من عبَدَ الطاغوت تقرّب إليه بالخيانة والإجرام
منير الشامي
أكثر ما لفتني وأنا أتابعُ البيانَ الصحفي للناطق الرسمي لوزارة الداخلية، عن العملية الأمنية الكبرى “فأحبط أعمالهم”، هو أسماءُ المجرمين الخونة الذين تشكّلت منهم الخليتان الإجراميتان، حيث ظهر أن الكثيرَ من أولئك الحثالة كانوا من ضمن الموظفين ببعض أجهزة الدولة المستمرّين في مناصبهم الرسمية من بداية العدوان، وممن عايشوا جرائمَ العدوان ومجازره وشاهدوا الآلافَ المؤلفة من أطفالنا ونسائنا ورجالنا وكهولنا، ضحايا غارات العدوان، وشاهدوا بقايا أجسادهم المنسوفة في الأسواق والشوارع وفي المدارس والمنازل وأوصالهم المتناثرة، وشاهدوا جثثَهم تنتشل من تحت الأنقاض، وعايشوا عملياتِ القصف طيلة أعوام وهي تعصف بجميع اليمنيين بمختلف انتماءاتهم واتّجاهاتهم وتكويناتهم، دون استثناء لفئاتهم أطفالاً ورجالاً ونساءً وكهولاً ودون استثناء لاتّجاهاتهم، مؤيدين له ومناهضين، ما يعني أن أولئك الخونةَ كانوا يعلمون علمَ اليقين ما يلي:
١- أن كُـلَّ مواطن يمني هدفٌ للعدوان الإجرامي، صغيراً أَو كبيراً ذكراً أَو أنثى، شريفاً أَو مرتزِقاً.
٢- أن تحالفَ العدوان ينظرُ إلى مرتزِقته نظرةً دونيةً ويعاملهم كعبيد بل وأدنى من معاملة العبيد، وأنه لم يحفظ جميلاً لأي مرتزِق من أكبرهم وحتى أصغرهم طوال فترة عدوانه، ولم يمسك معروفاً لأخلصِ مرتزِقته، كذلك بل ينظر إليهم كخونة لا قيمةَ لهم ولا ثمن، ويقصفهم وهم في مقدمة المواجهات دفاعاً عنه وعن أرضه وحدوده.
٣- وضع المناطق الخاضعة لتحالف العدوان والواقعة تحت سيطرته، وما يقوم بها من قتل وقمع وَتشريد وانتهاك وتعذيب طيلة تواجده فيها.
٤- أن تحالفَ العدوان هدفُه احتلالُ اليمن ونهب ثرواته وكسر إرادة شعبه، ومصادرة كُـلّ حقوقهم، وجعله تحت وصايته واستعباده بشكل مستمرّ.
٥- أن تحالفَ العدوان يريد للمحافظات الوقعة تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبيّة، أن تكونَ أوضاعُها مثل أوضاع المناطق المحتلّة، يسودها الفوضى والجرائم والانتهاكات.
٦- أن تحالفَ العدوان لا يقاتل؛ مِن أجلِ شرعية ولا؛ مِن أجلِ مصلحة شريحة من الشعب وليس أَيْـضاً؛ مِن أجلِ القضاء على أنصار الله بل يقاتل؛ مِن أجلِ أطماعه؛ ومن أجلِ مصلحة اليهود والنصارى؛ ومن أجلِ القضاء على اليمنيين جميعاً وعلى دولتهم ومقدراتهم.
مع ذلك رموا بأنفسهم تحتَ أقدامه، وباعوها بدرهمه ورياله، وجعلوا من أنفسهم عبيداً تحت جزمته وعقاله، وانطلقوا لارتكاب الخيانة العظمى، غير مباليين أن أولادَهم وأسرَهم سيكونون أول ضحايا خيانتهم.
لم يبالوا أَيْـضاً بما ستؤول إليه الأمورُ لو نجحوا في خيانتهم، ونجح المخطّط القذر الذي تحملوا مسؤوليةَ تنفيذه، ولم يحسبوا حتى مصيرهم ومصير أسرهم حينئذٍ، ما يعني أنهم أقدموا على الخيانة العظمى مع سبق الإصرار والترصد، وأنهم يحملون نفوساً إجراميةً وقلوباً شيطانيةً، من أكابر مجرميهم القوسي وعفاش وحتى آخر واحد منهم.
سألت نفسي بعد ذلك: هل يحمل هؤلاءُ الحثالةُ ذرةً من دين أَو من خلق أَو من إنسانية، أَو أية ذرة انتماء يمانية؟!
فأجابتني سريعاً، لا لا لا إطلاقا!!، فلا يوجد في أنفسهم القذرة ولا في قلوبهم النتنة، ما يتسع لعشر معشار ذرة من ذلك.
فسألتها، ولماذا؟
فأجابتني نفسي؛ لأَنَّها مليئةٌ برجس عفاش، ومكتظةٌ بدنسه، تعبده وقد صار عظاماً نخرة، وتسجد في محرابِ فساده، وتطوف حول قداسة عمالته، وتسيرُ على درب خيانته وإجرامه، ثم تنهدت نفسي وقالت لي: وتذكّر دائماً أن “مَنْ عبد الطاغوت تقرّب إليه بالخيانة والإجرام”.