سليماني والحشدُ الشعبي والردُّ المحسوم
مطهر يحيـى شرف الدين
قبلَ عشرة أيام قصف العدوُّ الأمريكيّ مواقعَ الحشد الشعبي والذي يشكل محور المقاومة ضد عناصر التخريب والتكفير والاستكبار، ويمثل عنصر قوة ومنعة الشعب العراقي، الأمر الذي يتطلب من جميع الشعوب العربية والإسلامية الوقوف بجدية وحزم وقوة لمواجهة عنجهية وتسلط أمريكا بعدوانها الوحشي والغادر وانتهاكها المستمرّ بحقِّ سيادة العراق وشعبه، كما يتوجب على الشعب العراقي بالذات القيامُ بمظاهرات حاشدة دون توقف؛ للمطالبة بطرد الوجود الأمريكيّ وإغلاق السفارة الأمريكيّة، وبعد قصف كتائب الحشد الشعبي بأيام استهدف العدوُّ الأمريكيّ بالقصف قائدَ فيلق القدس التابع لقيادة الحرس الثوري الإيراني المجاهد الكبير قاسم سليماني ومعه المجاهد أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، منذُ أكثر من أربعين عاماً والحاج قاسم يُمثّل رمزاً مناهضاً لدول الاستكبار العالمي ورافضاً للوجود الأمريكيّ في المنطقة، وبلا شك فإن ظروفَ المرحلة اليوم ومجمل العلاقات الدولية ستتغير؛ بفعلِ استهداف الحشد الشعبي واستشهاد المجاهد الحاج قاسم سليماني، وستتحقّق بفضل عظمة أرواح ودماء الشهداء أهدافُ محور المقاومة وتتعاظم انتصاراتُها ببركة التضحيات التي قدّمها المجاهدون العظماء أمثال الشهيد القائد حسين الحوثي، وَالرئيس الشهيد صالح الصماد، والشهيد الحاج عماد مغنية، والمجاهد أحمد ياسين.
ولذلك فإن ما بعد استشهاد القائد البطل الحاج قاسم لن يكونَ كما قبل استهدافه، وسيثبت الزمنُ القريبُ أن هناك ألف ألف قاسم سليماني، وأن الرحمَ الذي أنجب سليماني قادرٌ على إنجاب الآلاف من أمثاله الأحرار الأبطال، وَسيدرك العدوُّ في الأيّام القليلة القادمة أنه ارتكب بفعل حماقته خطأً استراتيجياً لن يحمدَ عُقباه وسيدفع الثمن غالياً عندما تصبح دماؤه الطاهرة لعنات وويلات تلاحق الأعداءَ في قادم الأيّام لتجتث جذورَهم، ومن ذلك توجيه الرد المؤلم والثقيل الذي يُعتبر منذُ أن قتل الحاج قاسم مسألة محسومة لا تراجُعَ عنها.
الوجودُ والحضورُ الأمريكيّ على الساحة العراقية يمثل بلا شك ثقلاً وخطراً على أمن وشعب العراق، وليست التفجيراتُ والمفخخاتُ التي تركت أثراً دامياً ببعيدة عن المشهد الحاصل في محاولة القضاء على الحشد الشعبي واستهداف سليماني، والذي برهن ذلك المشهدُ وأكّـد ضلوعَ الأمريكيّ وأداته العميلة بشكلٍ مباشر في توجيه وصنع السيارات المفخخة منذُ احتلال العراق، التي ذهب ضحيتها الآلافُ من العراقيين شهداء وجرحى.
وإزاء كُـلِّ ذلك الإجرام وبالذات الحادثتين الأخيرتين، تقف معظمُ الأنظمة العربية موقفَ المحايد ولا نسمع صوتاً مندّداً أَو بياناً يستنكر القصفَ الغادر الذي لا يمكن وصف دوافعه إلّا بأنها ناتجةٌ عن عجز وفشل المؤامرة الصهيوأمريكيّة في تحقيق أجندتها ومشاريعها التدميرية لوحدة العراق ومقاومته وبنيته وشعبه، بل إن موقفَ النظام البحريني قد وقفَ إلى جانبِ الموقف الإسرائيلي وأبدى تأييدَه ومباركته القصفَ على كتائب حزب الله في العراق ووصف ذلك العدوان بالدور الاستراتيجي الذي تقوم به أمريكا، إضافةً إلى وصفها الحشد الشعبي بالجماعات الإرهابية، أما وزيرُ خارجية إسرائيل فقد رحّب بالهجوم الأمريكيّ على كتائب الحشد الشعبي التي وصفها بأنها قوات موالية لإيران في العراق، وقال إن ذلك يمثل نقطةَ تحول في ردود الفعل تجاه السلوك الإيراني بالمنطقة.
المتحدّث باسم البنتاغون صرّح بأن القصفَ يأتي رداً على هجمات حزب الله وفصائل الحشد الشعبي المتكرّرة على القواعد العسكرية التي تستضيف قواتِ التحالف على الأراضي العراقية، وبذلك يؤكّـد البنتاغون أن الهدفَ من الضربات هو إضعافُ قدرة حزب الله على تنفيذ هجمات مستقبلية ضد قوات التحالف.
ولهذا يتبين جلياً مدى التدخل الأمريكيّ السافر والوقح في الشؤون الداخلية للعراق وشؤون سياستها الخارجية والداخلية الهادفة إلى القضاء على الإرهاب الذي تصنعه أمريكا وحلفاؤها في المنطقة، وقد أزعج هذه الأخيرةَ تنامي مقاومة الشعب العراقي الساعية إلى حفظ أمن واستقلال وسيادة العراق، وقد أزعجها أكثرَ انسجامُ محور المقاومة للوجود الأمريكيّ في كُـلٍّ من العراق وسوريا ولبنان واليمن التي أدركت فعلاً خطورةَ المؤامرة الصهيوأمريكيّة وتدخلاتها في الشأن العربي والإسلامي.
رحم اللهُ الشهيدَ قاسم سليماني الذي قال عنه السيّد القائد عبدالملك الحوثي رضوان الله عليه: “لقد فاز الشهيدُ الكبيرُ ورفاقه وأكرمه اللهُ بهذه الشهادة ليتوج بها مسيرته في الجهاد والعمل في سبيل الله تعالى، ومثلما كان في ميدان الجهاد والعمل فارساً عظيماً من فرسان الأمة ومن حاملي الراية وقائداً فاتحاً، فقد كانت شهادته خاتمةً ومشرفةً ولائقةً”.