الحزم وما بعد الجوف
عبدُالله هاشم السياني
تابعت معركةَ الجوف في جميعِ وسائل الإعلام؛ بهدَفِ رصد رد فعل دول العدوان والمرتزِقة بعد سقوط الحزم عاصمة محافظة الجوف، الغريبُ أن وسائلَ إعلام العدوان التي تمثل دولاً، المفترض فيها أن لا تكذب على شعوبها أَو على المشاهدين والمتابعين لها حتى تكسبَ مصداقية لديهم؛ كون رأس مال أية وسيلة إعلامية هو درجة الثقة التي تتمتع بها من قبل جمهورها، وَإلّا سيكونُ وجودُها كعدمه.
عندما تابعتها وجدت أنها لا زالت تُصِرُّ على أن مدينةَ الحزم لم تسقط بأيدي الجيش واللجان الشعبيّة، وأن المعاركَ لا زالت بداخلها، وأن أدواتِ دول العدوان من المرتزِقة في طريقِهم لاستعادتها.
بالأمس الثلاثاء، أخبرني أحدُ أولادي الذي نزل الحزم وتغدّى في أحدِ مطاعمها مع خمسين موظفاً من هيئةِ الزكاة، أن الأوضاعَ فيها هادئة و٨٠٪ من الحياة الطبيعية قد عادت إليها، وكلُّ ما أدهشه هو عظمةُ الانتصار الإلهي الذي حدث، ابتداءً من فرضة نهم “الأسطورة” إلى مدينة الحزم والأراضي الشاسعة المترامية الأطراف، التي تم السيطرةُ عليها قبل الجوف، والتي لا يمكن لعاقلٍ أَو خيال إنسان يتصور إمْكَانية هزيمة تحالف العدوان وأدواته في هذه الأماكن أو تلك الجبال الشاهقة جِـدًّا.
من الظريف أن إعلامَ العدوان الذي يحاول إنكارَ سقوط الحزم، كُـلُّ برامجه الحوارية تناقش إلى أين سيتجه الحوثيون -كما يحلوا له تسميتهم- بعد الجوف، هل سيتوجّـهون إلى حضرموت، ومن ثم إلى بقية الجنوب، أم سيتوجّـهون نحو مأرب لاستعادتها آخر معاقل حزب الإصلاح الإخواني، أم ستكون الخوخة والمخاء هي الهدف القادم بعد الجوف.
المهمُّ كُـلّ وكلاء ومرتزِقة العدوان يتحسسون على رؤوسهم، ويظن كُـلُّ واحدٍ منهم أن منطقته وجبهته هي الهدف القادم، وهو من الآن يتلفت يميناً وشمالاً يبحثُ عن السند والمعين الذي يعصمه من إعصار أنصار الله القادم، الحقيقة التي جذّرتها في الأعماق عميلةُ البنيان المرصوص والتي أكّـدت أن كُـلَّ ما تملكه دولُ العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي الإسرائيلي، لا تساوي شيئاً أمام إرَادَة وإِيْمَان وتوكل رجال الله وقيادته المؤمنة الحكيمة، إذَا ما قرّروا خوضَ معركة هنا أو هناك.