المنظمات “اللاإنسانية”.. صورةٌ من صور العدوان على الشعب اليمني
العدوانُ على اليمن يكشف استهتارَ المنظمات الدولية وعبثها بالأموال الممنوحة من العالم:
سياراتٌ فارهة وحوافزُ خيالية يجنيها العاملون والقائمون على المنظمات فيما الفقراء يموتون قهراً
المسيرة: جبران سهيل:
كلُّ ما يحدثُ اليومَ في اليمن بعد خمسة أعوام من العدوان السعوديّ الأمريكي الإماراتي المنسي، خلق معاناةً حقيقيةً طالت فئاتِ الشعب، وبالأخص الأطفال والنازحين والفقراء المعدمين، كُـلُّ هذه المعاناة لملايين من الأطفال في اليمن هي من صنع العدوان وأدواته.
إذ اليوم نحنُ ننظرُ إلى مخاطر مجاعة محتملة في اليمن، وأمراض وأوبئة تنتشرُ بشكلٍ مخيفٍ لتتضاعف معها المعاناةُ، المسؤولُ الوحيدُ عنها تحالفُ العدوان، حيثُ والأطفال هم الضحيةُ الأكبرُ ويدفعون الثمنَ باهظاً.
المعلمون أَيْـضاً شريحة كبيرة جِـدًّا لم يتلقوا رواتبهم لسنوات وليس لأشهر؛ بسَببِ استهدافِ العدوان لقطاع التعليم وقطع رواتب الآلاف من المعلمين بعد نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن المحتلّة، في إطار حرب اقتصادية شاملة تطال كافّةَ مناحي الحياة.
مئاتُ الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ ما زالوا يحاولون الحصولَ على أبسطِ الخدمات، جميعهم الصغار والكبار يعانون كثيراً، ولك أن تتخيّلَ رغم ملايين الدولارات التي تصرفها المنظماتُ في الجانب الصحي مثلاً بمحافظة حجة إلّا أن المستشفيات فيها تقف عاجزةً في عمل شيء لمرضى القلب والسرطان، فمستشفياتُ المحافظة تفتقرُ حتى لوجود جهاز تشخيص حديث لمعرفة الحالة الصحية للمرضى، مما يضطرهم لتحويلهم إلى صنعاء والحديدة.
لقد تعرّضت اليمنُ لأعنف موجة تفشي الكوليرا والإسهالات المائية الحادة، ثم ظهرت حمى الضنك بوحشية لتفتك بأرواحِ الكثير خَاصَّةً في المناطق التهامية مع انتشار موجة نزوح كبيرة ومخيمات تفتقر لأدنى المعايير وأبسط الخدمات، حيث زرنا مخيمَ “المرداح” الواقع بالقرب من مديرية عبس محافظة حجة، فوقفنا على صور ومشاهد مؤلمة وأوجه كثيرة ومختلفة لأنواع المعاناة، الكثيرُ مصابون بأمراض جلدية وكبار مصابون بأمراض مزمنة، منهم من هو مصاب بجلطةٍ لا يستطيعُ الحركةَ كحال (علي حسن عبدالله جابري)، الذي ولأعوام ظلَّ طريحَ الفراش دون عمل شيء لحالة تستحق الكثير كهذا، وكذلك امرأة تدعى (حمامة علي بيشي الأكوع) التي تعيش وضعاً صحيًّا يُرثى له، وكلُّ هؤلاء نازحون من منطقة بني حسن بمديرية عبس ومن حرض.
وآخرون معاقون؛ بسَببِ تعرّضهم لغارات جوية قبل نزوحهم، والكثير تتناوب عليهم حمى الضنك بشكلٍ مخيف.
إذَن، هنالك أمل إذَا وُضع الاستثمارُ الصحيحُ للأموال الطائلة التي تصرفها المنظماتُ في أشياء غير مفيدة وباستهتار، فقد سألنا البعضَ عن مدى وصول المساعدات إليهم ودور المنظمات، فأجابوا بسخطٍ وعدمِ رضا عن تلك المنظمات التي علق حولَها أحدُ النازحين قائلاً: إن أكثرَ شيء ترسّخ بعقولهم هي سيارات فاخرة واستبيانات ومعلومات وتصوير، وفي الأخير يقدّمون حباتٍ من الصابون أَو سلة غذائية لعدة أشهر ثم تتوقّف.
إنهاء المؤامرة الدنيئة التي تنفّذها المنظماتُ وتحوّلت إلى صورةٍ من صور العدوان على بلادِنا، وهذا الأمرُ يتطلب مساءلةً للضمير العالمي إلى جانب قوى العدوان، حيث يعاني الأطفالُ الذين يعيشون في المخيمات وغيرها من المأوى غير المعزولة جيَدًا للبرد والمرض وفي الحالات القصوى الوفاة والطفح الجلدي بالمناطق الساحلية وتكدس القمامة والمستنقعات؛ نتيجةَ الأمطار والتي ينتشرُ من خلالها البعوضُ الناقلُ لمرض حمى الضنك.
لا يكاد العام 2019م يرحل إلّا وهناك وباء مرضي جديد يغزو اليمنَ، أنتجه الحصارُ والعدوانُ السعوديُّ المستمرُّ.. إنه مرضُ إنفلونزا الخنازير H1N1، إذ سجّلت وزارةُ الصحة أكثرَ من ثلاثمِئة حالة إصابة، توفي منها أكثرُ من سبعين، فيما تزال بعضُ الحالات في المستشفيات تتلقى الرعايةَ الصحية، الأمر الذي زاد من معاناة الأسر والنازحين والمعدمين وخوفهم على أنفسهم وعلى أطفالهم من ما تحمله الأيّامُ مع استمرار الصمت العالمي المخزي وتنصل الأمم المتحدة وجمعياتها عن القيامِ بدورهم تجاه ما يقعُ على اليمن وشعبها من عدوان وحصار لا مبرّرَ لهما على الإطلاق.
الشاب (مسواك محمد عبدالله خوامل) يعيشُ في مخيم “المرداح” الواقع ما بين مديرية عبس محافظة حجّة ومنطقة خميس الواعظات الحديدة على الطريق الدولي، الذي جعله العدوانُ عاجزاً عن العمل؛ نتيجةَ تعرّضه لشظايا صاروخ أثناء استهداف طائرات تحالف العدوان لمستشفى عبس الذي تُشرف عليه منظمةُ أطباء بلا حدود في العام 2016م منتصفَ شهر أغسطُس، حينها كان أحدَ الناجين من تلك الضربة.
العدوانُ مستمرٌّ… إذاً للقصة بقية.