تطبيع قرن الشيطان وصفقة القرن
د. تقية فضائل
قرنانِ ﻻ يختلفان عن بعضهما مطلقا فهما شيطانيان بامتياز، فالقرن الأول قرن الشيطان الذي لم يدخر آلُ سلول فيه أيَّ جهد، فخطّطوا ودبّروا ونفّذوا لمدة قرن من الزمان، الكثير والكثير من الخطط والمؤامرات لتدمير الإسلام وإخضاع المسلمين بالقوة وَبالأفكار الوهابية البعيدة كُـلّ البعد عن روح الإسلام، وقد سببت هذه السياسة العميلة بمعية الأفكار الوهابية الدخيلة على دين الإسلام، الكثيرَ من النزاعات بين المسلمين واستحلت دماءهم وأرواحهم بحجة الانتصار لدين الله، وهي في الحقيقة طمحت لأبعادِ المسلمين عن الإسلام وتشويه الإسلام أمام الآخرين، لتصوره بدين الإرهاب وَالإرهابيين.
وكذلك طمحت لتمزيق المسلمين إلى فرق ومذاهب ودول متناحرة، وأججت بينهم العداوة والبغضاء والصراعات تحت مسميات مختلفة، وكما أنها سعت جاهدةً لتدجين الشعوب العربية والإسلامية، لخدمة المستعمرين وعملائهم.
كثيرة كانت أهداف قرن الشيطان وقد تسببت بجراح غائرة ونزيف لم يتوقف وَيضيق المجال هنا عن ذكر ما أفرزته، ولكنها أخذت وقتا كافيا لتنفيذها واستخدمت كُـلَّ ما أمكنها من الوسائل الشيطانية وموّلت بأموال المسلمين ونفطهم وحقّقت نجاحاً كَبيراً على أرض الواقع، نلمسه في جميع جوانب حياتنا، وكلها تخدم أعداء الشعوب العربية والإسلامية بدليل آخر ثمارها في هذا القرن وهو تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني جهارا نهارا، وتمثل ذلك في زيارة وفد رفيع المستوى من السعودية إلى فلسطين للمشاركة في إحياء ذكرى الهولوكوست وأداء الصلاة على أرواح اليهود!!، وليت شعري على جرأة هؤلاء الناس ومسارعتهم إلى أعداء الله يدفعهم نفاق في قلوبهم وَابتغاؤهم العزة والنصرة عند اليهود والنصارى، ولم يدركوا أن العزةَ لله ورسوله والمؤمنين.
وتطبيعهم المهين والمذل المتسم بالخيانة العظمى ما هو إلّا تمهيد لخطوة جديدة وقرن شيطاني جديد لمزيد من الخذلان لقضايا العرب والمسلمين وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وقد افتتحه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب بصفقة تصفية القضية الفلسطينية ومنح أراضي الفلسطينيين لليهود وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء والأردن، ويسارع سفراءُ دول النفاق العربي على رأسها الإمارات والبحرين، لمباركة خطوة لمزيد من الخيانة ولكنها تميزت عن كُـلِّ ما سبق أنها لم تعد تأبه برأي الشعوب العربية والإسلامية.
وكأنها ركنت إلى ضعف مواقف الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية وانصرافها عن قضية المسلمين الأولى، وهي قضية فلسطين المغتصبة منذ عقود عديدة، بقضايا ونزاعات خلقها لهم اليهود والنصارى وعملاؤهم.
إن ما يبدو لنا من الأحداث المتسارعة على الساحة الدولية من جهة، وعلى الساحة العربية والإسلامية من جهة أُخرى، وانكشاف الكثير من الحقائق من جهة ثالثة، وعلى ردود الفعل الرافضة للتطبيع ولصفقة ترامب من قبل دول محور المقاومة، يجعلنا نرجح أَن المقاومةَ الفعلية للمخطّطات اليهودية وَالنصرانية المتمثلة في دول محور المقاومة ستكون أكثر قوة وصرامة في مواجهة كُـلِّ ما يسعى الأعداءُ وعملاؤهم إلى ترسيخه وجعله أمراً مسلّماً به، بل نكاد نجزم أن فلسطين على موعدٍ مع الحرية والكرامة على أيدي رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهم ينتظرون الفرصةَ الملائمة للقضاء على الغُدة السرطانية إسرائيل، والوقوف في وجه دول قوى الاستكبار العالمي (ولينصرن الله من ينصره).