إدارةُ السياسة النقدية كأداةٍ في الحرب الاقتصاديّة
في ورقة عمل خلال ندوة “منع تداول العُملة غير القانونية.. قرارُ الضرورة لدرء مخاطر الانهيار الاقتصادي”:
أحمد محمد أحمد حجر*
مقدمة:
تُثبِتُ الأدبياتُ الاقتصاديّةُ الحديثةُ الأكاديمية منها والعلمية أن الدولَ الاستعماريةَ وبعد انتكاستها العسكريّة في معظم الدول التي كانت تحتَ سيطرتِها بعد الحرب العالمية الثانية، قد عمدت بعد خروجها من هذه البلدان إلى انتهاج سياسات عدائية غير عسكريّة أكثر استدامةً وفاعليةً؛ لخفض هيمنتها ومصالحها في هذه المول التي خرجت منها، وبالأخص الاقتصاديّة منها سواء من خلال اختزال القوه الثورية في هذه البلدان بعملائها أَو مرتزِقتها أَو صياغة نظريات النمو وآليات التنمية في هذه الدول، وبالأخص بعد انهيار منظومة الدول الاشتراكية وتسيُّد فكرِ المدرسة النقدية الحديثة على حساب فكر المدرسة الكنزية في معظم المول المتقدمة، ما ترتب عليه تراجع دور الدولة في النشاط الاقتصاديّ لصالح القطاع الخاص، وهذا ما جعل السياساتِ المالية والنقدية حسب رشدة الإصلاحات الاقتصاديّة لصندوق النقد والبنك الموليين هي الأدوات العملية المتاحة أمام الدول الاستعمارية لتدخلها في إدارة وتوجيه مجمل الأنشطة الاقتصاديّة في الدول النامية، وهذا ما كان له الأثرُ الواضحُ (كما تثبته التقارير الدولية) في فشل معظم الدول التي قامت بتنفيذ أجندة صندوق النقد الدولي والبنك الدوليين للإصلاح الاقتصاديّ خلال الأربعة عقود الماضية في تحقيق أي استقرار اقتصاديّ أَو تنمية حقيقة وناجحة فيها، وفي ضوء ما سبق نستخلص ما يلي:-
أصبحت أدواتُ السياسة الاقتصاديّة هي الأداة الرئيسية العملية والمستدامة في إدارة الصراعات الدولية الحديثة لسهولة تنفيذ إجراءاتها وتعدد أدواتها وآلياتها وانخفاض تكاليفها (المادية والمالية والبشرية) إلى جانب سيطرة دول العدوان المحكم على معظم محاور وأدوات إدارة الاقتصاد الدولي ومن ثَمَّ المحلي وإمْكَانية التهرب من المسئولية القانونية والاخلاقية المترتبة على نتائج هذه الحروب.
مفهومُ السياسة النقدية:
هي مجموعةُ الأدوات والإجراءات المتاح استخدامُها من قبل البنك المركَزي؛ بهَدفِ تحقيق الاستقرار الاقتصاديّ من خلال السيطرة على القوة التبادلية للعُملة الوطنية أمام العُملات الأُخرى عند المستويات المرغوبة وتجنيب الاقتصاد القومي عدم الاستقرار والاختلالات غير المرغوبة كالتضخم والكساد أَو الانكماش… إلخ.
إطارُ الحرب الاقتصاديّة:
تتعدد أدواتُ ووسائلُ الحرب الاقتصاديّة لتشملَ محاورَ الاقتصاد القومي، ويمكن إيجازُ محاورها على النحو التالي:
أ. الاقتصاد الحقيقي.
ب. المالية العامة.
ج. القطاع النقدي.
د. القطاع الخارجي
ه. التجارة الداخلية والخارجية
أدواتُ السياسة النقدية:
يمكن إيجازُها فيما يلي:-
أ. سياسةُ سعر الصرف.
ب. سياسةُ أسعار الفائدة وسعر الخصم.
ج. التدخل في السوق المفتوح (بيع وشراء سندات للتأثير في حجم العرض النقدي).
د. سياسةُ سقوف الائتمان وتخصيصها حسب أولويات التنمية.
ه. سياسة تحديد نسب الاحتياطيات القانونية والمخاطر… إلخ.
و. سياسة تحديد حجوم رأس المال لوحدات القطاع المصرفي والبنوك.
ز. سياسة الاقراض والتحويلات للجهاز المصرفي ونحوها.
مفهومُ السيولة المحلية – العرض النقدي:
هو عبارة عن إجمالي وسائل الدفع للمبادلات الاقتصاديّة والمالية المتاحة خلال لحظة تاريخية معينة.
ونتيجةً للتطور الكبير في حجم ونوع المبادلات الاقتصاديّة والمالية بين الأفراد والوحدات الإنتاجية على المستوى الداخلي أَو مع العالم الخارجي تعدّدت وسائلُ الدفع وهو ما ترتب عليه وجود ثلاثة مستويات لمفهوم العرض النقدي، هي على النحو التالي:-
أ. العرض النقدي الضيق (1m)
وهو عبارة عن صافي النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي مضافاً إليه إجمالي الودائع الخَاصَّة الجارية.
ب. العرض النقدي الواسع (2m)
وهو عبارة عن العرض النقدي الضيق m1)) مضافاً إليه شبه النقود وهي عبارة عن)الودائع لأجل وودائع الادخار والودائع المخصصة وودائع العُملة الأجنبية، وودائع الضمان الاجتماعي.
ج. العرض النقدي الأوسع (m1)
وهو عبارة عن العرض النقدي الواسع (m2) مضافاً إليه ودائع القطاع الخاص لدى شركات الاستثمار التي تقبل الودائع.
وتظهر الأدبيات الاقتصاديّة أف العرض النقد الواسع (m2) هو المستخدم فعلاً في أكثر الدراسات الاقتصاديّة والنشرات الاحصائية.
مكونات إجمالي العرض النقدي (m2)؛ كَون العرض النقدي من:
أ. النقد:
ويتكوّن من:
– النقد في التداول: وهو عبارة عن صافي النقد خارج الجهاز المصرفي والمتاح للتداول.
– الودائع تحت الطلب: وهي عبارة عن إجمالي الودائع المتاح لمودِّعيها السحب منها في أي وقت.
ب. شبه النقود:-
ويتكوَّنُ من:
– ودائع لأجل والمودعة وفق فترات زمنية محدّدة.
– ودائع الادخار والمودعة؛ بهَدفِ استثمارها ولمدة تتجاوز العام.
– ودائع بالعُملات الأجنبية.
– الودائع المخصصة وهي الودائع ومخصص استخدامها لأهداف محدّدة.
– ودائع الضمان الاجتماعي وهي ودائع مؤسّسات التأمين الرسمية.
العواملُ المؤثِّرة في العرض النقدي:
وهي على النحو التالي:-
أ. صافي الأصول الخارجية ‘3A”:
وهو عبارة عن صافي رصيد الجهاز المصرفي من الأصول الخارجية (أصول خصوم) وتتكون من:
– صافي أصول البنك المركَزي (أصول خصوم).
– صافي أصول البنوك التجارية والإسلامية (أصول خصوم).
ب. صافي المطالبات على الحكومة:
وهي عبارة عن صافي رصيد التعاملات الحكومية المالية مع الجهاز المصرفي وتتكون من:
– صافي البنك المركَزي (لرصيد المدين الودائع)
– صافي البنوك التجارية والإسلامية (الرصيد المدين الودائع).
ج. المطالبات على القطاعات غير الحكومية:
– القطاع الخاص.
– المؤسّسات العامة.
– أُخرى (صافي) منهما.
– إعادة تقييم الأصول الخارجية رأس المال والاحتياطي.
أدواتُ الحرب النقدية العدوانية:
يمكن إيجاز أهمها فيما يلي:
أ. تجفيف مصادر عوائد النقد الأجنبي للاقتصاد القومي، وهي على النحو التالي:
– عوائد صادرات النفط والغاز ومعظم السلع والخدمات.
– السحب من القروض والمساعدات الخارجية لدعم الموازنات.
– الاستثمارات الأجنبية الداخلية.
– متحصلات التحويلات الخَاصَّة.
– عائدات المؤسّسات العامة الخارجية.
ب. وضع القيود على الواردات ومنع العديد منها.
ج. نقل مهام واختصاصات البنك المركَزي من مقره الرئيسي في صنعاء إلى فرع عدن، وكذا سحب نظام المعاملات الدولية (السوفت) للبنك المركَزي وبنك التسليف الزراعي.
د. الاستحواذ على ما تبقى من رصيد الاحتياطيات الخارجية للبنك المركَزي.
ه. تهديد العديد من البنوك التجارية والإسلامية من قيامها بالمساهمة في تمويل عجز الموازنة العامة.
ز. سحب العُملة الوطنية من المناطق خارج سيطرة دول العدوان إلى المناطق تحت سيطرة حكومة العملاء.
ح. تشجيع المضاربة في أسعار العُملات الأجنبية ورفع أسعار الصرف الرسمي لها مرة تلو الأُخرى.
ط. رفع أسعار الفائدة؛ بهَدفِ رفع تكاليف الاستثمار وأعباء الدين العام الداخلي.
ي. الاستحواذ على الطبعة الرسمية من النقد المحلي ثم الاستمرار في عملية طباعة نقود جديدة وبمبالغ تتجاوز حجم النقد في التداول.
ك. إرغام رجال المال والأعمال التوريد نقداً إلى البنك المركَزي في عدن مقابل فتح اعتمادات الاستيراد؛ بهَدفِ سحب النقد المحلي الرسمي.
ل. الاستيلاء على إيرادات الضرائب والرسوم على الواردات لصالح المناطق خارج سيطرة دول العدوان والواصلة إلى الموانئ والمنافذ تحت سيطرة دول العدوان، وذلك؛ بهَدفِ سحب السيولة المحلية.
م. فرض رسوم جديدة على البواخر الواصلة إلى الموانئ خارج سيطرة دول العدوان وبالعُملات الصعبة.
ن. فرض توريد قيمة الغاز والنفط المحلي من مأرب نقداً؛ بهَدفِ سحب السيولة المحلية.
معاييرُ تحديد حجم العرض النقدي:
يمكن إيجازُ أهمها فيما يلي:-
أ. معادلة قياس الإفراط النقدي على النحو التالي:
– تحديد سنة أَسَاس ولتكُنْ 2010 وَ2014م.
– نوجد نصيب وحدة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من النقد المعروض (K) لسنة الأَسَاس.
– نوجد حجم النقد المطلوب فعلاً للسنة موضع التقدير من خلال المعادلة التالية: M+ =k x GDPR
– نوجد فائض المعروض النقدي في السنة موضع التقدير من خلال المعادلة التالية: R = M- MR
الفائض في حجم النقود = العرض النقدية القائم العرض النقدي المطلوب فعلاً.
ب. مضاعف النقود:
يقيس التغير في العرض النقدي الناجم عن التغير في القاعدة النقدية وهي عبارة عن (مجموعة رصيد العُملة في التداول + ودائع البنوك التجارية والمخصصة لدى البنك المركزي).
ج. مضاعف السياسة المالية:
لقياس التغير في الناتج القومي الإجمالي الحقيقي نتيجة التغير في الإنفاق الحكومي أَو الضرائب والدعومات التي تمليها السياسة المالية.
د. مضاعفُ السياسة النقدية:
قياس نسبة التغير في الناتج القومي الإجمالي الحقيقي إلى التغير في عرض النقود والقاعدة النقدية والاحتياطيات غير القانونية والقانونية.
ه. مضاعف النقود من المعادلة:
حيث أن: نسبة الاحتياطي الإضافي (e) نسبة الاحتياطي القانوني على ودائع الطلب (r) وَنسبة التسرب النقدي من الودائع (k).
(نسبة الاحتياطي القانوني على الودائع الآجلة (r-) نسبة الودائع الآجلة إلى الودائع تحت الطلب (r+)
النتائجُ المترتبة على العدوان:
أ. انخفاض الناتج المحلي الحقيقي عام 2019 عن عام 2014 بما نسبته 46.2%).
ب. انخفاض الواردات الحقيقي عام 2019 عن عام 2014 بما نسبته 46.0%).
ج. انخفاض العرض الكلي الحقيقي من السلع والخدمات عام 2019 عن عام 2014 بما نسبته 46.0%) 0
د. زيادة إجمالي العرض النقدي عام 2019 عن عام 2014 بما نسبته 74.0%).
هـ. انخفاض متحصلات الاقتصاد القومي من النقد الأجنبي من نحو 18.6 مليار دولار 2014 إلى 8 مليارات دولار في المتوسط خلال السنوات 2015 – 2019.
و. فقد البنك المركَزي متحصلاته من النقد الأجنبي بصورة نهائية للسنوات2015 – 2019 بمتوسط سنوي 4.5 مليار دولار من عائدات صادرات النفط والغاز والسحب من القروض والمساعدات الخارجية وعائدات المؤسّسات العامة الخارجية.
ز. سحب البنك المركَزي من احتياطياته الخارجية البالغة 4.67 مليار دولار
بما مقداره 3.9 مليار دولار خلال العامين 2015 وَ2016 لتغطية قيمة الواردات من السلع الأَسَاسية لكافة محافظات الجمهورية بما فيها المحتلّة.
ح. استنفاد البنك المركَزي لكامل احتياطياته من النقد المحلي لتمويل الموازنة العامة لعامي 2015 وَ2016 بما يقارب 560 مليار ريال يمني.
ط. ارتفاع متوسط معدل التضخم السنوي قبل العدوان من نحو 10% إلى نحو 21% في المتوسط خلال الفترة 2015 – 2019م.
ي. انخفاض متوسط نصيب الفرد من المخل الحقيقي عام 2019 عن عام 2014 بما نسبته 53%.
ك. ارتفاع نسبة البطالة الكاملة من 24% تقريباً عام 2014 إلى 65% عام 2019م.
ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر الأعلى من 49% عام 2014م إلى نحو 85% عام 2019م
ل. ارتفاع نسبة النقود على إجمالي العرض النقدي من 4.36% عام 2014م إلى 60% عام 2019.
م. ارتفاع المديونية الحكومية للجهاز المصرفي إلى إجمالي العرض النقدي من 66% عام 2014م إلى 108% عام 2019م.
ن. انخفاض قروض القطاع الخاص من الجهاز المصرفي عام 2019م من عام 2014م بما نسبته 8%، ما ترتب عليه انخفاض نسبة قروض القطاع الخاص إلى إجمالي العرض النقدي من 16% عام 2014م على 98% عام 2019م.
س. انخفاض نسبة الودائع إلى إجمالي العرض النقدي من 64% عام 2014م إلى 40% عام 2019م
ع. ارتفاع نسبة الودائع بالعُملات الأجنبية إلى إجمالي الودائع من 27.1% عام 2014م إلى 45.2% عام 2019م.
النتائجُ المتوقعة لطباعة النقود المحلية:
في ضوء ما سبق إلى جانب الافتراضات الأَسَاسية التالية.
أ- استمرار التراجع في متحصلات النقد الأجنبي المتاح للاقتصاد القومي في المناطق تحت سيطرة حكومة الإنقاذ في صنعاء؛ نتيجةَ استمرار حكومة المرتزِقة في تنفيذ سياسات تجفيف مصادر النقد الأجنبي المتاحة لحكومة الإنقاذ.
ب- استمرار تدني حجم العرض من السلع والخدمات نتيجة ضعف حركة الانتعاش الاقتصاد القومي وتشديد الحصار.
ت- استمرار ارتفاع درجة اعتماد الاقتصاد القومي على العالم الخارجي وبالتالي استمرار ارتفاع مستوى الطلب على النقد الأجنبي في ظل استمرار المعروض منه مما قد يدفع أسعاره إلى الارتفاع.
ث- استمرار ضخ أَو إنزال حكومة الإنقاذ بالنقد المطبوع للتداول.
ج- استمرار مماطلة دول العدوان والأمم المتحدة للإسراع في تنفيذ خطوت عملية لتحقيق السلام أَو تحييد الاقتصاد القومي.
واستمرار حكومة العملاء والمتعاونين معها في تهريب النقد الأجنبي إلى الخارج من خلال الصيارفة المتعاونين معها أَو البنوك أَو نحوها.
وعليه يمكن إيجاز النتائج المترتبة على الطبعة الجديدة على النحو التالي:
- إغراق السوق المحلية بكمية كبيرة من النقد الجيد غير الرسمي حسب القوانين النافذة وذلك؛ بهَدفِ المضاربة في النقد الأجنبي ورفع أسعاره خَاصَّة وأن معظم ما سيتم تحويله من قبل حكومة العملاء والمتعاونين معها من النقد الأجنبي سيتم تهريبه إلى الخارج.
2- التخلص من النقد المطبوع قبل أية مفاوضات لانتزاع اعتراف رسمي بحكومة العملاء وسلطة البنك المركَزي في عدن، وبالتالي الاعتراف بالسياسة النقدية التي تعدها الحكومة العميلة بما يتوافق وأهداف دول العدوان من ناحية، وتغطية فضائح الفساد وغسل الأموال لحكومة العملاء وإدارة البنك المركَزي في عدن من ناحية ثانية، بل وأخذ الشرعية للبنك المركَزي في عدن إدارة عملية الإعمار لما دمّرته الحرب بعد انتهاء العدوان، ما سيسمح لدول العدوان مرة أُخرى إدارة وتوجيه الاقتصاد القومي مستقبلاً بما يحقّق أهدافها.
3- الاستحواذ على أكبر قدر ممكِن من تحويلات المغتربين اليمنيين من خلال فرض سعر صرف أعلى في عدن بصورة مستمرّة بما يدفع المغتربين تحويل مدخراتهم عبر الصرافين في عدنَ؛ للاستفادة من فارق السعر من مناطق تحت الاحتلال عن السعر في مناطق تحت سيطرة حكومة الإنقاذ.
4- قيام التجار ورجال الأعمال وغيرهم في المناطق تحت سيطرة حكومة الإنقاذ والراغبين في تحويل ما لديهم من عُملات أجنبية بالعُملة الوطنية بالتوجّـه إلى عدن لتحويلها للاستفادة من فارق سعر الصرف.
5- توسع عمليات المضاربة في النقد المحلي الرسمي مقابل النقد الجديد وبالأخص في المحافظات المحاذية للمناطق المحتلّة.
6- ارتفاع أسعار الصرف بصورة متتالية، وبالتالي اتّجاه المستوى العام للأسعار نحو الارتفاع وبالأخص للسلع الأَسَاسية الغذائية والدوائية، مما يزيد من حالات الفقر والمجاعة… إلخ.
7- ارتفاع مستوى عدم الاستقرار السياسي والاقتصاديّ والاجتماعي، مما يزيد من حدة الضغوط على متخذ القرار أَو المفاوض في حكومة الإنقاذ في صنعاء.
8- هدف اتخاذ القرار سليم غير أن آلية اتخاذ القرار تحتاج إلى مرونة كبيرة عند التنفيذ ومعالجة أية صعوبات أَو إشكاليات أَو اختلال قد تحدث أثناء التنفيذ بما يضمن بلوغ هدف اتخاذ القرار بأقل الجهود والتكاليف الاقتصاديّة والمجتمعية وفي أقصر فترة زمنية مقبولة.
المقترحات:
- الطلبُ من الأمم المتحدة تحييد الاقتصاد بصورة عامة أَو على الأقل قيام الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي في المشاركة مع فريق فني محلي من الجانبين يتولى إدارة السيولة النقدية وسياسية سعر الصرف في ضوء ضوابط ومعايير اقتصاديّة تخدم المجتمع بدرجة أَسَاسية.
2- الاستمرارُ في مقاطعة العُملة الجديدة، مع ضرورة مراجعة الآليات القائمة لتنفيذ القرار، بما يساهم في بلوغ الهدف من اتخاذ القرار وهو تحقيق الاستقرار النقدي وبالأخص السيطرة على:
– أسعار الصرف.
– معدلات التضخم.
– السيطرة على تدفقات النقد الأجنبي وتوجيهه بما يتفق وتوفير السلع والخدمات الأَسَاسية.
3- توجيه النقد المحلي غير الرسمي الذي سيتم توريده إلى البنك المركَزي أَو لدى البنوك والصرافين المخولين بذلك لتغطية قيمة الغاز والنفط المحلي من مأرب، أَو الرسوم والضرائب المفروضة على الواردات لصالح المناطق خارج سيطرة دول العدوان والواصلة عبر المنفذ تحت سيطرة دول العدوان.
4- إعادة وظائف واختصاصات البنك المركَزي ونظام السوفت (نظام المعاملات الدولية) إلى المركَز الرئيسي في صنعاء، لاستحالة قيام فرع البنك المركَزي بعدن بأي من مهام البنك المركَزي وذلك استناداً إلى الحيثيات التالية:
– عدم توفر الحد الأدنى من الاستقرار السياسي والاقتصاديّ والأمني في المحافظات المحتلّة.
– عدم استقلالية القرار الاقتصاديّ للبنك لخضوع متخذي القار لسيطرة قوى العدوان.
– عدم وجود البُنية التحتية والإدارية والتنظيمية المناسبة لقيام البنك المركَزي بمهامه الأَسَاسية.
– محور النشاط الاقتصاديّ والمتعاملين الاقتصاديّين ومراكز البنوك والصرافين تعمل خارج المناطق تحت سيطرة حكومة العملاء والبنك المركزي، ما يعني أن 80% – 90% من محاور أنشطة الاقتصاد القومي خارج سيطرة البنك المركَزي وحكومة العملاء في عدن.
– جزء هام من موارد البنك المركَزي في عدن في حسابات لدى بنوك دول العدوان، في البنك الأهلي السعودي مما يجعل تصرفه فيها يخضع للسياسات والشروط التي تحدّدها دول العدوان أكثر منها لرغبة الحكومة العميلة.
– استقلال اتخاذ القرار في كُـلّ فرع من فروع البنك المركَزي في المناطق تحت الاحتلال مثل:
- فرع عدن.
- فرع مأرب.
- فرع حضرموت.
- فرع المهرة.
– مما يجعل وحدة إدارة السياسة المالية من قبل فرع البنك المركَزي في عدن مستحيلة وهو ما يؤكّـد أن نقل البنك إلى عدن هو لإدارة حرب أكثر منها غدارة الاقتصاد القومي.
– الفساد الكبير وغسل الأموال من قيادات حكومة العملاء والبنك المركَزي في عدت حسب التقارير الدولية ومنها تقارير صندوق النقد والبنك الدوليين مما يجعل الاقرار بالسياسات التي يتخذها مساهمة في تفشي الفساد ونهب الأموال وتهريبها إلى الخارج على حساب الشعب جريمة كبرى.
5- ضرورة قيام مؤسّسات المجتمع المدني بطرح المقترحات العُملة لمعالجة أية صعوبات أَو اختلال أَو قصور في الآليات العملية في تنفيذ القرار أمر هام جِـدًّا بما يكفل تحقيق الهدف من اتخاذ القرار بقل كلفة اقتصاديّة واجتماعية.
6- عدم الجدية في حَـلّ مشكلة ضخ النقد الجديد بهذه الكمية المهولة سوف يكون لها آثار وتداعيات اقتصاديّة واجتماعية خطيرة على الأمدين القصير والبعيد.
7- الطباعة الجديدة وبهذا الحجم الكبير بدعوى استبدال النقد التالف كذبة كبيرة، حيث لا يتعدى النقد التالف 300% مليار ريال بينما المطبوع 1720 مليار!! أي بفائض 1420 مليار ريال، إلى جانب 61% من النقد الرسمي سيولة فائضة، ما يثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أن سياسة إدارة السيولة المحلية من قبل بنك عدن ما هي إلا أداة رئيسية للحرب الاقتصاديّة بما لها من تأثير كبير على أسعار العُملات الأجنبية، وبالتالي معدلات التضخم ومن ثم على حياة كافة أفراد المجتمع، وبالأخص الفقراء وعلى التنمية الاقتصاديّة أَيْـضاً ما يجعل مساندة هدف اتخاذ القرار واجبا وطنيا وأخلاقيا ودينيا.
8- تكثيف برامج التوعية الموجهة والهادفة بالمجتمع بأهميّة: –
أ- ترشيد الاستهلاك على مستوى الفرد والأسرة والمؤسّسات وبالأخص من السلع غير الضرورية المستورة وعلى الأخص المستوردة من دول العدوان.
ب- التوسع كلٌّ في مجاله المتاح في الأنشطة المحلية المعتمدة على موارد ومدخلات محلية.
ت- تطمين المجتمع وعدم الانجرار وراء الشائعات والاندفاع نحو تحويل مواردهم من العُملة الوطنية إلى عُملات أجنبية من خلال برامج التوعية المستمرّة
ث- تشجيع المغتربين في الخارج على زيادة تحويلاتهم إلى اليمن كواجب وطني.
ج- تشجيع المواطنين إيداع ما لديهم من سيولة لدى الجهاز المصرفي بما يحد من أزمة السيولة.
9- تعزيز دور البنك المركَزي في صنعاء في إدارة السياسة النقدية بالمشاركة الفاعلة مع البنوك التجارية والإسلامية والصرافين واتّحاد الغرف التجارية والجهات الحكومة المعينة ومتابعة تقييم نتائج تنفيذها أولاً بأول.
10- ضرورة تمتع آلية تنفيذ القرار بالمرونة اللازمة لمعالجة أية صعوبات أَو اختلالات أَو قصور بما يكفل بلوغ أهداف القرار.
* وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط والإحصاء والمتابعة
– تم تقديم هذا التحليل خلال حلقة نقاشية أقامها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني بالتعاون مع مركز الإعلام الاقتصادي في العاصمة صنعاء، الأحد، 26 يناير 2020.