التحديات الأمنية الاستراتيجية مع العدو
رشدي عبدالرحمن
اليمن غدت خصماً قوياً للكيان السعودي ويشكِّلُ تحدياً وجودياً له في المنطقة؛ لذلك يسعى العدوُّ إلى افتعال مشاكلَ بعيدةٍ عنه، بدعم وتعاون من الحلفاء الدوليين والإقليميين له؛ بهدف استنزاف أعدائه بعيداً عن جبهته الداخلية أَو عن المواجهة المباشرة وذلك بوسائلَ متعددةٍ، منها إثارة الفوضى وتصعيدُ عوامل الصراع الداخلي عبرَ إثارة النزاعات المذهبية والعِرقية داخلَ البيئة المعادية له.
واليوم يسعى العدوّ الصهيوسعو أمريكي حثيثاً إلى سد الثغرات التي تفرضُها عليه التطوراتُ الإقليمية، خَاصَّةً بعد أن أفشل الجيشُ اليمني واللجان الشعبيّة استراتيجيتَه الأمنية وفرَضَ عليه تحدياتٍ جديدةً ومعادلة استراتيجية تستجيبُ لتحديات غير مسبوقة على الصعيد الأمني، وتعمق مأزقه الوجودي، فقد تحولت الجبهة الداخلية عنده إلى جزء من ساحة الحرب؛ بفعل قدرات القوة الصاروخية، الأمرُ الذي أسقط نظريةَ تحييد الجبهة الداخلية التي نجحت خلال حروب جيش العدوّ مع الجيوش العربية، وجعل نظرية نقل المعركة إلى ساحة الخصم غير ذي جدوى، كما فرض عليه الجيش اليمني تحدي صعوبة نقل الحرب إلى ساحة الخصم عبر فرض خيارات قتالية غير تقليدية في مواجهة حرب العصابات، ومن خلال مجموعات صغيرة، أو عبر القتال المتحَرّك وعدم التقيد بالإمساك بخطوط دفاعية ثابتة، وهو ما استجلب تحدياً آخرَ لنظرية (الحرب الخاطفة) التي اتبعها مخطّطو النظرية الأمنية الصهيونية، فهذه النظرية قد تنجح في مواجهة الجيوش النظامية وعبر ضمان تفوق نوعي عليها، إلا أنها عجزت أمامَ الجيش اليمني واللجان الشعبيّة، وزاد من التعقيدات أمام العدوّ عدمُ قدرته على الاحتفاظ بالتفوق العسكريّ في البُعدين التقليدي وغير التقليدي.
إن وجودَ كيان العدوّ في حالة تهديد دائم؛ بسَببِ عدوانه على اليمن جعله محتاجاً باستمرار إلى حليفٍ دولي قوي لحمايته، وقد تنقل هذا الحليف من بريطانيا إلى أمريكا..، ومقابلَ ذلك، قدم الكيانُ نفسَه كوكيلٍ لخدمة مصالح حليفه في المنطقة، حيث تحوّل فعلياً إلى أداةٍ من أدواته، ومع ذلك، بقي الكيانُ الصهيوني في حالة استعداد دائم لمواجهة التهديدات المستمرّة التي تُواجِهُه ككيان غريبٍ أَو كغُدةٍ سرطانية في المنطقة.