اذهبوا فأنتم الطلقاء
عبدالقوي السباعي
لم يكن غريباً على الترسانةِ الإعلامية الهائلة التي تمتلكُها قوى العدوان ومَن سار على نهجهم من الشراذم الداعشية في ترويع وتخويف أهلنا من الساكنين في مدينة مأرب والتي تبعتها العديدُ من الإجراءات الهستيرية كحفر الخنادق والمتارس في كُـلّ الأحياء تقريباً وتسليح الأطفال والتغرير بهم، وممارسة شتى أنواع الابتزاز للتجار والباعة، والقيام بالاعتقالات التعسفية لكل من ينتقدهم بذريعةِ العملِ الاحترازي، في محاولةٍ يائسة لخلقِ تضامُنٍ شعبي وبيئةٍ حاضنةٍ مقاتلة بدلاً عنهم ومستميتة من أجلهم.
ويعملون ليلَ نهارَ لخلق تصوُّرٍ جمعي عام يصور ويهول ويروج بأن الجيش واللجان الشعبيّة كائناتٌ من كوكبٍ آخرَ أَو أنهم التتارُ والمغول، بل يظهر علماؤهم على وسائل الإعلام ليحلفوا الأَيْمَان بأن جيشنا ولجاننا ما إن يستعيدوا منطقة من المناطق التي كانت خاضعة لسلطات الاحتلال السعودي الأمريكي حتى يُعملوا فيها القتل والتنكيل والسحل والاعتقال، وهو الأمر الذي ما كان ولن يكونَ من أخلاقيات رجال الله المسبِّحين، ولعل المتتبع لتاريخ انتصاراتهم سيدركُ هذه الحقيقة، فبالجوف مثلاً أَو في مناطق نهم المحرّرة، ما إن استتب بها الوضع حتى غادروها؛ لكي لا يكونَ وجودُهم ذريعةً لطيران تحالف العدوان لاستهداف المدنيين، بعد أن قامت صنعاءُ بتوفير كُـلِّ سُبل العيش الكريم لأبناء تلك المناطق، وليس هذا فحسب بل حفظوا الأعراضَ وحافظوا على الممتلكات الخَاصَّة والعامة، وداووا الجرحى، وأطلقوا الأسرى –على القاعدة المحمدية على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم– وهي: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
ولعلكم تستحضرون الآن ذلك المشهدَ التاريخيَّ في فتح مكة، والذي كانت وما زالت وستظلُّ هي أخلاق وآداب المجاهدين المسبِّحين المستغفرين بالأسحار، فلهم مع كُـلّ نصرٍ حكايةٌ وعطاء، ولهم في كُـلّ شبرٍ من ربوع الوطن شاهدٌ حيٌّ يسرد نبلَ أخلاقهم وكرم تعاملاتهم، الأمر الذي يجبُ أن يدركَه أهلنا وإخوانُنا في مأرب وما جاورها، بأن لا ينجروا خلفَ تلك الدعايات والشائعات التي تطلقها قوى الاحتلال وأذنابُهم، وأن لا يكونوا ضحايا معركةٍ ليس لهم فيها لا ناقةٌ ولا جمل.
فكأنني أسمعُ اليومَ أو غداً منادياً ينادي في المدينة: أيها الناس من دخل داره فهو آمن، ومَن دخل بيتَ الله فهو آمن، ومَن دخل دارَ المحافظة فهو آمن، اذهبوا فأنتم الطلقاء..!