ارفعوا الحصارَ عن مطار صنعاء الدولي
د. عبدالإله الصلبة
حربٌ عدوانيةٌ عالمية تدخل عامَها السادسَ، وحصار بري وبحري وجوي مفروض يشنه العدوانُ السعودي الأمريكي لقتل الإنسانية في اليمن، لم يبقَ لليمنيين من أوردة أَو شرايين لم تنزف بفعل القصف إلّا وَاستهدفها؛ بفعل الحصار وما يلحقه من الأمراض والأوبئة، ولعل استمرارَ إغلاق مطار صنعاء لدليل رئيسي يضاف إلى قائمة طويلة من أساليب حروب الإبادة الجماعية، التي يتعرّض لها الشعب اليمني، ولم يسبق أن حدثت على مر التاريخ، كشاهدٍ على الإنسانية الزائفة التي يتشدّق بها أدعياؤها ومنظماتها وهيئاتها.
منذ بداية العدوان وحتى اليوم، وَدول تحالف العدوان بقيادة السعودية وبإشراف صهيوأمريكي، ممعنة في إيقاف حركة الركاب والشحن من وإلى مطار صنعاء الدولي، على رحلات الخطوط الجوية اليمنية وَالرحلات الأُخرى، على الرغم من أن جميعَ الرحلات هي ذات طابع إنساني بحت، وليس لها أيُّ مبرّر قانوني وفق أخلاقيات الصراع وقواعد الحرب وباعتراف الأمم المتحدة بنفسها، على منافاة هذا الفعل مع جميع الأعراف والمعاهدات والمواثيق الدولية.
لقد أَدَّى إغلاقُ تحالف العدوان السعودي الأمريكي لمطار صنعاء، إلى كوارثَ غير مسبوقة، فالمطار كان يخدم أكثر من 11 محافظة، ويستفيد منه حوالي 80 بالمِئة من سكان الجمهورية، وَيخدم أكثر من 6,000 مسافر يومياً، بالإضافة إلى أنه يُعدُّ البوابة الرئيسة لتدفق حركة الشحن الجوي من الأدوية والمستلزمات الطبية، التي لا تنقل إلّا عبر الجو وخصوصاً للأمراض المزمنة كالسرطان والسكري والفشل الكلوي والقلب والأوعية الدموية والثلاسيميا وأمراض الدم الوراثية، كما أَدَّى إلى حرمان العديد من المغتربين لزيارة ذويهم وفقدان المئات من الطلاب المبتعثين للدراسة بالخارج حقهم في الالتحاق بمؤسّساتهم التعليمية، ناهيك عن حرمان الكثير من رجال الأعمال من حقِّهم في السفر لممارسة أعمالهم التجارية.
أكثر من 27 ألف مريض كانوا بحاجة للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج، ارتقت أرواحُهم إلى بارئها منذ إغلاق مطار صنعاء الدولي، ولا يزال هناك 200 ألف حالة إنسانية من المرضى والجرحى بحاجة للعلاج في الخارج، ولا يزال العدوانُ يحول دون ذلك بإغلاق مطار صنعاء الدولي، وَما بين 25 – 30 شخصاً يُتوفون يومياً؛ نتيجةَ هذا الإغلاق، وَأكثر من مِئة ألف حالة وفاة حدثت؛ بسبَبِ نفاد الأدوية والمستلزمات والمحاليل الطبية التي كانت تُنقل عبر الجو..
أمعن العدوانُ الغاشم في قصف المطار، في مسعى من تحالف الشر إلى إخراجه عن الخدمة، لتتذرع بهذا في سياق أجندتها لإغلاقه، إلّا أن الإرادة اليمنية كانت حاضرة، وَأعادت جاهزيةَ المطار ودحضت زيف تلك الادعاءات، ومثل استقباله لطائرات الأمم المتحدة دليلا كاملا على جاهزية المطار من النواحي الفنية والأمنية، وعلى مكاشفة علنية لإجرام هذا التحالف وصمت المجتمع الدولي المهين والمذل عليه.
ظلت سلطاتُ المجلس السياسي في صنعاء تخاطب الأممَ المتحدة والمجتمع الدولي على أنه لا يوجد أي مبرّر أَو ذريعة لإغلاق مطار صنعاء الدولي، ولا يشكل المطار أيَّ تهديد لأي طرف، فالمطار مطار مدني ويخدم كُـلَّ أبناء الجمهورية اليمنية؛ باعتباره مطار العاصمة صنعاء، وإصرار دول «التحالف» وما يُسمّى بـ «الشرعية» على بقاء المطار مغلقا، لا هدفَ منه سوى معاقبة جميع أبناء الشعب اليمني وزيادة معاناتهم وحصارهم وتجويعهم وعزلهم عن العالم، وتحويل اليمن إلى سجن كبير لكل اليمنيين..
أكثر من سبعة مراكز للغسيل الكلوي أُغلقت، وسبعة آلاف مريض بالفشل الكلوي بحاجة لعمليات زراعة الكلى بالخارج، ناهيك عن أن 32 ألف مريض بالأورام السرطانية، أصبحوا مهدّدين بالموت؛ نتيجة استمرار إغلاق المطار.
إننا وللعام السادس، نخاطب أحرار العالم وشرفاءه وكلَّ الضمائر الحية في كُـلّ مكان، كفى صمتًا، الشعب اليمني طال ظلمه وحصاره وإغلاق مطاره المدني، وسيدون التاريخ هذا الظلم في صفحة سوداء من صفحات هذا العصر، الذي كثر فيه التشدّقُ بنشر العدالة والمساواة والحفاظ على حقوق الإنسان والدفاع عن المظلومين في جميع أنحاء العالم، وسيدون أنه لم يهب لنصرته إلّا القلة القليلة الذين سيخلد ذكرهم؛ لأنهم ذوو الإنسانية الحقة، والجديرون بأن يكونوا ممن انتصروا للإنسان المظلوم دون عنصرية، وتذكروا دائماً أن الشعوبَ المظلومةَ مهما طال حصارها، ﻻ بُدَّ أن تنتصر على الظالمين، ولن تنسى أبدًا الأيادي البيضاء التي امتدت لها في أزماتها، ولا يوجد مثل وفاء الشعب اليمني بين الشعوب.
وختاما إذَا كان تحالفُ العدوان يعتقدُ أنه بأمواله ومخطّطاته الخبيثة باستمرار إغلاق مطار صنعاء والمنافذ الجوية والبرية لليمن، سيفلح في كسر إرادة الشعب اليمني ودفعه إلى الاستسلام فإنه واهمٌ، وخيارات قيادتنا الثورية المباركة باتت اليوم متسعة ومتعدّدة وأكثر قدرة على أن تنتصر لدماء وأرواح وأوجاع الملايين من أبناء هذا البلد العزيز، كما استطاعت أن تُفشلَ كُـلَّ رهانات العدوّ عسكريا، ويبقى سلاحُ النصر الذي سيحسم المعركة هو الثبات بإيمان وجهاد وصبر، وهذا ما نملكه ولا يمكن لهم أن يشتروه.
نحن قوم ننتصر أَو نموت.
*الوكيل الأول للهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية