فيروس ”الـكبر” كفيلٌ بهم!
عـبدالله عـلي صبري
ربما يَوَدُّ آلُ سعود أنهم لم يتورَّطوا في حربِ اليمن، ومحاولة إعادته إلى “بيت الطاعة” بلغة القوة والإكراه، الذي ترجمته الأيادي المتصهينة إلى عدوان حَفِـــلَ بالجرائم والمجازر ومختلف أنواع الاستهداف الذي شمل أرجاءَ اليمن، وكل اليمنيين بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم، ومع أن الفُرَصَ قد سنحت تباعاً، إلّا أن آل سعود قد أمعنوا في إهدارِها، ظناً منهم أن الأيّام قد تأتي بمستجدات تجعلهم في موقع من يفرض شروطَه وإملاءاته على أنصار الله، ومختلف القوى الوطنية المناهضة للعدوان.
بيد أن هذا اليومَ الذي انتظره المجرمون لم يأتِ، وهيهاتَ أن يصلوا إليه، وفي اليمن شعبٌ عصيٌّ على الانكسار، وقيادة آلت على نفسها أن تطوّر وتستنفر كُـلَّ الإمْكَانات والجهود حتى تنتصر للشعب ولمظلوميته وعدالة قضيته.
لقد كانت ضربةُ وعملية “بقيق الكبرى” المؤشرَ الحاسمَ الذي وضع حدّاً لغطرسة وغرور آل سعود، والنظام السلماني، كما أن عملية “نصر من الله” قد أحالت كيدهم باتّجاه صعدة الأبية إلى ”سراب”، أما عملية “البنيان المرصوص”، فقد قضت على بقية المرتزِقة وفرضت عليهم حالةً من الخزي والانكفاء، بعد أن كانوا يهدّدون ويتوعدون باقتحام صنعاء، فانقلبت عليهم الدائرةُ في عشر ليال وضحاها، وغدت قلعتُهم الحصينةُ في مأرب على شفا الانهيار.
كانت كُـلُّ هذه الأحداث والمستجدات كفيلةً بردع النظام السعودي، الذي كان قد استجاب للتهدئة منذُ 21 سبتمبر 2019م، وعمل خلالها على استعادة الأنفاس وترتيب الأوراق، والتصعيد من جديدٍ، فأحبط اللهُ كيدَه، حين أتاه الردُّ المزلزل، وتمكّنت القوةُ الصاروخية والطيران المسيَّر اليمني من اجتراح عملية “توازن الردع الثالثة”، واستهداف ميناء ينبع النفطي، الذي شيَّدته الرياض، استباقاً لأية تطورات تحول دون تصدير النفط من ”مضيق هرمز” أَو ”باب المندب”، وكأن هذه العملية تقول إنه في ساعة الصفر اليمانية لن يكون بمقدور آل سعود تصديرُ أية كمية من النفط قلَّت أَو كثرت، لا عبر المسارات الاعتيادية ولا حتى البديلة أَيْـضاً، ونحنُ نعلم ماذا تعنيه الثروة النفطية للمملكة وللأسرة الحاكمة فيها.
صحيحٌ أن الرياض عادت إلى سياسة التعتيم على خسائرها الكبرى جرّاء الضربات اليمانية، إلّا أنها لن تقوى على المكابرة طويلاً، خصوصاً أن أعينَ العالم مفتوحةٌ على اقتصاد واستقرار دولة تحاول أن تسابق الزمن؛ بغيةَ تنفيذ رؤية 2030م وبغية اكتساب ثقة العالم مجدّداً، بعد الخيبات التي طالتها والنكسات التي لحقت بسمعتها جرّاء انكشاف أمنها القومي خلال يوميات العدوان؛ وبسبَبِ تزايد السخط الدولي تجاه ما ترتكبه من جرائمَ بحقِّ المدنيين في اليمن، ومن انتهاكات بحقِّ مواطنيها في الداخل.
في المناهج السياسيّة، هناك من يستخدم اقتراب ”الفاعل العاقل”، وفحواه أن النظامَ السياسيَّ يحتكم في مختلف الظروف إلى قراءة عقلانية لمسار الأحداث والأزمات، وأنه في سلوكه السياسيّ يسعى إلى تعظيم المنفعة التي يمكنه الحصول عليها عن طريق حساب الربح والخسارة، ما يجعل الباحثين يتكهنون الخطوةَ التالية ويبنون عليها، غير أن العقلَ السعوديَّ يبدو مغيباً تماماً؛ إما بسَببِ استلاب قرار الحاكمين في الرياض لصالح الأجندة الصهيوأمريكية؛ أَو بسَببِ تفشي فيروس ”الكبر” في جينات العائلة الحاكمة، ما يجعل أفرادَها يعمون عن رؤية الحقيقة كما هي، في داء عضال يأتي على صاحبه، فيقضي عليه قبل أن يتمكّنَ منه خصومُه!!.