السيد نصر الله: ليس أمام شعوب المنطقة لمواجهة العدوان الأمريكي إلّا المقاومة الشاملة
في كلمة ألقاها خلال الاحتفال بذكرى القادة الشهداء “أربعينية شهداء محور المقاومة”:
المسيرة: متابعات
بارك الأمينُ العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، للشعب الإيراني وقادته، بالذكرى الـ41 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، هذه الثورة التي صمدت أمام كُـلّ الحروب والحصار والعقوبات، وذلك بفضل الحضور المبارك لشعبها في كُـلِّ الميادين.
وقال السيد نصر الله، في كلمة له خلال الاحتفال الذي أقامه حزبُ الله، الأحد، في ذكرى القادة الشهداء وذكرى أربعين شهداء محور المقاومة، لا سيما الشهيدين الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس: إن “على المستضعفين في كُـلِّ العالم، أن يعلموا أنهم يستندون على قلعة صلبة هي إيران، ومع مرور الأيّام تزداد هذه القلعة صلابة”.
كما بارك السيد نصر الله، للشعب البحريني وقادته، وعلى رأسهم الشيخ عيسى قاسم، الذكرى التاسعة لثورته، حيثُ خرج للمطالبة بشكل سلمي بحقوقه المشروعة، ودفع ثمن ذلك من الشهداء والجرحى والاعتقال الكثير من الشباب والعلماء والشخصيات، ولفت إلى أن “النظامَ البحريني حوّل هذه الدولة إلى قاعدة للتطبيع مع العدوّ الإسرائيلي”.
ولفت السيد نصر الله، إلى أن “ميزة القادة الشهداء أنهم كانوا يحملون همَّ المسؤولية، إلى جانب الاستعداد الدائم للتضحية بلا حدود”، وأضاف: “الشهداء شكلوا لنا مدرسةً حيةً نابضة يسهل الاقتضاء بها”.
وأكّـد السيد نصرالله، أن “المقاومة ليست خطابات منفصمة عن الواقع، والشهداء جسدوا كُـلَّ القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية والجهادية”، وتابع: “عندما نقرأ وصية سليماني، نجد أننا أمام قائد مجاهد يحمل هموم بلده وشعبه وأمته، ويرشدهم إلى عناصر القوة”، ورأى أن “اللهَ أعزَّ الشهداء في الدنيا في جهادهم وشهادتهم، كما يعزهم في الآخرة كما وعد المجاهدين والشهداء”.
وأشَارَ السيد نصر الله، إلى أنه “في بداية المقاومة، دماءُ الشيخ راغب حرب أدخلتنا إلى مرحلة جديدة مختلفة، وكذلك الأمر مع شهادة الشيخ عباس الموسوي، والحاج عماد”، واعتبر أن “شهادة سليماني والمهندس أدخلت المقاومةَ في كُـلّ المنطقة، وأدخلت محور المقاومة والجمهورية الإسلامية في مرحلة جديدة وحساسة ومصيرية جدًّا”.
وأكّـد السيد نصر الله، أن “ما سُمي صفقة القرن ليس صفقةً بل خطة إسرائيلية لإنهاء القضية الفلسطينية تبناها ترامب”، ولفت إلى أن “نجاحَ خطة ترامب مرهون بالمواقف التي تُتخذ والثبات على المواقف”، وشدّد على أن “أمريكا ليست قدراً مكتوباً، وهي فشلت سابقاً عندما قرّرت الشعوبُ الرفضَ والمقاومة”، ورأى أن “الأهمَّ من خطة ترامب موقفُ الفلسطينيين أنفسهم، والموقف الفلسطيني هو الحجر الأَسَاس في مواجهة خطة ترامب، والشعب الفلسطيني بالإجماع عبّر عن موقف حاسم ورافض، وهذا متوقع وطبيعي”، وتابع: “لم نجد موقفاً مؤيداً لخطة ترامب، هناك ترامب ونتنياهو فقط موافقون على هذه الخطة، وهذا يمكن البناءُ عليه”.
وقال السيّد نصر الله: “يجب الإشادةُ بالإجماع اللبناني في رفض خطة ترامب”، ورأى أن “الموقفَ اللبناني سببُه إدراكُ اللبنانيين مخاطرَ هذه الخطة على المنطقة ولبنان”، ولفت إلى أن “خطة ترامب تطال لبنان؛ لأنها أعطت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر للكيان الصهيوني وكذلك التوطين”، وتابع أن “روحَ هذه الخطة ستكون حاكمة على مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة، وتأثير ذلك على الثروة النفطية”، وأشَارَ إلى أنه “بالنسبة إلى التوطين، ما يطمئن هو الإجماع اللبناني والفلسطيني ومقدمة الدستور”، وأضاف: “إذا كان هناك في لبنان من يتحدّث عن هواجس ومخاوف، يجب أن نحترم هذا الخوف وهذه الخشية”، وأوضح: “لا يجب أن نغضبَ من بعض اللبنانيين إذَا كان هناك مكان للخشية أَو القلق، سواءً بالنسبة إلى التوطين أَو المزارع والتلال أَو الثروة النفطية”، وتابع: “المواقف في لبنان اليوم هكذا، لكن ما هي الضمانة أن تبقى هذه المواقف كما هي في المستقبل”، وأشَارَ إلى أنه “قد يأتي مَن يتحدّث عن قبول المساعدة المالية؛ بسبَبِ الأوضاع الاقتصادية والمالية”.
وبالسياق، قال السيد نصر الله: “الموقف العربي من خطة ترامب ممتاز، لكن البعضَ يعتبر أنها قابلة للدرس، أَو أن هذا هو المتاح، وهكذا يبدأ الاستسلام”، وأضاف: “هناك خشية من أن يذهب الموقفُ العربيُّ لا سيما الخليجي بالمفرق”، وتابع “قد يصح القول إن الخطة ولدت ميتة، لكن قد يصح القول إن هناك خطة يرفضها العالمُ، لكن صاحبها مصرٌّ على تنفيذها وتطبيقها”، ولفت إلى أن “أمريكا هي من تقومُ بمواجهةٍ مع كُـلّ شعوب وحكام المنطقة الذين يرفضون الاستسلام وليس نحن”، وأكمل: “نحنُ أمام مواجهة جديدة لا مفرَّ منها؛ لأن الطرف الآخر يهاجم ويبادر ويقتل ويشن الحروب”، وشدد على أن “المرحلةَ الجديدة تفرض على شعوبنا في المنطقة، الذهاب إلى المواجهة الأَسَاسية”، ولفت إلى أن “الإدارة الأمريكية تُعتبر أعلى مصداق للشيطنة وللإرهاب وللتوحش والعدوانية والتكبر والاستعلاء والإفساد في الأرض”، وأضاف: “شعوبنا مدعوة إلى الذهاب للمواجهة”، وأوضح: “نحن ما زلنا في مرحلة رد الفعل، ورد الفعل البطيء والمتأخر أيضاً”، وأكّـد أنه “ليس أمام شعوب المنطقة أمام هذا العدوان الأمريكي المتعدد والمتنوع، إلّا خيار المقاومة الشاملة والشعبيّة في كُـلِّ أبعادها الثقافية والاقتصادية والسياسية والقضائية”.
وشدّد السيد نصر الله، على أنه “في هذه المعركة نحتاجُ أولاً إلى الوعي، وأن ندعوَ إلى الحقيقة الواضحة وإلى عدم الخوف من أمريكا وإلى الثقة بالله وبقدرتنا وقدرة أمتنا”، وتابع: “نحتاج إلى أمل بالمستقبل، وبأن أمريكا وإسرائيل ليست قدراً محتوماً”، وأضاف “أمريكا تتحمل مسؤوليةَ كُـلّ جرائم كيان الاحتلال بالمنطقة؛ لأنها الداعم الحقيقي له”، ولفت إلى أن “أمريكا تدعم الحربَ الدائرة اليوم ضد الشعب اليمني، لتستفيد اقتصادياً ببيع أسلحتها لدول تحالف العدوان”، وسأل “مَنْ يصدّق أن الحرب الدائرة اليوم على اليمن ليست بموافقة وحماية ودعم أمريكي؟”، ولفت إلى أن “أمريكا هي المسؤولة عن فظائع داعش التي ارتكبت المجازرَ المهولة في العراق، وهددت مصير العراق وفعلت الأفاعيل في سوريا”، وأوضح أن “أمريكا؛ من أجلِ فرض مشاريعها تلجأ إلى كُـلِّ الوسائل لديها”، وأشَارَ إلى أن “أمريكا عندما تحتاجُ إلى حرب عسكرية، تقوم بذلك، وعندما تحتاج إلى حرب بالوكالة تقوم بذلك، وكذلك الأمر عندما تحتاجُ إلى اغتيال أَو ضغوط مالية واقتصادية أَو فتح ملفات قضائية”، وتابع: “نحن يجب أن نواجه بنفس الوسائل، ونحن بحاجة للمقاومة الشاملة وعلى امتداد عالمنا العربي والإسلامي”.
وسأل السيد نصر الله “لماذا لا نلجأ إلى مقاطعة البضائع الأمريكية؟ هذا جزء من المعركة”، وشدد على أن “كلَّ شعوب المنطقة ستحمل البندقيةَ في مواجهة الاستكبار، وأمريكا بنفسها لم تترك خياراً سوى ذلك”، وتابع: “يجب إعدادُ ملفات قانونية توثق جرائمَ الولايات المتحدة ومسؤوليها وأدواتها وتقديمها للمحاكم الدولية”، وأضاف “أدعو كُـلَّ العلماء والنخب والمؤسّسات والحكومات إلى الدخول في جبهة المقاومة المتعددة والشاملة لمواجهة أمريكا”، وأوضح “بحال كنا لا نريد مقاطعة كُـلّ البضائع، فنختار بعض الشركات وهذا شكل من أشكال المواجهة”، ودعا “للذهاب إلى عمل جادّ في مقاطعة البضائع الأمريكية أمر سهل”، ولفت إلى أن “الإسرائيلي يخاف من الموت، بينما نقطة ضعف الأمريكي الأمن والاقتصاد”، وتابع: “نحن أُمَّــة حيّة وقوية لكننا نحتاجُ للقرار والإرادة والتصميم على المواجهة في المجالات المختلفة”.
من جهة ثانية، أكّـد السيدُ نصر الله أن “المسؤوليةَ الأولى للرد على جريمة اغتيال القائدين الشهيدين سليماني والمهندس ورفاقهما، تقع على العراقيين”، وذكّر أن “الشهيد القائد أبو مهدي المهندس، من الشخصيات المركزية وقادة الانتصار على داعش”، ولفت إلى أن “الوفاءَ لدماء الشهيدين المهندس وسليماني يكون بحفاظ العراقيين على الحشد الشعبي”، وأشَارَ إلى أن “الوفاءَ لدماء الشهداء يكون بمواصلة تحقيق هدف إخراج القوات الأمريكية بالوسائل التي تختارونها”، وشدد على أن “المطلوبَ أَيْـضاً السعي؛ من أجلِ العراق قوياً ومقتدراً وعزيزاً وحراً حاضراً بقوة في قضايا المنطقة، وليس معزولاً عن هموم الأمة”.