سماء اليمن ليست للنزهة
دينا الرميمة
بين قوةٍ تُشترى بالمالِ لقتل الأبرياء واحتلال الدول، وأُخرى ذاتية نابعة من طموحِ الحفاظ على السيادة ومجابهة قوى الشر الاستعمارية، فوارقُ شاسعة كلاها تكسر هيبةَ من يظن أن المالَ بإمْكَانه أن يحقّقَ النصرَ.
بالأُسبوع الماضي زار مايك بومبيو -وزير الخارجية الأمريكي-، السعودية وفي الرياض مع محمد بن سلمان، زار قاعدةَ الملك سلطان، واستعرضوا المنظوماتِ الدفاعية وصواريخ الباتريوت الأمريكية الصنع، التي لا تسمن ولا تغني من جوعٍ، والتي وقفت عاجزةً أمام الصواريخ البالستية والطيران المسيّر اليمني، رغم أنها أحدثُ ما صنعته التكنولوجيا ورغم ثمنها الباهض، بومبيو بدأ أمامَها متفاخراً بأن أمريكا تتولى حمايةَ المملكة، في حين هم لا يرونها إلّا مجرّد مشترٍ لأسلحتهم المتكدسة، وعبرها تعقد صفقات سلاح بمليارات الدولارات.
بينما في اليمن، رئيس المجلس السياسي الأعلى “مهدي المشّاط”، يفتتح معرضَ الشهيد عبدالعزيز المهرِّم للدفاعات الجوية، وبحضور أعضاء من المجلس السياسي الأعلى ورئيس الحكومة ووزير الدفاع، أُزيح الستارُ عن أربع منظومات دفاع جوية يمنية الصنع، هي فاطر1، وَثاقب (1،2،3)، تم تطويرُها من صواريخ (جو جو) إلى صواريخ (أرض جو)، تمت تجربتُها ونجحت بدقة عالية في إسقاط العديد من الطائرات المعادية، كان آخرها طائرة التورنيدو في المصلوب بالجوف.
طيلة سنوات العدوان الخمس ومن أول لحظاته، وطائرات العدوان تتخذ من سماء اليمن مسرحاً لها، ومن أرضها حقلَ تجارب لصواريخ الغرب ومكباً لنفايته، تقتل فيها الأبرياءَ وتُحيل الأجسادَ إلى أشلاء تحت ركام المنازل المقصوفة، وجلُّ ضحاياها من الأطفال والنساء.
تقصف المدارس والأسواق ويأتي ناطقُهم متبجحاً بقصف مخازن أسلحة ومعسكرات، وخلال يومي العدوان الأولى زعموا أن ٩٨% من الصواريخ البالستية والسلاح اليمني دمر، بيد أن المدمرَ لم يكن إلّا منازل هُدمت على رؤوس ساكنيها!!.
كم من أعراس أحالوها إلى عزاء، وكم من معزين في صالاتِ العزاء صاروا ضحايا غارات العدوان وفي عداد المفقودين، كم بات اليمنيون وهم يحلمون بنومٍ هادئ لا توقظه عربدةُ الطيران، وكم تنفست صدورُهم هواءً لوثته أدخنةُ الصواريخ المتساقطة على أرضهم، كم كان حلم تحييد طائرات العدوان من سماء اليمن يراود الجميعَ!!.
وها هو اليوم أتى وها هم اليمنيون يُغيّرون المعادلةَ ويكسرون حساباتِ دول العدوان ويصدعون تحالفَهم، حتى أصبحت المملكةُ وحيدةً وسط بأس يماني يتساقط عليها كحميم منصهر جعلها تقفُ بالأمس تغازل العالم باستعراضها مخزونها من حقول الغاز، ولسانُ حالها بأنها ما زالت تمتلك القوةَ التي ستشتريها بغازها ونفطها، ظناً أن المالَ هو من يصنع النصرَ!!.
فخيّب اليمنيون ظنونها في بلد يعاني الحربَ والحصارَ والدمارَ، ومن الدفاع إلى الهجوم، ومن العام الباليستي إلى عام الطيران المسيّر إلى عام يستقبلونه قبل أن يأتي بمسمى يصنع الفخر والاعتزاز عام “الدفاع الجوي”.
تحولات جذرية في المعركة يصنعها اليمنيون، بدأت من الصفر حتى وصلت إلى البالستي والمسيّر وصواريخ دفاعية، تدلُّ على طموحاتهم العالية للدخول في التاريخ من أوسع أبوابه، وبتحطيم نظام حكام النفط الخليجي اللاهثين وراء قوة أمريكا، سيتبوأ اليمنُ مقاماً خالداً بين دول العالم الكبرى.