آياتُ النّصر اليمانيّ
شوقي عواضة
“نحنُ على أهبة الاستعدادِ” للرّدّ على الهجومِ الذي استهدف البنيةَ التّحتيّة النّفطيّة لشركةِ أرامكو شرقي السّعودية، بتلك العبارةِ تعهّد الرّئيسُ الأمريكيّ دونالد ترامب بحماية نظام آل سعود بعد أكبر هجومٍ للجيش اليمني واللّجان الشعبيّة، استهدف شركةَ أرامكو في بقيق وخريص شرق المملكة.
إعلان ترامب وعمليّةُ ابتزازه الجديدة جاءت تلبيةً لدعوة ملك السّعودية ترامب، الذي أرسل تعزيزاته العسكريّة، من صواريخ الباتريوت وأنظمة رادار ونظامٍ دفاعيّ من منظومة أرض – جو (ثاد)، إضافةً إلى مِئتي خبيرٍ في الدّعم لتعزيزِ قدرات الدّفاعات الجويّة والصّاروخيّة السّعودية؛ مِن أجلِ حماية البنى التّحتيّة والمنشآتِ الحيويّة العسكريّة والمدنيّة وصدّ أي هجومٍ يمنيٍّ محتملٍ على المملكة. دعمٌ أمريكيٌّ مدفوع الثّمنِ، دفع محمد بن سلمان للإعلان بأنّ مملكته قادرةٌ على مواجهة أيِّ هجومٍ والتعامل معه.
اليوم وبعد مرورِ ستة أشهرٍ على اعتماد استراتيجيّة الدّعم الأمريكيّ، والتّعهّد بحماية أمن المملكة، أسقط اليمنيّون أحدثَ الاستراتيجيّات الأمريكيّة وسقطت معها قراراتُ ترامب والبنتاغون العسكريّة والسّياسيّة، وأثبتت فشلَها الذّريع في مواجهة رجالِ الله الحفاة، لا سيّما في ظلِّ توالي الانتصارات ما بعد هجومِ أرامكو، الذي شكّل مرحلةً انتقاليّةً جديدةً أعلن عنها النّاطقُ باسم الجيش والقوّات المسلّحة العميد يحيى سريع.
وإذا ما أجرينا تقييماً للمرحلة ما بعد عمليّة بقيق وخريص، وتحديداً منذُ الإعلان عن عمليّةِ نصر من الله، للحظنا تفوّقَ الجيش اليمنيّ واللجان الشعبيّة من خلال تحقيقِ انتصاراتٍ نوعيّةٍ في شتّى المجالات الأمنيّة والعسكريّة والجويّة وعلى مستوى الجبهات الدّاخليّة والخارجيّة، لم تفرض من خلالها عمليّةُ توازن الرّعب وحسب بل تفوّقت على العدوانِ وكسرت بأغلبها النّظريّاتِ العسكريّةَ وخرقت مناهجَ الأكاديميّات العسكريّة.
فعلى المستوى العسكري كان الإنجازُ العسكريّ الكبير عمليّة نصرٍ من الله التي أعلن عنها في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، أي بعد مرورِ أقلّ من شهرٍ على عمليّة أرامكو جاءت عمليّة (نصر من الله) التي تمَّ فيها تضليلُ العدوّ واستدراجه أمنيّاً، ممّا يدلُّ على تفوّق العقل الأمنيّ للجيش واللّجان على أنظمة المخابرات، واستطاع خلالها المقاومون اليمنيون تحريرَ مساحة 500 كيلو متر مربع، وأسر ثلاثة آلاف مرتزِق من مختلف جنسيّات دول العدوانِ، إضافةً إلى تدمير أكثر من 350 آليّة ومدرّعة، وعمليّة (إن عدتم عدنا) النّوعيّة والتي استخدمت فيها الصّواريخ البالستيّة والطّائرات المسيّرة واستهدفت معسكرات قوّات التّحالف العدوانيّ والعملاء في المخا بالسّاحل الغربي، أدّت إلى إصابة 350 مرتزِقاً ما بين قتيلٍ وجريحٍ ومن مختلف الرّتب والجنسيّات، إضافةً إلى تدمير مخازن أسلحةٍ ورادارات وبطاريّات باتريوت، ليسجّلوا انتصاراً آخرَ في كانون الثّاني/ يناير من العام الحالي، حيثُ أعلن العميدُ سريع عن عمليّة “البنيان المرصوص” التي حرّر فيها الجيشُ واللّجانُ الشعبيّة مساحةً تُقدّر بأكثر من 2500 كم مربع، وسقط خلال العمليّة الآلافُ ما بين قتيلٍ وجريحٍ وأسير، وجرى دحرُ خمسة ألوية واغتنام آلياتها وعتادها في صرواح والجوف، جاءت هذه العمليّةُ بالتّزامن مع استهداف مطار أبها وشركة أرامكو في جيزان ومطارها وقاعدة خميس مشيط في العمق السّعودي، بالصّواريخ والطّائرات المسيّرة رداً على التّصعيد الجويّ للعدوانِ.
ودون الدّخول بتفاصيل صدّ الهجمات اليوميّة في الحديدة والسّاحل، يُسجّلُ للجيش اليمني واللّجان الشعبيّة التفوّق في الانتصار جوّاً، ليس من خلال تطويرِ منظوماتِ الطّائرات المسيّرة وحسب، بل من خلال صدّ وإصابة وإسقاط عدّة طائراتٍ لقوى العدوان، من طائرات استطلاعٍ أمريكيّةٍ أَو سعودية أَو طائرات الأباتشي والطّائرات الحربيّة، والتي كان آخرَها في الخامس عشر من شباط/ فبراير الجاري، حيث أسقطتِ الدّفاعاتُ الجويّة اليمنيّة طائرةً حربيّةً نوع تورنيدو في سماء محافظةِ الجوف.
كلُّ تلك الانتصاراتِ تثبت وفقاً للمنطق العسكريِّ تفوّقَ الجيش اليمنيّ واللّجانِ الشعبيّة على العدوانِ وعلى كافّة المستويّات التي ذكرناها، بالرّغم من تخطيها في بعض العمليّات للمنطقِ والقواعد العسكريّةِ، وتحوّلها إلى انتصاراتٍ إلهيّةٍ أذهلتِ الخبراء والمحلّلين العسكريّين والاستراتيجيّين، وذلك بفضلِ الله وقوّة إيمانهم ويقينهم بالنّصر الإلهي.
وستثبت الأيّامُ القادمةُ أنّ أولئك الرّجالَ سيكونون في طلائعِ فصائلِ المقاومة على طريقِ تحرير فلسطين والمنطقة من الكياناتِ المتسابقة لنيلِ الرّضا الأمريكيّ والتّطبيع مع أعداء الله، سيذكرُ التّاريخ ذات يومٍ أنّ أولئك الرّجال أُسد المقاومين استحقوا بجدارةٍ أن يكونوا أنصار الله ورجاله، في مواجهةِ أعتى قوى استكباريّة. ذلك هو اليمنُ المحاصر الذي يخوضُ معركةَ الأمّة بأسرها، ليهزمَ طواغيت العصرِ ويتحقّق الوعد الإلهي مكلّلاً بآيات النّصرِ اليمانيِّ.