رجالُ الله
مرتضى الجرموزي
لله في أرضه جنودٌ من البشر، رجالٌ لله، مؤمنون صادقون، ابتاعوا حياتَهم ومماتَهم وأموالَهم وأنفسَهم من الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، مخلصين له الدينَ ولو كره الكافرون والمنافقون ومهما عمل الطغاةُ والجبابرةُ.
رجالٌ تركوا الدنيا بحذافيرها، عجزت الدنيا عن إغرائهم للوقوع في حبها والعمل لأجلها، خَاصَّة تمتلك المقومات من الجمال والحلي والجواهر من قد يذوب لها الكثيرُ من البشرية، وفتحت أذرعها لتحتضنهم، إلّا أنهم رأوا جمالَها زائفاً وطعامَها فتاتاً فطلقوها طلاقاً بائناً، وإلى جبهاتِ القتال تحَرّكوا مجاهدين في سبيل الله، أجادوا النزالَ والتحموا مباشرةً بالأعداء ومكنهم اللهُ من عدوهم الذي يضمر للدين والعروبة الشرَ كُـلَّ الشر.
وعلى امتدادِ المواجهة ودحر المعتدين، وثب رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللهُ عليه، فمنهم من ارتقوا إلى العليا شهداء أحياء عند ربِّهم يُرزقون، فرحين بما آتاهم اللهُ من فضله وجزيلِ عطائه الذي لا ينضب، إلى عالمِ الخلود ارتقوا شهداء، إلى قربِ الله وإلى جوار أنبياء الله كانت محط رحلتهم، ويستبشرون بخير الله ونعمه للذين من بعدِهم أن لا خوفٌ عليهم من النار ولا هم يحزنون، فقد فازوا برضوانِ الله وحظوا برعايةِ الله ومنحهم اللهُ الدرجةَ العظيمة الدرجة العالية والمقام السامي، وما يلقّاها إلّا الذين صبروا وجاهدوا وآمنوا، بالنور والهدى، وما يلقّاها إلّا ذو حظٍّ عظيمٍ، صدقوا اللهَ فصدقهم ووهبهم ما وعدهم وأعطاهم الجزاءَ الأوفى بما صبروا وتعبوا ورابطوا وجاهدوا.
ومنهم من ينتظرُ مجاهداً في سبيلِ الله مرابطاً في مواقع الشرف والبطولة، يذود عن حمى الدين وعن شعب الحكمة والإيمان، واقفاً بحزمٍ وثبات في وجه العدوان السعودي وأدوات إجرامه ودواعشه، ولم يبدّلوا تبديلاً، فهم أولئك العظماءُ من يحقُّ لنا أن نفتخرَ بهم ونعانق المجدَ لنبلغَ عالمَ الحرية والعزة والكرامة وسيادة القرار والاستقلال..
فبدماء الشهداء وتضحيات الجرحى ومعاناة الأسرى، نُسجت خيوطُ المجد واعتلت رايةُ الحق اليمني عاليةً فوق السُحب مشرفةً على النجوم، فهم وهبوا روحَ الحياة لأبناء اليمن الشرفاء ومنحوا اليمنَ مجداً عربياً يناطح السحابَ شموخاً والسماء حرّية، وعنفواناً يمانياً يُبدّد أحلامَ العدا ويحيل مخطّطاتهم الإجرامية إلى سرابٍ يضاجع قيادةَ العدوان السعودي الإجرامي..
هم أولئك المجاهدون والصامدون والثابتون في زمنِ الاهتزاز والأحرار، في زمنٍ خنع فيه الكثيرُ ممن يُحسبون على الإسلام، هم اليمانيون, هم العربُ الأقحاح في زمن تُسارع فيه الأنظمةُ العربية للتطبيع مع الصهاينة المحتلّين، لكنه وحدَه اليمنيَّ من يرفض التبعية ويرفض فتحَ خطوط التطبيع مع اليهود والنصارى، هم الصابرون المقاومون، في وجه العداء محترزون، هم الشهداءُ الأبرارُ من إلى عالم السماء شدّوا رحالَهم وغادروا إلى حيث يريدهم اللهُ بجنة الرضوان، مكرّمين بدمائهم الطاهرة ونفسياتهم الزكية الكريمة، من بدمائهم كتبَ التاريخُ مجداً لليمن إشراقاً وتنويراً.
وهم الجرحى من بجراحاتهم يتطيّب الأحرارُ وتتخضّب الهاماتُ لتكتب بأرواحنا ودمائنا: نفديك دينَ الله واليمن.
وهم الأسرى من بمعاناتهم يُسطرّون أعظمَ تضحية في عالم الصبر والتحمل والجلد، وأصبحوا سفراء حريتنا وكرامتنا في معتقلات تحالف العدوان ومرتزِقته.
هم أولئك رجالُنا البواسل من تسلحّوا بعزيمة الإيمان والإصرار والتحدي والصبر والتحرّر، لينبّروا لها في ميدان العمل الجهادي ويقدمون أرواحَهم رخيصةً في سبيل الله ونصرة المستضعفين، ابتاعوا حياتَهم وأنفسَهم من الله؛ طمعاً في مرضاته وابتغاءَ رضوانه ورحمته، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤفٌ بِالْعِباد).
هو جلَّ في علاه من سيرأف بعبادِه المجاهدينـ من سيتكفل بعنايتهم في جبهاتِ القتال وفي الثغور، وهو -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- المددُ والعونُ الذي يحتاجه رجالُنا في مواجهةِ تحالف الإجرام السعودي الأمريكي في مختلف الجبهات ومحاور القتال، وبُرْهانُ ذلك هو العملُ الجبّارُ الذي يسطرّه المقاتلُ اليمنيُّ والذي يستمدُّ قوته من قوة الله وبأسه وهو يتحدّى عتاولةَ الإجرام والبغي، مواجهاً أعتى جيوش العالم وأكثرها عدداً وعدّة وتسليحاً، ويكبّدهم الخسائرَ الفادحة وهو ينكل بهم ويلقنهم عظيمَ دروس التضحية والفداء والاستبسال، ويسقيهم كؤوسَ المنايا عذاباً حميماً وغساقاً في الدنيا، وما زال ينتظرهم ما هو أشدُّ وأقسى وأخزى وآلمُ، وسيخزيهم اللهُ في الدنيا والآخرة, العاقبةُ هي للمتقين المجاهدين الصابرين المحتسبين الأجرَ منه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، ولعالمِ الشرِّ والإجرام ستكون عاقبتُهم خزياً وذلاً، وشقاءً، وعناءً وهواناً، وسيعلمُ الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون.