحفظ ماء الوجه!
فهل كان السيد عبدالملك الحوثي يعي جيِّدًا حقيقةَ وحجمَ المعركة وأبعادَها حين اعتمد استراتيجيةَ (النفَس الطويل) أكثرَ من كُـلّ أولئك صانعي القرار وطابخي السياسات العسكريّة السعوديّة والإماراتية ومَن وراءهم والذين اعتمدوا استراتيجيةَ العاصفة والتي أثبتت فشلَها الذريعَ وجرجرت أذيالَها دون أن تحقّقَ هدفاً معلناً واحداً سوى الدمار والخراب؟!
فها هي العاصفةُ لم يعد لها من وجودٍ يُذكر!
وها هو العدوانُ كما ترون أضحى يعيشُ حسراته ويتخبط في سكراته؛ تأهُّباً للفظ أنفاسه الأخيرة!