صفقةُ ترامب والوعيُ الديني المزيَّف
محمد أمين الحميري
بسبَبِ الخطاب والوعي الديني المزيَّف، لم يعُدْ في أذهان الكثير من المسلمين من قضية فلسطين، إلّا أن القدسَ الشريفَ ثالثُ الحرمين الشريفين، وَإذَا تعرّض الكثيرُ من المتصدرين مشهدَ التوعية للحديث عن فلسطين، فهو الحديثُ المجرّد من تشخيص المشكلة المتمثّلة في وجود عدوٍّ غاصب وخونة وعُمَـلَاء من داخل أمتنا، وعدم استنهاض الأُمَّـة للقيام بدورها، وكلُّ ما يجيدونه هو الدعاءُ لأهلنا في فلسطين بالنصر، أَو ابتزاز الشعوب باسم دعم فلسطين، وحال قرّر الأحرارُ في الأُمَّـة الارتباطَ بحركات المقاومة لإسرائيل قولاً وفعلاً، اتهموه بالزندقة والعمالة لإيران -كدولة تتصدّر مشهد الانتصار لقضايا الأُمَّـة العادلة-، وأن الأولى في نظرهم هو مواجهةُ إيران أولاً، وسيأتي مواجهةُ إسرائيل في المرحلة الثانية!!.
وحتى نضعَ النقاطَ على الحروف، فصفقة ترمب اليوم وبشكل واضح وجلي تضع الكثيرَ من العلماء والمثقفين وأتباعهم داخل الأُمَّـة أمام الحقيقة، وهي أنهم على ثلاثة أقسام:
قسمٌ منهم يتخندقون إلى جانبِ النظام السعوديّ الذي يعتبر إيران الإسلامية خطراً عليه وعليهم وعلى أمريكا وإسرائيل من ورائهم، ويقاتلون في صفِّه في اليمن وسوريا وليبيا والعراق و…!
وقسم آخر لزم الحيادَ والصمتَ رغم التوجّـه الإجرامي الذي يهدّد الأُمَّـةَ في عقيدتها ومقدساتها والأرض والعرض وما إلى ذلك، والسببُ يتمثّل في وعي مزيف يعيقهم عن التفكير الصحيح والتحَرّك السليم، يرافقه بالنسبة للبعض مصالحُ وارتباطات بعُمَـلَاء الأمريكي والإسرائيلي من أنظمة وهيئات استخباراتية، وهذان القسمان كُـلُّ أعمالهم تصُبُّ في خدمة العدوّ وتدجين الأُمَّـة واستهدافها بطرق مباشرة وغير مباشرة وعن علم وجهل أَيْـضاً.
والقسم الثالث هو الذي يقف في صفِّ الحَـقّ وأهله، بالقول السديد والفعل السليم، فهم إلى جانب الأُمَّـة وفي صف من يذود عنها يتخندقون، وهؤلاء من ينبغي التكثيرُ منهم، والشد على أيديهم للاستمرار في النضال والتوعية والتبصير في ذات الوقت.
وإسهاماً في عملِ شيء نافع في هذا السياق، وكجانب توعوي عملي نأمل من الخطباء والمرشدين بمختلف توجّـهاتهم السياسيّة والفكرية -وكأقل واجب- أن يخصصوا الحديثَ خلال خطب الجمعة هذه الفترة، عن ما يُسمّى بصفقة القرن المشؤومة، أهدافها وأبعادها والدور الذي ينبغي من الشعوب، ويحبذ أن يكون الاهتمامُ المستمرّ بقضايا الأُمَّـة العادلة وبقضية فلسطين كقضية أُمَّـة، ودور اليهود على مرِّ العصور في استهداف الأُمَّـة في عقيدتها وهُــوِيَّتها وكل المؤامرات التي تحاك ضد المسلمين على كُـلّ الأصعدة وبمساعدة الخونة والعُمَـلَاء من أوساط الأُمَّـة.
لا يجوزُ بأيِّ حال من الأحوال كتمان ما أنزل اللهُ من الحق، أَو اللامبالاة في البيان وتوضيح الحقائق، هذه الصفقةُ القبيحةُ ينبغي أن تكون دافعا ليقظتنا كأمة، وباعثا على وحدة صفنا واجتماع كلمتنا، يكفي تشظياً وخوضاً لمعارك وهمية فيما بيننا، وهي في حقيقة الأمر من تدابير العدوّ وأساليبه.
نحنُ أُمَّـة واحدة ربنا واحد ونبينا واحد، وكتابنا واحد وقبلتنا واحدة، وعدونا واضح ومعروف بنصِّ القرآن والسنة، فماذا بعد الحَـقّ إلّا الضلال؟!.