فضيحةُ القرن
هشام عبدالكريم الضوراني
عن أَيَّةِ صفقةٍ! وعن أي اتّفاق يتحدّثُ عنه ملوكُ الرمال مع حلّابهم ترامب؟!، لا بُــدَّ لأية صفقة أن تكونَ بين الأطراف المعنية، وبالتالي فهذه ليست صفقة ولا اتّفاقاً؛ لأَنَّ الفلسطينيين بمختلفِ انتماءاتهم السياسيّة يرفُضون هذه المؤامرةَ، وهم المعنيون الأوائلُ فيما يسمّى بصفقة القرن، وهي بالحقيقة فضيحةٌ القرن؛ لأَنَّها فضحت وكشفت النوايا الأمريكيةَ وفضحت أَيْـضاً عملاءها في المنطقة؛ لذلك الآن الكرةُ أصبحت في ملعبِ الشعوب العربية والإسلامية، فإما أن يقفوا في صَفِّ محور المقاومة والممانعة، وإما أن يقفوا في صف التحالف الأمريكي الإسرائيلي محور الشر في المنطقة؛ لأَنَّ الأُمُورَ أصبحت واضحةً فلا مجالَ للمواقف الرمادية.
فأخطرُ ما ورد في مبادرة ترامب ليس فقط حرمانُ الشعب الفلسطيني من حَـقِّ العودة إلى أرض الوطن ونهب ما تبقّى من 22% بنسبة 40%، والمليئة بالمستوطنات بل واشتراطهم أَيْـضاً الاعترافَ الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي بيهودية دولة فلسطين، فالهدفُ من إنشاءِ الكيان الصهيوني هو تمكينُ الغرب من الهيمنة على العالم العربي والإسلامي من النيل إلى الفرات.
عندما رضي العربُ بهذا التقسيم وليس النصف بالنصف؛ بغيةَ العيش بسلام، زادت أطماعُ اليهود، فقد قال اللهُ تعالى في محكم آياته: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ)، وقال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا).
فنحن كشعب يمني نرفُضُ ما يسمى بصفقة القرن، فهذا العدوانُ الدولي الواسع على اليمن هو نتيجةٌ مباشرةٌ لحملنا قضية فلسطين على كواهلنا حين جعلناها قضيتَنا الأولى والمركَزية، فنحنُ لا نعتبرُها قضيةَ فلسطين فقط، وكذلك لا نعتبرها عبئاً علينا، بل نعتبرها وسيلةً لتحريرنا؛ لأَنَّنا عندما حملنا هذه القضية استطعنا أن نتحرّرَ من الهيمنة والوصاية الأمريكية في اليمن، لدرجة أن أصبح السفيرُ الأمريكي هو الحاكمَ الفعلي لليمن ولم يستطيعوا الاستمرار بهذه المؤامرة؛ لأَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قال: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أصحاب النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
ومن هذا المنطلق ننصحُ الشعوبَ العربية أن تتحَرّك في سياق قضية الأُمَّــة الإسلامية، فاليهود لن يرضيَهم منا إلّا أن ننسلخَ عن ديننا الإسلامي السمح، واليهودُ الذين لا يمكن التعايش معهم لهم أطماعٌ تتجاوز الأرضَ من جور الجشع الذين يحملونه في قلوبهم، وهم يستهدفون الإسلامَ بلا شك؛ ولذلك لا مناصَ من أَن نتبِّعَ قولَ الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
وهنيئاً لابن سلمان وابن زايد وأمثالهما بالصلاة المشبوهة في حائط المبكى.