بين التحالف والعمالة
محمد أحمد الشيخ
أثارت زيارة رئيس مجلس النواب التونسي راشد الغنوشي إلى تركيا ولقاؤه بالرئيس التركي أردوغان، ضجةً واسعةً في تونس؛ بسَبَبِ صورة تم تسريبُها ظهر فيها أردوغان جالساً كالأباطرة على كرسي كبير وفخم بينما ظهر الغنوشي جالساً على كرسي صغير ومتواضع وفي الخلفية كان العلم التركي حاضراً فيما غاب العَلَمُ التونسي في حادثة غير مسبوقة، تخالف جميع الأعراف والبروتوكولات الديبلوماسية المتعارف عليها في كُـلّ دول العالم، ما اعتبره أعضاءٌ في البرلمان التونسي إهانة كبرى ليس الغنوشي بل للشعب التونسي بأسره.
فلماذا استكثر أردوغان استقبال حليفَه الغنوشي رئيس حزب النهضة الإخواني في تونس بالشكل اللائق بعد أن أصبح يشغلُ منصبَ رئيس البرلمان التونسي؟
ومع أنني اتفق مع من اعتبروا تصرف أردوغان مهيناً وهو كذلك بالفعل إلا أنني لا أجد وصفاً مناسباً لما يتعرض له مسئولو ما يسمى “الشرعية” على يد ابن سلمان وبن زايد، والتي بلغت حد الاعتداء بالضرب والصفع على وجه رئيس تلك الشرعية المزعومة على أيدي ضباط المخابرات السعوديّة!
والشواهد كثيرة على إهانات أُخرى منها ما هو موثّق أمام عدسات الكاميرات ومنها ما صرح به مسئولو حكومة الفنادق أنفسهم كالميسري والجبواني وغيرهما.
من بين تلك الإهانات المتعددة طريقة استقبال محمد بن زايد لسلطان العرادة ومعه الوفد القبلي القادم من مأرب، حَيْــثُ ظهر أُولئك المشايخ يلبسون أحزمتهم ولكن بدون الجنابي وتلك إهانة كبيرة عند جميع قبائل العرب، ويبدو أن بن زايد تعمد توجيهها للعرادة ولحزب (الإصلاح الإخواني) وللمشايخ الذين قدموا معه، في المقابل تم استقبال وفدنا الوطني المفاوض برئاسة الأُستاذ محمد عبدالسلام بكل حفاوة وتقدير من قبل المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله السيد الخامنئي، حَيْــثُ ظهر أعضاء وفدنا يلبسون الجنابي في حضرته، وهذا برأيي له عدةُ دلالات، فعدا عن اعتزاز وفدنا بالهُـــوِيَّة اليمنية الأصيلة، إلّا أنها تظهر أَيْـضاً احترام القيادة الإيرانية لليمن لقيادته وشعبه، لهُـــوِيَّته وإرثه الحضاري العريق.
إن شكل العلاقة الثنائية الأخوية والودية التي تجمع اليمن بإيران الإسلامية اليوم، تدحض أكذوبة التبعية، ليس لأن اليمنيين يرفضون من حيث المبدأ أية تبعية لأية دولة وحسب، بل أَيْـضاً؛ لأَنَّ إيران التي تسير تحت لواء هذه القيادة الحكيمة، ليس من نهجها ولا من سياستها التي اختطها الإمام الخميني -رضوان الله عليه- البحث عن عملاء، فهي -منذ انتصار الثورة الإسلامية- تعمل على مد جسور التعاون والإخاء مع كُـلّ القوى الوطنية الحية في المنطقة لمواجهة الخطر الأمريكي الذي يهدّد أمن بلداننا في الإقليم والعالم، من منظور التحالف الاستراتيجي لا بمنظار ومنطق التبعية الذي يعتمده الطرف الآخر مع الشخصيات والقوى والأحزاب الذين ألقوا بأنفسهم تحت أقدام وكلاء الأمريكان.
ورغم نُواحِ مسئولي حكومة الفنادق وبكائهم كالثكالى جراء هذه المعاملة الفظة إلّا أن إعلام الإصلاح مستمرّ بالتحريض ضد ما يسميه “الخطر الإيراني”..!
نعم، يشكل محور المقاومة خطرًا كبيرًا، لكن على أمريكا وإسرائيل وعملائهما فقط.
فلماذا يحرض إعلام الإصلاح على هذا المحور؟
هلا سألتم رئيس المكتب السياسيّ لحماس إسماعيل هنية عن سبب حضوره لمراسم تشييع الجنرال الشهيد قاسم سليماني؟!
وكيف تم استقباله في طهران؟!
لقد استُقبل كالأبطال رغم موقفه (السلبي) من الأزمة السورية -وهو موقفُ كُـلّ قوى الإخوان المسلمين في كُـلّ مكان- لكن محور المقاومة لم يتخلَّ عن حماس ولا يمكن أن تُتركَ وحيدةً في مواجهة الصهاينة.
وهنا يكمن الفرق بين التحالف وبين العمالة.. فالقوى المنتمية لمحور المقاومة في اليمن وإيران وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين هي قوى متحالفة تحترم بعضها البعض والعلاقات البينية هي علاقات أخوية، تكاملية، فإذا اشتكى عضو تداعت له باقي القوى بالسهر والحمى.
أما المعسكر المقابل فقصة العلاقة التي تربطهم، قصة تراجيدية تحكي فصول مأساتها دماء كوادر الإصلاح المسفوكة مجانًا على قارعة الطرقات في بندر عدن وصرخات وآهات شباب الإخوان في سجون “بلحاف وبئر أحمد والريان” السرية.
لا نخجل كيمنيين من علاقاتنا وتحالفنا مع بقية قوى محور المقاومة، بل على العكس تماماً، فانتماؤنا للمقاومة مصدرُ فخر واعتزاز لنا.
أنتم من يجب أن يخجلَ من حالة الهوان والذلة والمسكنة التي وصلتم إليها؛ بسَبَبِ انبطاحكم وارتهانكم لأمريكا وأذنابها.
بين التحالف والعمالة فرق كبير وشاسع.. واسألوا هنية!