من عَبَقِ الزهراء
زينب الديلمي
هي تلك الصدّيقة التي اصطفاها اللهُ على نساء العالمين، وجعلها سيّدة نساء الجنة..
تلك التي بشَّر اللهُ نبيه بكوثرٍ نورانيٍّ يفيض من بركته وعطائه إشراقة شمس جديد، تمتدُّ فيها أشعّة رسالة أبيها مُجدداً، تلك الجوهرة الفريدة والريحانة الطّاهرة لأبيها وبضعته النقيّة، حيث كُنّيت بــ «أم أبيها» تلك المُختارة من بين ثلاثة نساء اللواتي اصطفاهُنَّ اللهُ على سائر النساء..
فجعلها أطهرهُنَّ وأتقاهُنَّ وأنزههُنَّ وخيرهُنَّ، تلك المرأةُ الزكيّة النقيّة التي سجدت لها الشمسُ والقمر والاثنا عشر كوكباً من ذرية أبيها بولادتها المباركة، فكان على رأسها تاجٌ دُرّيٌّ يوقد من العلم والكمال والزّهد والزاد الإِيْمَاني، التي منَّ الله عليها بعطاياه من ذروة الكمال الإِيْمَاني والإنساني.
أشرق الكون وعمَّ بطوله وعرضه فرحاً بمجيئ هذه المرأة العفيفة التي كانت مصدراً للعطاء وينبوع الخير والإحسان، فأضاءت نجومُ الولاية وشمس الهداية، فأفاض اللهُ من بركته على أمة محمّد وعلى بني هاشم وبني عبد المُطلب، فكانت خير مشكاة تضيئ كُـلَّ دروب العفّة والنجابة؛ لتجعل سائر نساء العالمين قدوة لها.
عندما أسدِلت ملائكة السّماء الحجاب أمام عيني مريم بنت عمران -عليها السّلام- في محراب مُصلَّاها، لتخبرها عن أطهر نساء العالمين قدوةً وأخلاقاً وعفةً، فإن النّساء اللواتي بُعثن في عهد الأمم السابقة المُصطفيات على نساء العالمين، ليؤكّـدن بأن هناك نورا سينفلق صبحه يوماً ما، وتصبح ابنة التي أسماه الله “أحمد” المُبشَّر في القرآن والصُحف والكُتب التي حرّفتها آفة الحقد والكُفر.
إنّا لنحمد الله ونشكره كثيراً إذ اختار لها مقام العِصمة ومقام العُلَى ومقام سيدة نساء العالمين وسيدة نساء الجنّة، وأنَّ أباها -صلوات الله عليه وعلى آله- الذي قال عنها وفي حقها: (إنَّ اللهَ يغضبُ لغضبكِ ويرضى لرضاكِ) وشهدت لها آية المُباهلة وآية التطهير بذلك، فما أجلّها وأعظمها من تكريمٍ إلهي ومنزلة عُليا، إذ فطمتِ من زلاّت الرجس والذنوب؛ لتكون بتلك الطّهارة والعصمة التي شرّفها الله بذلك.
إنَّ المرأةَ اليمنيةَ اليوم تُجسِّد تضحياتها وصبرها وثباتها وجهادها ومروءتها، تقاوم آلةَ الكفر والنفاق وتقدم ما نَذر لها في سبيل الله، وتواجه ١٧ دولة لا يمتلكون الحقَّ في شنّ عدوان على بلد الإِيْمَان والحكمة، وتكافح كُـلَّ المعاناة والمواجهات والصّعوبات التي استطاعت كسر حواجزها كما كانت قدوتها الزّهراء -سلام الله عليها-.
فيوم مولدها هو يوم المرأة المسلمة، يوم انبعاث النّور المُستضاء من السّماء، يومٌ تجلى فيها مكانة المرأة في الإسلام، فهنيئاً لنا بقدوة وأسوة حسنة مثل الطُهر البتول وريحانة وبضعة أبيها خاتم الأنبياء.