ما حدث في نِهم آية من آيات الله
نوال أحمد
خمسة أعوام وهم يتوهمون ويحلمون باحتلالِ صنعاء، وهُم يرددون “قادمون يا صنعاء”، خمسة أعوام وهم يُجندون المرتزِقةَ ويجيشون الجيوشَ، وهم يجهزون أضخمَ الأسلحة القتالية وأقوى المُعدات الحربية، حشدوا من البر آلافَ المدرعات والمجنزرات العسكرية الحديثة والتي فاقت أعدادَ مرتزِقتهم، خمسة أعوام وهم يجمعون لفيفَهم وينفقون أموالهم ويشترون مرتزِقتهم من مختلفِ الأشكال والأصناف، كُـلُّ هذا وأكثر كان قد حضَّره تحالفُ العدوان والإجرام لاقتحام صنعاء والدخول إليها من بوابة نهم، ولكنهم خسروا الرهانَ، وسرعان ما تبخرت أحلامُهم، وَكان اللهُ لهم ولإجرامهم بالمرصاد، وهو الذي يُدافع عن الذين آمنوا، وقد شاء اللهُ إلّا أن يرُدَّ كيد الظالمين والمجرمين في نحورهم، عندما كانوا يمكرون ويمكر الله واللهُ خير الماكرين، وخسر هنالك المبطلون.
حشدوا آلافَ الجيوش المجيشة، وجاءوا بآلاف الآليات والمدرعات العسكرية، طائرات حربية تشن آلافَ الغارات كغطاء جوي لتساند مرتزِقتهم أثناء زحوفاتهم على نهم، لديهم كُـلُّ أنواع الأسلحة والجيوش ويمتلكون أقوى التقنيات العسكرية الهائلة، كانوا يمتلكون ما كان ليمكّنهم من أن يحتلوا قارة بأكملها، ولكن اللهَ كان إلى جانب هؤلاء القلّة القليلة من المؤمنين، الذين يقاتلون في سبيلِه كأنهم بنيان مرصوص، في إيْمَانهم وثباتهم ورِباطهم، مجاهدينا من الجيشِ واللجان الشعبيّة المؤمنين الصادقين، والذين كان أغلبيتهم لا يمتلكون سوى سلاحهم الشخصي فقط، الذين بعونٍ من الله وفضلٍ وبعدالة القضية التي يتحَرّكون من أجلها، استطاعوا من أن ينجزوا تلك المعركة الكبيرة ليحسموها بقدرة الله وبقوة إيْمَانهم في ستة أيام، ومكّنهم اللهُ بقوّتِه من أعدائهم الذين كان أملُهم وكلُّ رهانهم على قواتهم العسكرية، لتتلاشى كلُّها أمام قوة الله العُظمى.
أكبر هجوم كان قد حضّر له العدوُّ السعو إماراتي ومن لف لفيفه من المنافقين والخونة منذُ سنوات، فأرتد كُـلُّ ذلك عليهم وابلاً من الويلات والهزائم والحسرات، حين استولى رجالُ الله على كُـلّ ما كانوا قد أعدّوه، وحرّروا من خلال هذه العملية المباركة “البنيان المرصوص“ مساحةً كبيرة جِـدًّا بلغت 2500 كم2، أي ما يقارب 3 أضعاف مساحة دولة البحرين.
وقد هَزم رجالُ الله ونكّلوا بأكثر من 22 لواء عسكريا، من الذين كان يساندهم غطاء جوي ومدفعي، ولديهم تلك الترسانة التسليحية الهائلة والحديثة، والذين كانوا يتمركزون ويتخندقون في تلك التحصينات الضخمة في داخل مناطق جغرافية صعبة، ومع ذلك لم تنفعهم كثرتُهم ولا تحصيناتُهم ولا طائراتُهم وكان نصيبُهم الفشلَ والهزيمةَ، وكان النصرُ وَالغلبةُ مكتوبا لرجال الله المؤمنين.
إلى الآن لم يستوعب الكثيرُ بعد ما حدث من معجزات إلهية، وآيات ربانية، مع أولياء الله وجنوده في عملية البنيان المرصوص، لقد عجز المحللون والخبراء العسكريون من تحليلِ هذه المعركة الكبيرة، والتي خاضها رجالُ الله بكلِّ كفاءة وقدرة ليهزموا ذلك العدوَّ ويدحروه في بضعة أيام، لقد كانت كُـلُّ تفاصيلها أشبه ما تكون بالمعجزات، ما حصل في هذه المعركة كان آيةً من آيات الله، مشاهد تعدّت الوصفَ، وفاقت التصوّرَ وَالخيالَ، في أيام قلائل تم خلالها سقوطُ 22 لواء عسكريا، و20 كتيبة عسكرية، سقوط آلاف القتلى والأسرى والجرحى وفرار ما تبقى منهم، اغتنام عتاد كبير وهائل من قِبَل رجال الله “الجيش واللجان الشعبيّة“ الذين ينتصرون بعونِ الله وتأييده لهذا الشعب الصابر، وإن كُـلَّ ما يحقّقونه من إنجازات وانتصارات إلهية خالدة، فإنما تأتي كضمادٍ لجراحات هذا الشعب المؤمن، انتصاراتهم العظيمة كانت هدايا وعطايا ربانية تشفي قلوبَ المؤمنين، نعم إنه اللهُ والقادمُ أعظمُ، وما النصرُ إلّا من عند الله، وإن تنصروا اللهَ ينصركم وكفى بالله نصيراً.