عادت الجوفُ وتطايرت الأوهام
محمد عمر
سحقاً لأولئك الذين لم يقرأوا تاريخَ هذه البلاد جيداً..
سحقاً للجبابرة والطغاة والخونة والأحزاب الذين لا يفكرون ولا يشعرون بالكادحين والفقراء من أبناء الوطن..
سحقاً لمن أغرق الشعبَ بالألم والبطالة والمرارة..
بؤساً لتحالفِ الشر والعدوان الذي لم يفهم أن هذه الأرضَ تخسفُ بالأشرار والأقزام والمستبدين والسماسرة والعملاء..
لم تتغير الحقائقُ التي تتحدّث عن اليمن وقومها، ما زالت ثابتةً يتذكرها الناسُ ويحتضنها التاريخ، لا تبقي ولا تذر، تلتهم الحمقى وتخسف بقصورِهم وما شيدوه خلال أعوامٍ في لحظات، تُمزّق أحلامَهم وتزج بهم إلى المنفى وتشتت أولادهم وأحفادهم وجنودهم والتافهين منهم إلى الصحاري والمنعزلات التعيسة والمؤلمة.
لا أطيقُ صورَ الدنبوع التي تُعرَضُ في وسائلِ الإعلام بين حين وآخر، ولا يهمني ماذا قال وماذا أصدر من قرارات ومن استقبل؛ لأَنَّه ميّتُ الضمير مسلوبُ الحرية مكبلٌ بالأغلال.
لا تحدثوني عن المهرّجين الذين يُخفون الحقيقةَ ويبيعون الوهمَ للناس، بأنهم حماةُ الوطن وهم حماةُ المصالح الغربية، لا أريد أن استمع إلى أخبار طالبان وأمريكا، لا أودُّ أن أتابع كورونا، لا أرغب أن أشاهدَ مباريات كرة القدم، فجميعُها ممزوجة بالكذب.
حدثوني عن الجوف ونهم والساحل، أخبروني كيف حال الجوف التي أمست اليوم ضاحكةً مستبشرة، بعد سنوات من الاستبداد والكذب والتدجيل والنهب والتربص، من قبل المفسدين وعصابات من الباحثين عن الثروة وجني المال والربح.
أين ذهبت تلك الأشياءُ التي كانوا يتشدّقون بها من سلاح وعتاد وجنود ودعم وتعاون وتخطيط، حدثوني عنها؟ أين هي الآن؟ هل صارت غنائم؟ أعلم أنهم لا يستطيعون خوضَ معارك حقيقية بصفٍّ واحدٍ، لا يستطيعون اتخاذَ قرار نابع بإرادتهم، يؤمنون به ويتحَرّكون من ذات أنفسهم، تحَرِّكهم قوى خارجية وأُخرى عميلة تزودهم بالمال، لبثِّ الخوف والرعب في قلوب الناس، ينقادون لها كالعبيد.
كيف ستكون ردة فعلهم؟ هل سيذرفون الدمعات حين يأتيهم الخبرُ تحت عنوان عادت الجوفُ إلى أحضان الوطن، وتطايرت الأوهامُ التي روّج لها الخونة، هل سيشعرون بالندم، ربما لا؛ لأَنَّهم تجارُ حروب وربما يبررون ذلك بالاختلافات الداخلية والصراعات التي تعصف بصفوفهم المتساقطة المخذولة.
لكن سيظلُّ التاريخُ يلعن كُـلَّ منافق خوان، وفي نهاية المطاف ستعود كُـلُّ المدن والقرى إلى أحضان الوطن.