الكابتن المهفوف ولعبةُ الاستنزاف
علي المؤيد
أبطالُ التصحر والانهيار وأساتذةُ الترهُّلِ والسقوط وَرُوَّادُ التُّخمة الاستهلاكية ملوكُ الانتفاخ المتسارِع يتربَّعون على ذروة الشراهة العبثية ويحصُدون أصفارَ المنفعة وأرباحَ العدم، كأنَّ البقرةَ الملكيةَ على مشارفِ الكسادِ الكبيرِ صارت أكبرَ من أن يبتلعَها منحنى الخُسرانِ المؤجَّــل.
في لُعبة الاستنزافِ يلهَثُ الكابتن “المهفوف” راكِضاً في كُـلِّ اتّجاه كذلك الثور الذي يطلقُه الإسبانُ في شوارع مدريد وسطَ مئات من الأعداء الافتراضيين، مع اختلافِ بسيط بينهما يتمثلُ في أن الثورَ المهفوفَ هو في الحقيقةِ أعمى وأضلُّ سبيلاً، ورغمَ ذلك ما زال يمكنُه -حتى وإن كان أعمى- إطلاقُ “رُؤيته” الكبرى المسمَّاة “رؤية 2030″، رغمَ كُـلِّ شيء ما يزالُ “ولي عهد” الزهايمر، وحتّى في ظل انعدام مقومات البصر والبصيرة يظلُّ الثورُ الأعمى هو الحاكمَ فعلياً في سُدَّةِ “الهَــفَّةِ” الملكية ومن حقه إطلاقُ ما شاء من الرؤى، لكنه على الدوام مشغولٌ بشحذِ قرنَيه لمواصلة حروب “الماتادور”، مستنفِداً مخزونَ الأعلاف، والمزيدَ من الأظلاف والقرون ومدخرات وثروات واحتياطيات البقرة الحلوب، وقد يصل به الإذعانُ إلى بيعِ المزرعة كلِّها؛ في سبيل إرضاء جشع قطيع “البايسون”؛ وطمعاً في استجلاب مودتهم، وعطفهم، فهم “حماة الوهن” وخيرُ رُعاة البقر!.