حدثٌ جلل هزَّ العالمَ الإسلامي له تبعاته وارتداداته
نوال أحمد
في الساعاتِ الأولى من صبيحة الجمعة الفائتة، صحى العالمُ على فاجعةٍ كبرى، وحادثة أليمة أدمت القلوبَ وهزّت مشاعرَ ووجدانَ كُـلّ إنسان حي في العالم الإسلامي، جريمة شنيعة قامت بها أمريكا الشيطانُ الأكبر بتوجيهٍ من حاكمها الأحمق ترمب، ارتكبتها بحقِّ أبناء الأمة الإسلامية، جريمة اغتيال غادرة وجبانة بجُبن وَحقد مرتكبيها، طالت أكبرَ وأهـمَّ قائدين لمحور المقاومة الإسلامية، هما القائد لواء قاسم سليماني، ورفيق دربه المجاهد أبو مهدي المهندس، شخصيتان بارزتان كان لهما الدورُ الأكبر في مواجهة أمريكا وإفشال مشاريعها التدميرية في العراق، التي انتهكت أمريكا سيادتها، وراهنت على احتلالها والسيطرة عليها بكلِّ أرضها وإنسانها، العراقُ التي فداها هؤلاء القائدان بدمهما وبدماء رفاقيهما، الذين دافعوا على هذه الأرض، وقدّموا أرواحَهم فداءً لها.
اللواء قاسم سليماني الذي عُرف بفيلق القدس والذي كان فيلقاً بحقٍّ وحقيقة، أرعب أمريكا وحطّم كبرياءَها، وكسر شوكتها في بلدان عدة، قاسم سليماني الذي أفنى عمرَه بالجهاد وعلى مدى أربعين عاماً من التضحية والفداء، من البذل والإخلاص والصدق والعطاء، أربعين عاماً من النضال والشجاعة والصبر، والعمل الدؤوب في التصدي لمشاريع قوى الاستكبار العالمي، أربعين عاماً قضاها اللواءُ القائد قاسم سليماني في الدفاع عن فلسطين وأبناء فلسطين، والذود عن أهل سوريا، في حماية العراق وأهل العراق، أربعين عاماً من الجهادِ في مسيرة الحقِّ ومناهضة الباطل خُتمت بالشهادة التي كانت أمنيته والتي كان يبحثُ عنها في كُـلِّ سهل وجبل وواد فنالها وفاز بها سليماني، وتوّج مسيرته الجهادية بتاج الشهادة الأسمى والأغلى.
إن فُقدَ مثل هذا القائد الكبير سليماني ورفيق دربه المهندس يُمثّل خسارةً لهذه الأمة، لقد خسرت الأمةُ خسارةً كبيرةً برحيل هؤلاء القادة العظماء، ولكن الخسارةَ الأكبرَ سيُمنى بها هذا العدوُّ المجرمُ الشيطان الأكبر؛ لأن دماءَ القادة عندما تسقط فإنها تصنعُ في الأرض مجاهدين أقوى وأكثر عزم وإرادة وأكثر شجاعة، فلا يرتقي قادتنا شهداء إلّا وقد صنعوا رجالاً أبطالاً، وبنوا أمةً عزيزة عزمها كالحديد، وثباتها كالجبال، وها هي دماءُ الرجال الأحرار في كُـلِّ قُطر من منطقتنا الإسلامية، ها هي دماؤهم تفور غضباً، وستتفجّر ثأراً وانتقاماً.
الأمةُ التي يسقطُ قادتها شهداء هي التي تنتصرُ، وبسقوطِ هؤلاء القادة العظماء في أعظم ساحات النزال والمواجهة لعدوّ هذه الأمة، وأن ارتقاءَ هذين الشهيدين وفوزهما بالشهادة لهو المسارُ الذي يحدّدونه لمن خلفهم، وهناك من داخل هذه الأمة الكثيرُ من الأحرار والمجاهدين الذين سيواصلون المسارَ، جهاداً وسعياً نحوَ العزة والكرامة والحرية المنشودة.
وعلى أمريكا وأعوانها أن تعلمَ أن بارتكابها هذه الجريمة الشنعاء بحقِّ هكذا قادة عظام، فإنما ارتكبت جريمةً بحقِّ الأمة الإسلامية جمعاء، وبذلك تكون قد فتحت على نفسها أبواباً من جحيم وحميم، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية، أن تتحمّل تبعات ما بعد هذه الجريمة، ومآلات ما سيلحق بالمنطقة من أحداث وتداعيات كبيرة سيشهدها العالمُ والمنطقةُ.
أما دماءُ القادة الأطهار والمجاهدين في محور المقاومة الإسلامية، فإنها دماء لا تسقط بالتقادم أبداً، ولا تذهب هدراً فهي دماءٌ طاهرةٌ زكيةٌ وهي من تصنع للأمة مجداً وتُزهر من ثمار العز نصراً، يكون نصراً للمستضعفين ونصراً لهذا الدين ولأبناء هذه الأمة المقاوِمة.
عليهم أن يترقبوا الردَّ القاسيَ والمؤلمَ الذي سيطال مرتكبي هذه الجريمة النكراء، وهذا ما أكّـده القادةُ والسياسيّون في الجمهورية الإسلامية الإيرانية،
ولكن الردَّ سيكون بتروٍ وبحكمة من أصحاب الحكمة وفي الزمان والمكان المناسبين، وبقدر الألم الذي غشى قلوبَ كُـلّ الأحرار، بقدر ما سيكون عليه الرد، ويكفي أمريكا ما شاهدته من ردودِ أفعال قوية وكبيرة لأبناء هذه الأمة الأحرار في أغلب البلدان العربية وَالإسلامية، فالقائدُ قاسم سليماني لم يرحل وما زال حياً وحاضراً، فهو حاضر في كُـلِّ قلب إنسان مؤمن حر وشريف، فهو موجودٌ في إيران وفي لبنان وفي العراق وفي سوريا وفلسطين وفي اليمن، وفي كُـلِّ مكان ستجدون الملايين من قاسم سليماني، والذين تؤكّـده اليومَ مواقفُهم وأفعالُهم، دماء القائد قاسم سليماني ستنتصر انتصارَ الدم على السيف، ولا نامت أعينُ الجبناء.