تدني خدمات الاتصالات والإنترنت.. معركة من؟!
م. منير يحيى
واجبُ اليمنيين الأحرار والشرفاء يستدعي الوقوفَ جنباً إلى جنب للتضامن والالتفاف حول مؤسّسات الدولة والمؤسّسات الوطنية والخدمية الرائدة؛ باعتبارها أحدَ عوامل التماسك المتينة للجبهة الداخلية، وحان الوقتُ الآن لنجسِّدَ وقوفَنا وتضامننا الوطني مع شركات الاتصالات ومؤسّساته الوطنية التي عملت طوالَ خمس سنوات على تأمين خدمات الاتصالات والإنترنت دون أن نعرفَ شيئاً عن الجهود والتحديات التي يواجهونها في ظل ما تم إعلانُه من تدمير لمئات الأبراج وخروج عشرات المحطات؛ بسَببِ ما تعرضت له من عدوان وغارات جوية متواصلة.
لا يجب أن ننسى أن استمرارَ الخدمة حتى اليوم يأتي في ظل قيام التحالف بحظر ومنع دخول تجهيزات ومعدات الاتصالات أياً كان نوعها، وهذه الإجراءات التعسفية بحق أحد الخدمات الأَسَاسية كافيةٌ لنستوعب الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تدني وسوء خدمات الاتصالات والإنترنت وضعف التغطية في بعض المناطق.
والأخطرُ من ذلك هو ما نشرته صحيفة الأمناء، الثلاثاء الماضي من تقرير يؤكّـد تورط حكومة هادي بمنع فروع مؤسّسة وشركات الاتصالات في محافظات جنوبية من استيراد أبسط التجهيزات اللازمة لصيانة الشبكة في إطارها المحدود، كما أكّـد تقرير صحيفة الأمناء الصادرة من مدينة عدن أنه ورغم تدني خدمات الاتصالات والإنترنت في المحافظات الجنوبية والشرقية، إلا أن التحالف وحكومة الشرعية ترفُضُ تركيبَ المحطات المحتجزة لديها وتمنعُ حتى صيانة شبكة الاتصالات وفق الإمْكَانيات المتاحة، دون مبالاة بمعاناة المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
كمستخدمين لخدمات الاتصالات والإنترنت زادت حاجتُنا لهذه الخدمات وتضاعَفَ عددُ المشتركين لها في السنوات الأخيرة الماضية التي عاشت بلادُنا خلالها عدواناً وحصاراً استهدفَ الخدمات الأَسَاسية على كافة المستويات، وما نعيشُه من سوء في تغطية الاتصالات والإنترنت وتقطع في الخدمة لبعض الأوقات لم يعد مثاراً للسخط والتذمر من مزودي الخدمة دون التفكير في بقية الأسباب الجوهرية، بعد أن بات جلياً أن المستهدفَ من وراء تعطيل الخدمات الأَسَاسية هو الإنسانُ اليمني، وهذا يستدعي استنهاضَ الوعي والحس الوطني لتوجيه السخط الشعبي والجماهيري نحوَ المتسبِّبِ الحقيقي في منع دخول التجهيزات وإعاقة تحسين الخدمات حتى في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، فإلى متى سيستمر مثل هؤلاء في السعي وراء إعاقة وصول الخدمات للمواطنين؟ بعد أن باتوا يستمدون قوَّتَهم من خلال شعورهم بمدى قدرتهم على عقاب ملايين اليمنيين شمالاً وجنوباً دون استثناء.
لقد استمرت مؤسّساتُ وشركاتُ الاتصالات في تقديم الخدمات وصيانة الشبكة، وقد أثبتت هذه الجهاتُ جديتَها ومصداقيتها تجاه المواطن، لا سيما في أزمة الإنترنت الأخيرة التي نجحت في تجاوزها وتخطيها إلى أن عادت خدمات الإنترنت، بعد أن فقد الكثيرون الأمل من عودتها عقب انقطاع الكابل البحري للإنترنت، خصوصاً في ظل ما تعرض له المواطن من حملة إعلامية شرسة عملت على توظيف الأزمة ونشر الشائعات اليومية التي امتلأت بها وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، وجميعها كانت تسعى لترويج الأكاذيب واستغلال الأزمة بما يحقّق أهدافاً عدوانية سيبقى المواطن الضحيةَ الأبرزَ فيها.
التجربة التي عاشها ويعيشها اليمنيون كفيلة بفهم مَن يسعى خلف تدمير الخدمات وزيادة معاناة المدنيين، وحان الوقتُ أن يتحدَّ أبناءُ اليمن ضد أصحاب التوجّـهات المشبوهة والتي باتت مواقفهم وقراراتهم التدميرية واضحة ومفهومة.
وفي نفس الوقت، نحن بحاجة لتسجيلِ تضامُنِنا والتفافنا حول المؤسّسات والشركات الوطنية بعيداً عن الحسابات والأبعاد التي تحكُمُها المصالحُ الدونية وحساباتُ الانتقام والارتزاق.
فالمعركة هي معركتُنا جميعاً؛ مِن أجلِ الحفاظ على ما تبقى من خدمات أَسَاسية يسعَون لإفسادها.