كان عليٌّ هناك
شوقي عواضة*
هُزِمتِ السّعوديّة أمامَ اليمنيين تلك العبارةُ كانت اعترافاً (إسرائيليّاً) واضحاً في صحيفة (جيروزاليم بوست) بعد عمليّةِ نصر من الله التي أعلن عنها المتحدّثُ باسم القوّاتِ المسلّحة في اليمن العميد يحيى سريع في أيلول عام 2019 ذلك الاعترافُ الذي لم يكن وحيداً بل اشتركَ فيه خبراءُ عسكريّون واستراتيجيّون ومراكز أبحاثٍ ودراساتٌ استراتيجيّةٌ أجمعت على أنّ ما جرى في نجران فاق النّظريّاتِ العسكريّة.
اليومَ وبعد خمسةِ أشهرٍ من إنجاز عمليّة “نصرٌ من الله” أنجز الجيشُ اليمنيّ واللّجانُ الشعبيّة عمليّةَ البنيان المرصوص التي أكّـدت أنّ ما جرى في نهم ومأرب يفوقُ العقلَ البشريّ في ظلّ عدم وجود توازنٍ بينَ قوى الجيش واللّجان الشعبيّة من جهةٍ وبينَ تحالف قوى العدوانِ من جهةٍ أُخرى.
تحالُفٌ يمتلكُ الطائراتِ والبوارجَ والصّواريخَ العابرة للقاراتِ والأقمارَ الاصطناعيّةَ والرّادارات عدا عن عديدِ ضبّاطه وجنوده المدرّبين أعلى تدريب في أكبر وأرقى الأكاديميّاتِ العسكريّة في أمريكا وبريطانيا في مقابل رجالٍ يقاتلون حُفاةً بسلاحٍ أخرجه التّحالفُ العدواني من قائمةِ استخدامه كسلاحٍ مُجْـدٍ في المواجهةِ، وبالرّغم من ذلك قاتل به اليمنيّون وأبهروا العدوّ والصّديق بإنجازاتهم أولئك الأبطال الذين سيطروا على مساحةِ الفان وخمسمئة كيلو متر مربع تقريبا في ستة أيّام واجهوا خلالها اثنين وعشرين لواءٍ بعديدهم وعتادهم وتنوّعِ جنسيّاتهم ملحقاً بهم المئاتِ من القتلى والمئات من الجرحى، إضافةً إلى عددٍ كبيرٍ من الأسرى.
وهذا الأمرُ استدعى كبارَ الخُبَراء في المجالِ العسكريّ والاستراتيجيّ للتوّقف عندَ تلك العمليّة التي هزمت أعتى تحالفٍ عدوانيّ أمريكيٍّ سعوديٍّ إماراتيٍّ صهيونيٍّ.
وعلى مدى خمس سنوات من الحصارِ والعدوان أبدع اليمنيّون في تحقيقِ انتصاراتهم الاسطورة في عصرنا.
ولعلّ الكثيرينَ من الذين يتابعون عن كَثَبٍ مجرياتِ العمليّةَ دعوا إلى اعتماد العمليّةِ وتدريسها في أكبر المعاهدِ والأكاديميّات العسكريّةِ الحديثة.
لكن ما لم يلتفت إليه البعضُ هو أنّه حتى لو تمّ تدريسُ واعتماد تلك العمليّة في الاكاديميّات العسكريّة لن ينجح متخرجوها وكبارُ ألويتها وضبّاطها في تطبيقها أَو تحقيق أي انتصار لخصوصيّة وحيدةٍ وهي تميّز اليمنيين بامتلاك أقوى سلاحٍ في العالم.
لم تستطع أمريكا وحلفاؤها بكلِّ تقنيّاتهم المتطوّرة مصادرتَه، بل عجزوا عن استهدافِه بطائراتهم وصواريخهم لم يستطيعوا أن يُلحقوا بذلك السّلاح السّريِّ أي دمارٍ جزئيٍّ أَو كليٍّ.
وبعدَ خمس سنوات من عدوانهم وحصارهم لليمن بقي ذلك السّلاح الذي هو سرُّ انتصارهم وتفوّقهم في الميدان وهو الإيمان بالله ورسولِه وبمسيرتهم القرآنيّة.
فأيّة أكاديميّاتٍ عسكريّة ومعاهد استراتيجيّة استطاعت أن تتفوّقَ وتنتصرَ على ذلك الإيمان اليمانيّ لأحفادِ عمّار بن ياسر ومالك الأشتر؟!.
وأيّة قوّةٍ مهما تعاظمت قدرتها تستطيع أن تهزمَ أبناءَ مَن قاتلوا وسطّروا أروعَ الملاحمِ مع الإمام علي عليه السّلام في صِفِّين ومعارك الجمل وأُحُد والنهروان والخندق.
هذا الكلامُ ليس عاطفيّاً ولا مجاملةً بل كلامٌ واقعيّ فاض به التّاريخُ ونضح به عصرنا.
وأكّـده الكثيرون من أهل الخبرةِ والاختصاص منهم اللّواء المتقاعد في الجيش العربيِّ السّوري الدّكتور محمد عبّاس الذي هاتفته لأسأله حول العمليّةِ ليجيبَني بكلمتين: إنّها عمليّةٌ إلهيّة.
شهادةٌ أكّـدها أَيْـضاً العميدُ المتقاعد في الجيشٍ اللّبنانيّ شارل أبي نادر، مُشيراً إلى أنّ ما حدث في نهم يفوق النّظريات والاستراتيجيّاتِ العسكريّةَ وغيرهم من الخبراء العسكريّين والاستراتيجيين من كبارِ الضّباطِ اليمنيين والعرب.
ذلك هو سرُّ الانتصار وذاك هو السّلاحُ الأمضى الذي أرعب أمريكا والكيان الصّهيوني وهزّ بني سعود هو السّلاح نفسه الذي انتصر به حزبُ الله على الشّرّ المطلق (إسرائيل)، وهو السّلاح الذي أسقط به الشّعبُ الإيرانيّ الطّاغية رضا بهلوي وهو السّلاح الذي هزم داعش في لبنان وسوريا والعراق.
ذلك السلاحُ الذي فاق كُـلَّ أسلحةِ العصر وأثبت قوّتَه وصلابته؛ لأَنَّه عقيدةٌ إيمانيّةٌ راسخةٌ على مرّ الدّهور نابعةٌ من الإيمان بالله ورسوله ومن إرث العشقِ والوفاء الذي توارثه اليمنيّون منذ أن قال فيهم الإمام علي بن أبي طالب (ع) السلام على أهل همدان.
أناسٌ يحبون النبيَّ ورهطَه سراعاً إلى الهيجاء غير لئامِ
فلو كنتُ بواباً على بابِ جنةٍ لقلتُ لهمدانَ ادخلوا بسلامِ
وكما قال فيهم رسولُ الله: “الإيمان يماني والحكمةُ يمانيّةٌ” فإنّ الأمل يمانيٌّ والنّصر يمانيٌّ بإذنِ الله.
* كاتب لبناني