ما بعد البُنيان المرصوص
يحيى المحطوري
بعدَ تحرير نهم.. حشد تحالُفُ العدوان لمعركة الجوف من العدة والعتاد.. ما لم يحشد مثيلَه لأيَّةِ معركة أُخرى منذ بدء العدوان قبل خمسة أعوام..
فقد كانوا يرون سقوطَها في يد صنعاء في يقظتهم وأحلامهم، وهو ما أصبح واقعاً لا محالة منه رغم دفاعهم المستميت على جغرافية الغيل والحزم طوال شهر ونصف شهر.. وعلى كُـلّ المستويات وفي شتى المجالات الاعلامية والعسكرية..
وخوفاً من عار الهزائم المتلاحقة.. حمّلوا الإصلاحَ مسؤوليةَ الهزيمة وتبرأوا منهم، وجعلوهم شمَّــاعةً يعلقون عليها فشلَهم الذريعَ كالشيطان تَمَاماً..
وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ، فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ.
والحقيقة التي لم يستطيعوا طمسها.. أنها لم تُكسر أنفُ الإصلاح وشوكتُه فحسب.. بل تحطّمت أنوفُ أسياده الطغاة والمستكبرين.. وتجرعوا مرارةَ الهزيمة رغماً عنهم.. وسيتجرعون غداً آثارَها المتلاحقة.. ولن يجدوا لهم من عقابِ واشنطن لهم على فشلهم الكبير مفراً أبداً..
ولذلك أقبل بعضُهم على بعض يتلاومون ويتلاعنون..
ولشدة خوفهم وإفلاسهم واحتراق أوراقهم ذهبوا للتمترُس خلفَ قريفيث البريطاني؛ لإيقاف عجلة الانتصارات الإلهية الزاحفة نحو مأربَ..
على أمل أن يحقّقوا بالسياسة ما لم يتمكّنوا من تحقيقه بالحديد والنار..
وهيهاتَ لهم ذلك..
واعتزازاً بنصر الله الحاسم وتأييده الكبير نوجِّهُ دعوتَنا إلى أحرار مأرب:
مُدُّوا أيديَكم إلى يد صنعاءَ الممدودة إليكم بالسلام.. ولا تثقوا بوعود الخارج وإغراءاته فستحرقَكم وتهلكَكم كما فعلت بأسلافكم.. وسيروا في الأرض وانظروا كيف كانت عاقبةُ الذين من قبلكم..
وإلى قوى العدوان:
لقد كان لنا ولكم في ما مضى من المعارك عبرةٌ لو كنتم تعقلون.. فما عجزتم عنه في أعوام قوتكم وشدة بأسكم فأنتم اليومَ عن تحقيقه أعجزُ..
والخيرُ لنا ولكم في إيقافِ العدوان لا في استمراره..
إِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ، وَإِن تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ، وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ..
ولا عدوانَ إلا على الظالمين.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
نعم المولى ونعم النصير..