لمن يعقل!!
حميد دلهام
بعد تحرير محافظة الجوف وعودتِها إلى حضن الوطن، باتت أنظارُ الجيش واللجان الشعبيّة ومِن وراءهم قيادة الثورة والقيادة السياسية، تتجهُ نحو الدُّرة الثمينة والكنز المفقود الذي حان الوقتُ لاستعادته كضرورة وطنية..
محافظةُ مأرب بكل ما تعنيه من أهميّة تاريخية وجغرافية وَلما تحتويه من ثروات وإمْكَانات هائلة، ومخزون ثروات استراتيجي سيكون أكبرَ عون في تمويل عمليات إعادة الإعمار، وَبناء ما خرّبته الحربُ وَدمّره العدوانُ من بُنَىً تحتية وَمقومات حياة، عن قصدٍ وبسابق إصرار، وبدافع الحقد وَالانتقام من الشعب اليمني أولاً وأخيراً.. كذلك لأهميتها البالغة في الإمداد والتموين على المستوى الوطني للمشتقات النفطية وَمادة الغاز وَالكهرباء.. والقائمة تطول في تعداد الاعتباراتِ والضرورات الملحة التي تجعل من استعادة تلك المحافظة الهامة، ضرورةً وطنية ملحة وعاجلة..
هذه القناعة ليست وليدةَ اللحظة، وليست ناتجةً عن نزعة انتقامية أَو نشوة انتصار، بقدر ما هي شعورٌ متجذرٌ وراسخ في أعماق وَوجدان الشعب اليمني، وَبُعدٌ استراتيجي في تفكير قيادة الثورة التي تدرك جيَدًا أهميّة محافظة مأرب، وَضرورة استرجاعها وعودتها إلى حضن الوطن، في أسرع وقت ممكن، فالوطن بحاجة ماسة إلى تلك المحافظة الاستثنائية والهامة، وهي أَيْـضاً بحاجة للوطن وللشعب لانتشالها من أوضاعها الصعبة وحالتها المزرية، وَإلباسها ثوبَ العزة والطهارة، بعد كُـلِّ ما لاقته في زمن الذل والغربة..
إذاً هناك جديةٌ واضحة، وَتوجُّـهٌ حقيقي وجاد من قبل القيادة وعلى أعلى المستويات في هذا المنحى، وَبالشكل الذي مثّل رسالةً قويةً لم يفت العدوان استقبالُها والتعامل معها بجدية واهتمام، فراح يسلك كُـلّ السبل، وَيطرق كُـلّ الأبواب، ويستخدمُ كُـلّ الوسائل المتاحة لعرقلة مسار استعادتها، وهي جهود وتحَرّكات أثمرت عسكرياً في التصعيد الملحوظ في أكثر من جبهة، خُصُوصاً جبهة الساحل الغربي، وسياسياً بزيارة غريفيث لمدينة مأرب، ومحاولته بلورةَ مبادرة، وبذل جهوداً حثيثة تُبقي المحافظة في وضعها الحالي..
بالتأكيد كلا الشعب والقيادة يمد يده للسلام، وَحريصٌ كُـلّ الحرص على سلامة وَصيانة الدم اليمني، ويرحب بكل جهد يُبذل ومن أي طرف كان، في سبيل تجنيب تلك المحافظة العزيزة والغالية، ويلات الحرب وَالدمار، وَبما يسهم في سرعة عودتها إلى حضن الوطن بأقل كلفة.. وَقطعاً ليس هناك أي تعويل على جهود ومساعي المبعوث الأممي، فالحكمة كما نعلم ويعلم الجميع ليست أممية، بل هي يمنية ويمنية خالصة؛ لذلك فالتعويل بعد الله سيكون على جهود ومواقف أبناء المحافظة الشرفاء الأوفياء،، خُصُوصاً ً من لم تتلطخ أيديهم وسُمعتهم بدرن العمالة وَخيانة الأوطان، ولم يرفعوا شعارَ “شكراً سلمان”، ولم يعلقوا صورَ رموز العدوان وَقادة الدول الأجنبية على حوائط مكاتبهم، وَإظهار ذلك عبر شاشات التلفزة، بدون حياء ولا خجل أثناء استقبال الضيوف، في مشهدٍ مقزز ومنفر يظهر المدى البعيد الذي وصل إليه أولئك السفلة في خيانتهم لأوطانهم.
من جهة أُخرى لا يجبُ أن يفسَّرَ ذلك الحرصُ بأنه عدمُ استعداد لدى الشعب والقيادة، لدفع فاتورة التحرير مهما كانت مكلفة، فهناك عملياتٌ جراحيةٌ قيصرية خطيرة وَمكلفة ولكنها في نفس الوقت ضرورية وَملحة لاستمرار الحياة..
وإذا لم تكُنْ إلّا الأسنةُ مركباً.. فما حيلةُ المضطر إلا ركوبُها