سليماني الشهيد الحاج وأبعاد الاستهداف
سند الصيادي
من يتابع ردودَ الفعل العربية “المتنصلة عن النفوذ السعودي” وَالتي تلت جريمةَ الاغتيال الأمريكي لقائد فيلق القدس، وَكذلك نائب قائد الحشد الشعبي في العراق، سيصل إلى معرفةٍ كاملةٍ بما وراء هذا الاستهداف وفي هذا التوقيت.
ثمة تصاعد كبير لنفوذ محور المقاومة العربية الإسلامية وتحديداً في العقد الأخير الذي نضجت فيه القضايا والمواقف وَباتت في مواجهة علنية مكشوفة، بعيداً عن خطابات وَكواليس مرحلة التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، والتي كانت تُمثّل بمجملها تنويماً مغناطيسياً لإرادة الشعوب وَتعتيماً مكثّـفاً لطبيعة المواقف المعلنة وتثبيطاً لهمم الوعي العربي عُموماً.
اليومَ نحنُ نعيشُ صراعاً طرفياً تموضعت فيه كُـلُّ القوى بحسب ماضيها وما كانت تقومُ به من أدوار، مع فارق أن مرحلةَ ما سمي بالربيع العربي كانت بمثابة انقشاع الستارة على شخصيات المسرح وكشف لأدوارها دون المزيد من “الحذلقات السياسيّة”، هذا ما كشفته الأحداثُ في سورية والعراق وأخيراً الحرب العدوانية على اليمن، مروراً بما يُعتمل في إطار تصفية القضية الفلسطينية تحت شعارات صفقة القرن.
وعودةً إلى موضوع المقال، يبرز السؤالُ عن ما كان يمثله قاسم سليماني في هذه الملفات وفي مواجهة المخطّطات الصهيوأمريكية في المنطقة ولمصلحة أي إرادة؟، هذا السؤالُ أجابت عليه فصائلُ المقاومة الفلسطينية ولن أتطرّق إلى مواقف صنعاء أَو دمشق أَو بغداد أَو بيروت اللاتي بتن يقفن اليومَ على نهجِ الوعي العربي المقاوم، وَالتي يحرص إعلامُ الانبطاح العربي على تجيير مواقفهن الوطنية والعروبية والإسلامية تحت مزاعم النفوذ الإيراني.
إن تبادرَ الجهاد وَحماسَ المقاومة وَمعها كافة الفصائل الجهادية الفلسطينية -والتي طالما كنا كشعوب عربية مسلمة نعتبر نضالها وَمشروعية ما تقوم به في وجه الاحتلال الإسرائيل-، هو تعبيرٌ مباشرٌ عن نبض وعقل كُـلّ عربي حر، أن تكون هذه الفصائل أوائل من نعوا استشهادَ الفريق قاسم سليماني وأكّـدوا خسارتَهم الكبيرةَ له كفصائل مقاومة عربية “سنية” في فلسطين، كاشفين عن حجم الدعم الذي قدّمه هذا المجاهدُ في كافة مراحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فتلك شهادةٌ لا تقبل الجرحَ ولا التشكيكَ ولا التأويلَ، شهادة تجاوزت نعيقَ قنوات التضليل الصهيوعربية على شاكلة العربية والحدث وأخواتهن.
هي نكزة للوعي العربي المغيب عن طبيعةِ الصراع الحادث في المنطقة عُموماً، وعن السببِ الذي دفع واشنطن إلى أن تقومَ بهذا الفعل بعد أن وصل الخطرُ لتحَرّكات ونتائج ما كان يقوم به ذلك القائدُ الإسلاميُّ الشجاعُ ذروته على كافة أصعدة الهيمنة والمشاريع الأمريكية الصهيونية في المنطقة، فكان هذا الفعلُ مبرراً بحسابات المطامع والمخاوف.
نؤكّـد في مقام نعينا لهذا الشهيد الحيدري البطل، أن الاستهدافَ الأمريكيَّ قد تأخر كَثيراً في وأد مشروعه ونهجه الذي أصبح مدرسةً من أقاصي الشام إلى أطراف اليمن، وبأن القائدَ الذي ترجّل قد آذن بتدشينِ مرحلة جديدة من العلو لسقف منهم في صفِّه المقاوم، وهو الرحيلُ الأخير للنفوذ الأمريكي في منطقتنا العربية، ومعه ستتلاشى فقاعةُ إسرائيل وما حولها من فقاقيع صابونية حملت زوراً وبهتاناً اسمَ الأمة ورايتها.