هل سيكون دم اللواء سليماني الطوفانَ الذي يجرف بأمريكا وأزلامها من المنطقة؟
عبدُالقوي السباعي
تُصنِّفُ الإدارة الأمريكيةُ الشهيدَ اللواء قاسم سليماني –بحسب ما ورد في التقارير الصحفية الأمريكية– على أنه الشخصُ الثاني في إيران من بعد خامنئي، فأهميّته تكمُنُ من خلال تمكّنهُ من إمساك المِـلَـفّات الخارجيّة الإقليميّة في سوريا، العراق، لبنان واليمن، وحتى منطقة الخليج والجزيرة العربية، كما تتّهم واشنطن تحديداً كتائبَ حزب الله العراقي التي يتزعمها الشهيدُ المهندس وهي الفصيل المنطوي في الحشد الشعبي، بالوقوف خلف هجوم صاروخي استهدف قاعدةً أمريكيةً في كركوك شمالي العراق وأدّى إلى مقتل أمريكيين، غير أنّ الرسالةَ الأمريكيةَ في هذه العمليّة كانت واضحةً للعيان، إذ تؤكّـد أنّ الإدارةَ الأمريكيةَ باتت مضطربةً ومنزعجةً من الصحوة التحرّرية للشعب العراقي ومتخوفةً جِـدًّا من انفراط العقد العراقي الذي بدأت ملامحُ انعتاقهِ من اليد والهيمنة الأمريكية تلوح بالأفق، فمُنذ الاجتياح الأمريكي للعراق العام 2003م حتى اليوم ظلت الإدارةُ الأمريكية هي الحاكم الفعلي والمتصرف في القرار العراقي، فهي اليوم لن تتهاونَ ولن تتنازلَ عن مشاريعها في العراق، ولن تتراجعَ أمام ما تعتقدهُ المشروع والتحَرّكات الإيرانية في المنطقة.
هذه العمليةُ التي جذبت إليها العديدَ من الأطراف الدولية وأفرزت الكثيرَ من التداعيات والتباينات المختلفة حول ردود الأفعال وعن تكهناتها المتضاربة عمَّا سيؤول إليه الوضع في المنطقة نتيجةً للرد الإيراني، غير أن طبيعةَ هذا الردّ يرتبط بموقف خامنئي والحرس الثوري الإيراني وأعلى دائرة في إيران وهو المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، والذي ولأوّل مرّة خامنئي هو من ترأس الاجتماع فيه، فالمجلسُ الأعلى للأمن القومي في هذا الاجتماع الاضطراري وعبر دراسته لأبعاد الحادثة اتّخذ القراراتِ اللازمة، وأشَارَ في بيانه إلى أن النظامَ الأمريكي هو المسؤولُ عن عواقب هذه المغامرة الإجرامية، وعليه أن يترقب انتقاماً قاسياً في الوقت والمكان المناسبين، الأمر الذي يؤكّـد أنّ الردَّ سيكون مباشرًاً، فالحربُ الوشيكة ستكون هذه المرّة مواجهةً مُباشرة –والردّ الإيراني سوف يُقابل بردٍّ أمريكي–، ولا شك أن المنطقةَ متجهةٌ نحو تصعيد عسكريّ، فإيران اليوم لن تدخلَ الحربَ منفردةً فهناك أَيْـضاً محور المقاومة في سوريا ولبنان والعراق وَاليمن وفلسطين وكل أحرار العالم سيواجهون الغطرسةَ الإمبرياليةَ الأمريكيةَ بكلِّ قوة، وسيكون مضيقُ هرمز له الحصة الكبيرة بهذا المِـلَـفّ إلى جانب القواعد والحاميات الأمريكية المنتشرة في المنطقة، فقواعدُ الاشتباكات قد تبدّلت في هذه المرحلة، ويتوقع الجميعُ خلال الأيّام القليلة القادمة ردّاً إيرانياً قاسياً قد يستهدف عصبَ الاقتصاد الأمريكي في المنطقة وليس فقط القواعد العسكريّة، وبكلِّ تأكيدٍ السعوديةُ سوف تتأثر كما الإمارات ما لم تُعلن الأخيرتان عن تبرأها من دم الشهيد سليماني، إذ إنه لم يكن وارداً ضمن بنود تحالفهم مع الأمريكان، فالمتوقعُ سيكون خارج حسابات الولايات المتحدة –بحسب تداعيات الأحداث–، فإيران تتحضّر لما يشبه الحرب الشاملة، ففي هذه الأثناء تقوم الطائراتُ الإيرانيةُ بجولات لها في الداخل الإيراني والمتاخم للخليج، وعلى ما يبدو أن هناك تحَرّكات عسكريّة بحرية جبّارة، الذي سوف يُقابل بتحَرّك شعبي إيراني، يؤكّـد أن هذا التحَرّك العسكريَّ مدعومٌ ومسنودٌ من الإرادة الحرة للشعب الإيراني.