الاختلاطُ أداةُ التفسخ
صارم الدين مفضل
الحكمُ فرعُ التصور، ولهذا عندما جاء عصرُ الاستعمار ضرب اليأسُ أطنابَه في أذهان ونفوس الكثير، فقعدوا عن مواجهته، وعندما نادى الإعلام في مرحلة زمنية ما بحقوق المرأة اندفع الكثير وراء صيحة الحقوق والحريات والتعدد والديمقراطية.. فماذا جنينا من وراء تلك المواقف والتحَرّكات؟ وهل عرفنا كيف استطاع عدونا اختراقنا وتفتيت أسباب قوتنا وتشتيت أذهاننا عن هُــوِيَّتنا الإيمانية الأصيلة..
اليوم بعد أكثر من ثمانية عقود (80 عاماً) تقريباً، ظهر من ينادي بمواجهة الحرب الناعمة والحد من مظاهر الاختلاط والتفسخ الاخلاقي والتفكك المجتمعي (في خضم مواجهة تحالف العدوان الأمريكي السعودي على اليمن طوال خمس سنوات).. فوجدنا الكثيرَ من الناس يرتاحون لهذا التوجُّـهَ، ويؤيدون التحَرُّكَ المسؤولَ والحاسم للضرب بيد من حديد على كُـلّ من يحاول المسَّ بالقيم والمبادئ الإيمانية المرتبطةِ بالهُــوِيَّة اليمنية ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة والانفصال..
صحيحٌ أننا نجدُ بعضَ الأصوات النشازَ التي تشكّك في نوايا مواجهة الحرب الناعمة وتفبرك أخباراً كاذبة؛ بغرضِ تضليل الناس.. ولكن هذه الأصوات لم تعد ذات تأثير حقيقي في أوساط المجتمع اليمني بكل شرائحه، وعلى رأسها العلماء وشيوخ القبائل وحتى لدى المواطن البسيط.. فانحصر دورُ تلك الأصوات على النعيق والزعيق ومحاولة إثارة نوازع الفوضى والتخريب والخيانة لدى النفوس الضعيفة وأرباب الجريمة والفساد.. وهؤلاءِ معروفون ومرصودون وضررُهم محدودٌ.. ويبقى من واجب المجتمع التعاونُ مع أجهزَة الأمن في كشف أية عناصر جديدة أَو دخيلة على المجتمع تقوم بأعمال من شأنها الإضرار بحالة الاستقرار والأمن..
اليوم وبسبَب الآثار السلبية للغزو الثقافي الذي عانى منه أبناء شعبنا وشعوب المنطقة بالتوازي مع معاناتهم وعذاباتهم المريرة والوحشية من الغزو العسكري للمنطقة العربية في أواسط القرن الفائت، ومعاناة أبناء شعبنا من العدوان الأمريكي السعودي..، والتي علمتنا أن المظاهرَ الخادعة والدعوات الكاذبة إنما كانت واحدةً من أخطر وسائل وأدوات وأسلحة الغزو الثقافي والاجتماعي علينا..
ولهذا أعتقد على سبيل المثال أن ظهورَ دعوة من قبيلِ منع الاختلاط بجميع صوره وأشكاله داخل الأراضي اليمنية في القطاع العام أَو القطاع الخاص (في حدود الممكن والمتاح بعيداً عن حالات الضرورة)..، ستلاقي تفهماً وارتياحاً شعبياً ونخبوياً على حَدٍّ سواء، ولن يكونَ للأصوات النشاز ولا للذين في قلوبهم مرض أيةُ قيمة ولا تأثير.