مخاوف العدوان من تطور الدفاعات الجوية اليمنية
منصور البكالي
النجاحُ في المعركة الجوية يسهّلُ على الجيش واللجان الشعبيّة، الاستمرارَ بوتيرة عالية، في خوض معركة التحرير الشامل للأراضي اليمنية من دنس الغزاة ومرتزِقتهم، ويقطع الطريق على الأحلام السعودية والإماراتية في صنعاء ومأرب والجوف والحديدة وشبوة وتعز، ويمتد مع قادم الأيّام لإفشالها في عدن والمهرة وحضرموت وكل المحافظات والمناطق المحتلّة.
ويجعلُ قطعان الغزاة ومرتزِقتهم على الأرض، لقمة سائغة ستبتلعها العمليات العسكرية البرية للجيش واللجان الشعبيّة في المراحل القادمة، وعامل أَسَاسي في الدفاع عن الثروة والسيادة الوطنية، والحرية والاستقلال، وآخر مسمار في نعوش الغزاة ومرتزِقتهم المراهنين على حمايتهم من الجو.
وتُمثّل دفاعاتنا الجوية المتطورة نقطةَ تحوّل مركزية، في سير المعركة، وخطوة يمنية متقدمة كفيلة بإفشال مخطّطات دول العدوان والاحتلال، الساعية لتقسيم الجغرافيا اليمنية، وزرع الخلافات بين أبناء الشعب المنهوبة ثرواتُه والمسيطر على قراره، والمصادرة حريته واستقلاله، منذُ عقود.
وهذه الإنجازاتُ تضعُ قياداتِ دولَ العدوان وخبراءَهم العسكريين الاستراتيجيين أمام لحظة تساؤل فارقة، عن العمليات العسكرية التي سينفّذها مجاهدو الجيش واللجان الشعبيّة، وعن تحديد مكانها ومدياتها وحجمها الجغرافي، وفي أية جبهة ستبدأ صنعاء استخدامَ هذا النوع المتطور من الدفاعات الجوية، وما هي الطائرات القادرة على التغلب على هذا السلاح؟ وما مصير جيوشهم ومرتزِقتهم؟، وما مدى تأثير هذا السلاح، في عزل الغطاء الجوي، وكم هي المسافة التي يستطيع تغطيتها، وكثير من الأسئلة التي يبحَثون لها عن حلول.
كما إن هذه الإنجازات تعزّز لدى الغزاة ومرتزِقتهم، حقيقةً مفادُها أن خيوطَ المعركة، ومعادلةَ الاشتباك لم تعد اليوم بأيديهم، ولم يعودوا هم من يحدّدونها ويرسمون خططها على الميدان، بل باتوا اليوم أكثر يقيناً بأن الجيش واللجان الشعبيّة هم فقط من يمتلك زمام الأمور، وهم من يحدّد توقيت وزمان ومكان العمليات العسكرية القادمة ومسرحها العملياتي.
وأوصلت العدوَّ ومرتزِقتَه إلى معادلة الانتظار لقِطار المفاجئات اللامتناهية، التي تقودهم وجنودهم إلى الهزيمة الساحقة، وتجرع مرارتها، مع البحث عن حلول جراحية عبر الأمم المتحدة، تمنحهم فرصة من الوقت للتفكير عن طريقة يستطيعون من خلالها الخروج بنفسهم من حجم الهزيمة، وخطوط الاشتباك المباشر، وإقناع أتباعهم المرتزِقة بأهميّة الاستمرار في المواجهة للدفاع عن ما أمكنهم من المناطق الغنية بالثروات، والدفاع عن الحدود السعودية، وتنفيذ مخطّطاتها هنا أَو هناك.
وليس هذا فحسب، بل إن العدوَّ اليوم يُجهّز نفسه وأدواته للهروب من بعض الجبهات الأقل أهميّةً، وتجميع كُـلّ قواهم الممزقة والمشتتة حول الجبهات التي تهم الغزاة وتخدم مصالحهم على المدى البعيد والمتوسط في الدرجة الأولى.
ولن أكون مبالغاً إن قلت بأن التحَرّك السعودي في المهرة يؤكّـد هذا التوجّـه ويكشف طبيعة التفكير، ويفضح مستوى الطموح الاستعماري الذي شرعت؛ من أجله منذ اللحظة الأولى لشن العدوان على شعبنا اليمني، وخططت له من ثمانينيات القرن الماضي.
أما تفكير المرتزِقة والعملاء، الذين لم يعد لديهم أبسط تفكير بكذبة عودة الشرعية وخزعبلاتها، فصار اليوم في إطار محدود للغاية، فمنهم من يرقب نهايته المدوية كحزب الإصلاح، ومنهم من يستمرُّ في المناورة العسكرية ليكسب بها فرصة للحوار والتفاوض على الطاولة، كمرتزِقة الإمارات العفافيش، ومنهم من خدعهم الغزاة بفصل الجنوب وتنصبهم وكلاء تابعين، وكأن شعبَنا اليمني لم يثر ولم يملك مشروعاً قرآنياً يحمل همَّ الأمة بكلها، وجعل من تحرير المقدسات والشعوب من الهيمنة الصهيوأمريكية في قائمة أولوياته!.
ومع كُـلّ هذا نقول للجميع، بأن صنعاء بقيادتها الثورية والسياسية اليوم، تبحر بسفينة اليمن في بحر أقل هيجاناً مما مضى، وبمهارة عالية، ومجاديف في سواعد ذات بأس شديد، هي من تحدّد مستقبلَ اليمن ومن تُجهّز مصير الغزاة ومرتزِقتهم، ومن تحضّر المشاهد الأخير للمعركة التي ابتدأها الغزاة والمحتلّون منذُ خمسة أعوام.