اليمن يدوسُ على صفقة الخيانة والعار
حميد رزق
اكتسبت المسيراتُ الحاشدة في صنعاء وبقية المحافظات اليمنية أهميّةً استثنائيةً؛ نظراً لحجم الحضور الكثيف وبسبَبِ توقيت وعنوان هذه التظاهرات التي عبّرت عن الموقف الشعبي العربي والإسلامي الأول والأوسع والأقوى على الإطلاق؛ تنديداً بصفقاتِ الخيانة والعار التي تستهدف القضيةَ الفلسطينية، بعض أبعاد ودلالات المسرات الحاشدة في اليمن تنديدا بصفقة ترامب في ما يلي:
أولها: أن الشعبَ اليمنيَّ يقوم بتكليفه الديني والقومي والإنساني تجاه القضية الفلسطينية التي هي قضية كُـلّ العرب والمسلمين، وليست قضية شعب لوحده.
ثانياً: برغم الظروف الاستثنائية وبرغم المعاناة والجراح التي سببتها الحربُ والحصارُ، إلّا أنَّ الشعبَ اليمني لن يضل الطريق ولن تنحرف به المعاناة نحو قضايا هامشية أَو أجندات صغيرة.
ثالثاً: عندما يستجيبُ اليمانيون لواجبِ الاحتشاد في ساحات التظاهر؛ تضامناً مع القضايا العربية، أَو عسكرياً في مواجهة العدوان، فإنهم يدركون الارتباطَ الوثيقَ بين ما يتعرّض له الشعبُ الفلسطيني من مؤامرات، وما يتعرّض له الشعبُ اليمني من حرب وحصار، فالعدوّ واحد، والمصير مشترك، ومن الطبيعي بل المطلوب أن تتظافرَ الجهودُ العربية والإسلامية لمواجهة العدوّ المشترك.
رابعاً: تحَرّك الشعب اليمني في نُصرة فلسطين والقضايا العربية لا يقتصر على المواقف السياسية أَو الإعلامية فقط، ولكنه يتحَرّك في مسار عملي من خلال المواجهة المباشرة مع العدوان السعودي الأمريكي.
خامساً: يواصل الشعبُ اليمنيُّ تقديمَ النموذج وتصدر الصفوف، حاملاً الراية التي تخلى عنها وتآمر عليها الكثيرون، في ظل تراجع كبير في مواقف الشعوب العربية؛ نتيجةَ عوامل عديدة، أبرزُها حالة التعبئة المذهبية والطائفية التي يغذّيها النظامُ السعودي برعاية أمريكية إسرائيلية.
سادساً: يدرك اليمانيون أن لا مجالَ لتحرير فلسطين ما لم يتم البدء بإسقاط الصهاينة العرب، ممن صاروا في خندق متقدم للدفاع عن صهاينة اليهود.
سابعاً: يتابع اليمانيون الاهتمامَ الصهيوني بمجريات الأحداث في اليمن، ويدركون حالة القلق الإسرائيلي بعد كُـلِّ انتصار وإنجاز يحقّقه الجيش واللجان الشعبيّة، سواءً في ساحات المواجهة العسكرية أَو في ميادين التصنيع والتطوير لأسلحة الردع، لا سيما في مجال الصواريخ البالستية والطيران المسيّر.
ثامناً: يتطلع اليمانيون إلى اليوم الذي تتهيأ فيه الظروفُ للإسهام المباشر في المواجهةِ العسكرية مع العدوّ الصهيوني، إلى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة الإسلامية في لبنان.
تاسعاً: لأول مرة وفي حدث يحمل دلالةً مهمةً، قامت اللجنة المنظمة لتظاهرة الجمعة، بإعداد برنامج مشترك يربط العاصمةَ صنعاء بفلسطين المحتلّة، وشارك القياديان في المقاومة الإسلامية، خالد البطش، ومحمود الزهار، بكلمتين هامتين، وخاطبوا الجماهير اليمانية المحتشدة، معبرَين عن اعتزازهم بالشعب اليمني ومواقفه، وأدانا العدوان السعودي الأمريكي، داعين بقيةَ الشعوب في المنطقة لاقتفاء أثر اليمانيين في الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية.
عاشراً: بخروجه الواسع والكبير، الشعب اليمني يبعث رسالة مزدوجة إلى الأعداء والأصدقاء، فالمسيرات الضخمة والواسعة بمثابة رسالة وعي وصرخة استنهاض للشعوب والأحرار داخل الأُمَّـة العربية والإسلامية، في الجانب الآخر يعد الخروج الكبير لليمانيين عاملَ قلق شديد للأعداء على اختلاف أطرافهم، سواءً أنظمة الخيانة المحسوبة على العروبة والإسلام، أَو حكومات التآمر والعدوان في تل أبيب أمريكا والغرب.