انتصاراً للحقيقة: هذا ما توصلنا إليه
محمد أمين عزالدين الحميري
تتلمذنا على كتب السلفية، وقرأنا العديدَ من كتب منظِّري الإخوان ومفكّريهم وكتابات كُتَّابهم، كما اطلعنا بقدرٍ لا بأسَ به في أدبيات الصوفية وما يسمى بالجماعات الجهادية وغيرهم من التيارات والحركات الدينية والسياسية، ولو في حدود الأهم؛ بغيةَ المعرفة عن قُرب.
وفي هذا السياق، قرأنا في أدبيات أنصار الله، ومما خَلُصنا إليه في إطار التقييم أن جماعةَ الحوثي، أنصار الله، من أكثر الجماعات التي تعرّضت للظلم الثقافي؛ وبسبَبِه وصل الأمرُ إلى شن النظام حينها وبتواطؤ خارجي ست حروب جائرة ضدها، وانتهاء اليوم بشن عدوان غاشم ترافقه حربٌ دعائية آثمة، والسببُ الأبرزُ في هذا العدوان حسب متابعتنا، أن أنصارَ الله يمتلكون مشروعا تحرّرياً إصلاحياً، ويريدون تمريرَه؛ لأجل اليمن أرضه وشعبه ومستقبله المستقل والواعد؛ ولهذا السبب ارتأت قوى العدوان وفي مقدمتها أمريكا، أهميّةَ العمل على إجهاض هذا المشروع ولو بإهلاك الحرث والنسل، والعدوان في الأخير هو على اليمن؛ وبسبَبِ غياب الوعي -وهنا مربطُ الفرس- فإن قطاعاً كَبيراً من أبناء الشعب قد زُجَّ بهم في هذه المعركة لمواجهة أنصار الله بدافع ديني وطائفي مقيت، فهؤلاء المخدوعون وبسبب الشحن والتعبئة الدينية المغلوطة لعقود، يقاتلون -بزعمهم- أنصارَ الله لضلالهم وانحرافهم عن الدين وتبعيتهم لإيران، التي هي في منظورهم حجرُ عثرة أمام الإسلام والمسلمين.
وبما أن الكثيرَ من الحقائق قد تكشفت عن الجماعة خلال خمسة أعوام واقعياً، وتغيّرت الكثيرُ من القناعات عندَ الكثير من الناس، إلّا أننا نَحُثُّ الحيارى ونَحُثُّ أولئك المخدوعين الواقفين في صف الغزاة والمحتلّين على المزيد من المعرفة، وذلك بإعادة قراءة أنصار الله من خلال أدبياتهم هم، وهي متوفرة وفي متناول الناس لا من خلال ما كتب عنهم خصومُهم، وهذا السلوك لا بُدَّ منه أَيْـضاً مع كُـلِّ جماعة يختلف معها الإنسان؛ من أجل ضمان الوصول للحقيقة بَعيداً عن الكذب والتهم الداكنة، والقراءات الناقصة والنقد الذي يسلكُه البعضُ بدافع التربُّص أَو الانطلاق من خلال ما ترسَّخ في العقول من تصورات مغلوطة عن الخصم، أو بدوافعَ فتنوية أُخرى مدفوعة الثمن.
ومن يقرأْ بشكلٍ صحيح ومنهجية سليمة، سيصلْ بنفسه إلى تحديد نقاط الاختلاف مع خصمه، وبيان الاعوجاج دون مبالَغة أَو زور وبُهتان يرتكبُه في حقِّهم، ويتعرّف على نقاط الاتّفاق والقواسم المشتركة الجامعة، ومن هنا ستتهيأُ الأجواءُ أمام العقلاء الصادقين غيرِ المرتبطين بالأنظمة الفاسدة ومخابراتها لحوارات إيجابية وتقارُبٍ مثمرٍ له ما بعدَه في واقعِ كُـلِّ مكونات المجتمع.
نقولُ هذا؛ من أجلِ كسرِ الهُوة المصطنعة بيننا كيمنيين؛ ومن أجل اليقظة والعودة إلى بعضنا البعض، ففي ذلك الخير، واليمن للجميع.