عُملة حكومة النفاق وقرارُ تجريم التعامل بها
منير إسماعيل الشامي
كانت طباعةُ العُملة هي الوسيلة الأسهل تنفيذاً والأقوى أثراً والأسرع نتائجاً في استهداف العدوان لاقتصادنا الوطني مستخدماً (حكومة الارتزاق) كأداة قذرة لتنفيذ هذه المؤامرة الخبيثة، وقد لجأ إلى هذا الأسلوب بعد أن فشلت كُـلُّ أساليب حربه السابقة في استهداف الاقتصاد.
لقد اتجه إلى تدمير العُملة بطباعة تريليوني ريال يمني وضخها إلى الأسواق، لينتج عن ذلك انخفاضُ القيمة الشرائية لعملتنا الوطنية وتتضاعف كُـلُّ أسعار السلع والخدمات مستهدفاً بذلك رفع معاناة كُـلّ يمني وتوسيع دائرة الفقر في المجتمع ورفع نسبة البطالة إلى الحدِّ الأقصى، وتحقيق كُـلّ ذلك في أسرعِ وقتٍ وأقصر زمن، وهو ما حدث فعلاً على أرضِ الواقع وشهدتها السوقُ المحلية في كُـلِّ أرجاء الوطن.
وعلى الرغمِ من قيام البنك المركزي في صنعاء بواجبه كمؤسّسة نقدية مختصة باتّخاذ سلسلة من الإجراءات لمواجهة هذه الكارثة، مثل التعميم للبنوك التجارية وشركات الصرافة والتجار والمواطنين بعدم التعامل بهذه العُملة، إلّا أن الجميعَ ضرب بتوجيهات البنك عرضَ الحائط، وصمّوا آذانَهم عنها وساهموا في انتشار هذه الكارثة في الأسواق، غير مدركين المخاطر التي سيجنيها الجميعُ؛ بسَببِ عدم استجابتهم لتوجيهات البنك المركزي وتحذيراته، وبناءً على ذلك فيمكن تحديدُ أسباب تفشي وانتشار هذه القنبلة النقدية فيما يلي:
١- شركاتُ الصرافة لم تلتزم بتوجيهات البنك المركزي ومثّلت تلك الشركات الأداة الثانية للعدوان ومرتزِقته في ضخِّ هذه العُملة إلى الأسواق وفي استخدامها للمضاربة على العُملة الأجنبية وشرائها بأسعار خيالية من هذه العُملة، إضافة إلى أنها ساهمت في ضخها إلى السوق النقدية عن طريق صرف الحوالات للمواطنين منها، ما يعني أن هذه الشركات كان لها الدورُ الأكبر في ذلك.
٢- التجارُ بمختلف مستوياتهم لم يلتزموا بتوجيهات البنك ومنحوا هذه العُملةَ ثقتَهم فيها بقبولها مما أجبر المستهلكين على الوثوقِ فيها أَيْـضاً، وتداولها الجميعُ بدون أي تحفظ أَو خوف.
٣- نتيجةً لثقة المجتمع بها، فقد تشجّع المرتزِقةُ في صفوفِ العدوان على استلام أُجور ارتزاقهم من هذه العُملة، وساهموا في ضخِّها في الأسواق بصورة مباشرة عبر الحوالات لأسرهم أَو بعودتهم بها.
المواطنون هم الآخرون كان لهم الدورُ الأكبرُ في تداول العُملة، فلم يلتزموا بتوجيهات البنك المركزي بصنعاء، بل على العكس منحوها ثقتهم وتداولوها كعُملة قانونية ولم ينظروا إليها كسلاح موجه ضدهم يستهدف أقواتهم ودخولهم.
قرارُ البنك المركزي الأخير بتجريم تداول هذه العُملة ومنح فرصة للأطراف المتداولة لهذه العُملة؛ لكي يتخلصوا منها، كان المفروضُ أن يصدرَ بعد طباعة المرتزِقة لأول دفعة من هذه العُملة، وأن يتخذ إجراءات صارمة ضد المخالفين من حينه، ما يعني أن البنكَ المركزيَّ هو الآخرُ كان له دورٌ ساهم في انتشار تداول هذه العُملة؛ لأَنَّه اكتفى بمتابعة شركات الصرافة فقط وتفتيشها بحثاً عنها لديهم، وهذا يُمثّل تقصيراً في مهامه لحماية العُملة والحدِّ من حدوث كارثة التضخم؛ بسَببِ هذه العُملة.
لأنه لو أصدرَ هذا القرارَ في حينه ولم يتأخر به حتى اليوم، لما تحمّل أية مسؤولية تجاه انتشارها ولكن؛ بسَببِ تقصيره فقد اضطر إلى تحمّل المسؤولية عن ذلك، وفتح فرصة لاستبدالها بالريال الإلكتروني، وهذا الإجراءُ شرعن للطابور الخامس محاولةَ إثارة غضب الآلاف ممن اكتنزوا هذه العُملة ضد حكومة الإنقاذ وضد البنك المركزي، عبر بثِّ الدعايات الكاذبة والإشاعات المغرضة بين الناس، مما انعكسَ على ثورانِ حالة السخط بين أوساطهم ولقلة وعيهم فهم غيرُ مدركين أن سببَ قرار البنك هو من أجلِ حماية العُملة الوطنية من التدهور في قيمتها الشرائية ومحاولة القضاء على التضخم، والحد من استمرار ارتفاع الأسعار الجنوني، وأن الدافعَ لصدور هذا القرار هو قيامُ حكومة الارتزاق بمخالفة ما تم الاتّفاقُ عليه ومخالفة التزامها بعدم طبع أية دفعة جديدة بقيامها مؤخّراً بطبع دفعة جديدة منها بقيمة ٨٠ مليار ريال، وأن البنكَ المركزيَّ لو لم يتخذ قراراً بتجريم التعامل بهذه العُملة فإن سعرَ الريال سيضيعُ وسيتجاوزُ سعرُ الدولار أمامَ الريال الألف وربما الألفين، ما يعني تضاعفَ الأسعار وارتفاعها عشرات المرات عما هي عليه الآن، وهذا هو ما لا يفهمه المواطنُ العاديُّ وما يجب أن يفهمه ويعيه كُـلُّ المواطنين.