أبناء المحافظة كان لهم الدور المحوري في مواجهة العدوان وندعو الجميع للعودة إلى منازلهم آمنين سالمين
محافظ الجوف اللواء عامر المراني في حوار لـ “المسيرة”:
أكّـد محافظُ الجوف اللواء عامر المراني، أن العدوانَ الأمريكيَّ السعوديَّ على اليمن لم يقدم لمديريات المحافظة سوى تدمير الطرقات والمباني الحكومية، مُشيراً إلى أن السعوديّة شكّلت عائقاً أمام عجلة التنمية فيها وحرمت سكان الجوف من جميع مقومات الحياة.
وقال المحافظ المراني في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”: إن الأنظمة السابقة تعمدت إيقاف المشاريع التنموية والحيوية بالمحافظة وبعض المهندسين قُتلوا وهم يشقون الطرقات فيها.
ودعا المحافظ جميعَ أبناء المحافظة للعودة إلى منازلهم سالمين آمنين والوقوف صفاً واحداً في مواجهة العدوّ الحقيقي وهو الأمريكي والصهيوني.
وقال اللواء المراني: إن السلطةَ المحلية بالمحافظة ستعملُ على تشكيل لجنة خَاصَّة للاهتمام بالصلح القبلي وتوحيد الإخاء وفض النزاعات.
وأشاد المحافظ بأبناء الجوف مؤكّـداً أنهم سيطورون المحافظة ويحقّقون التنمية، وأن السلطة المحلية ستبدأ ببناء الإنسان من بوابة التعليم.
حاوره/ محمد حتروش
- بدايةً، نطلُبُ منكم وضعَ القارئ في صورة سريعة للوضع التي تعيشُه الجوفُ بعد تحريرها من دنس الغزاة والمحتلّين؟
بالنسبة لمحافظة الجوف الآن، أصبحت تتمتعُ بالأمن والأمان في كافة ربوع المحافظة، وهذه نعمةٌ عظيمةٌ من الله تعالى، وبفضل تحَرّك رجال الرجال من مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة والأحرار من أبناء المحافظة.
هناك معاناةٌ في محافظة الجوف، ولكنها ليست وليدةَ اللحظة وإنَّما تراكمية فعلى مدى خمسين عاماً، وفي ظل الأنظمة السابقة ظلت محافظة الجوف في منأىً عن التنمية، فحُرِمَت من التعليم والصحة والطرقات وغيرها من الخدمات التي تتمتعُ بها المحافظات الأُخرى، ولكن الآن بثقنا بالله وتوكلنا عليه سنعملُ على إصلاح الخلل الموجود في المحافظة.
- تكلمتم بأن المحافظة محرومةٌ من التنمية منذ خمسين عَاماً.. برأيكم ما الذي جعل الأنظمة الحاكمة طولَ تلك المرحلة تتجاهلُ المحافظة رغم أنها لا زالت بكراً وفي جوفها ثروةٌ نفطية ومعدنية هائلة؟
كانت الأنظمةُ الحاكمة تنصاعُ لدول الجوار، وتنفّذُ مطالبَها، وكانت السعوديّة تتعمّدُ تجميدَ عجلة التنمية وتجهيل أبناء المحافظة، وذلك من خلال دفع الرواتب لبعض النافذين من أبناء المحافظة، وبالتالي شكّلوا عائقاً أمام عجلة التنمية وَأَيْـضاً الأنظمة الحاكمة في السابق كانت تلبي رغبات السعوديّة وتعمل على حرمان المحافظة من مقومات الحياة بل وتمزّق النسيجَ المجتمعي وتحوِّلُه إلى جماعات متنافرة وقبائل متناحرة، وذلك من خلال تغذية النزاعات القبلية والثأرات، فظلت الثأراتُ والنزاعاتُ هي السائدةَ في المحافظة، الأمر الذي جعل معظمَ أبناء المحافظة في منأىً عن التعليم وإنْ كان النظامُ السابق قد بنى بعضَ المدارس والمراكز الصحية ولكن لم يبنِ الإنسان والذي يُعتبَرُ الأَسَاسَ، فالإنسان بلا تعليم يكونُ غيرَ مفيد للمجتمع وكان هناك تعمدٌ لإيقاف المشاريع التنموية والحيوية، حَـيْـثُ أن هناك مَن قُتل من المهندسين وهم يقومون بشق الطرقات في المحافظة.
فكان النظام يوهم أبناء المحافظة أنه يقدم مشاريعَ تنموية ومن جهة أُخرى يستخدمُ المتنفّــذين في المحافظة؛ لإيقاف المشاريع واستهدافها.
- في ظل العدوان الذي يمُرُّ به اليمن منذ خمس سنوات مضت، ما دورُ أبناء المحافظة في مواجهته؟
شكّل أبناءُ المحافظة دوراً محورياً في مواجهة العدوان، وفي سبيل الدفاع عن الوطن وسلامة أراضيه، وفي سبيل الدين والعرض والدفاع عن الحق، فكانت لهم إسهاماتٌ كبيرة وبطولية، بمختلف الجبهات على مستوى الداخل والخارج “جبهات الحدود”، وكان لهم الدورُ البارز والكبير في إسقاط المؤامرة الصهيونية على محافظة الجوف.
ما حصل في الجوف ليس تحريراً؛ لأَنَّ في الجوف أبناءَها، سواء المجاهدين أَو المخدوعين التابعين للطرف الآخر، وإنَّما حصل إسقاط المؤامرة الصهيونية الأمريكية المنفَّذة بأيدي النظامين السعوديّ والإماراتي.
هذه مؤامرة، أما قضية الصراع فيما بين أبناء المحافظة فسيأتي يومٌ يتوحدُ الجميعُ في مواجهة الخطر الحقيقي والمؤامرة العالمية التي تديرُها أمريكا وإسرائيل.
- برأيكم، هل الانصياعُ لدول الجوار هو السببُ الوحيدُ في إهمال المحافظة أم أن هناك مآربَ أُخرى؟
ليس هو السببَ الوحيد، وإنَّما هناك أسبابٌ أُخرى، فهناك مؤامرة صهيونية على دول الإسلام، وبالأخص دول العرب، فمنذ توقيع اتّفاقية “سايكس بيكو”، وهناك قتلٌ للمواهب والإبداعات، وتعطيل لطاقات الشباب العربي، وبالتالي يعجز الشباب عن خدمة مجتمعهم وهو ما حصل لمحافظة الجوف، حَـيْـثُ تعمدت الأنظمةُ تجهيلَ أبناء المحافظة وإبعادهم عن التعليم، وإغراقهم في النزاعات والاقتتال، بعضهم البعض؛ كي لا يتنورَ أبناءُ المحافظة وينهضوا بمحافظتهم، من خلال استخراج الثروات الهائلة من النفط والمعادن، التي تكمن في باطن المحافظة، ولكي يستطيعَ الصهاينةُ نهبَ تلك الثروات.
- يقول بعض المحللين بأن النظام السعوديّ عمل على الاستهداف المباشر لمحافظة الجوف، في محاولة منه للاستيلاء على بعض من
أجزائها خلال التسعينيات.. ما تعليقكم على ذلك؟
من المعروف أن النظام السعوديّ أداةٌ بيد الأمريكان، والأمريكان هم العصا التي يتوكئُ عليها الصهاينة، والسعوديّة تعرف بأن الجوفَ تحمل أكبرَ مخزون نفطي على مستوى الشرق الأوسط، إن لم يكن على مستوى العالم، فهو يسعى على احتلال المحافظة من خلال عملائها من أبناء المحافظة وبالتالي ينهب تلك الثروات.
- كسلطة محلية للمحافظة، ما هو دورُكم في مواجهة العدوان وما هي الخدماتُ التي تقدمونها لأبناء المحافظة في ظل الحصار والأوضاع التي تشهداها البلاد؟
دورُنا في مواجهة العدوان، كسلطةٍ محلية هو مماثِلٌ لدور أي مواطن حر يمني وهو التحَرّك للجبهات والتصدي للغزاة، وكذلك تحفيز أبناء المحافظة وحشدهم للجبهات، أما التنمية فإنَّ نسبةَ التنمية الموجودة حالياً تشكل 0%، فتواجد المدارس وينعدم المعلمون، وتوجد المراكز الصحية وينعدم الأطباء والممرضون، وطرقات غير معبدة وكهرباء منعدم ونحن بادئون من الصفر نحو تحقيق التنمية، وسنبدأ بإذن الله في الأَسَاس التعليم “بناء الإنسان” فلن تتحَرّكَ عجلةُ التنمية في المحافظة ولن تتطور إلّا من خلال أبنائها، فعندما يتسلحون بسلاح المعرفة في مختلف المجالات الهندسية والزراعية والطبية والنفطية، وبالتالي ابنُ الجوف هو مَن سينهض ويطور المحافظة، تحقيق التنمية في الجوف يأتي من بوابة التعليم.
كما تقومُ السلطة المحلية بتوعية أبناء المجتمع بشكل مستمر، فمخطّطات ومغازي العدوان بات يعيها الجميعُ، فمثلاً كانت مديرية الغيل والخلق والمصلوب والحزم تحت سلطة العدوان ومرتزِقته ولكنا وجدنا بعد تحريرها أنهم لم تقدموا لأبناء تلك المديريات أي شيء، سوى تدمير الطرقات والمباني الحكومية، قيادات العدوان اهتموا ببناء أنفسهم ومنازلهم، هذا كُـلّ ما أنجزوه من كُـلّ العائدات التي كانوا يحصلون عليها من التحسينات والجمارك والمساعدات التي كانت تأتي من الخارج، كانوا يحولونها لحساباتهم الشخصية، أما تلك المديريات لم يحقّقوا لها أيَّ شيء.
- من خلال حديثِكم عن التعليم وبناء الإنسان.. ما هي الطرق والوسائل التي ستتخذونها لتحقيق ذلك؟
نحن نسعى على أن يكونَ هناك تعليمٌ أَسَاسي وثانوي ممتازٌ لأبناء المحافظة، الأمر الذي يسهّل عليهم إكمالَ مراحل التعليم، ومن خلال صحيفتكم ندعو كافةَ أبناء المحافظة للاهتمام بالتعليم وأن تدفعَ كُـلّ أسرة بأبنائها للتعليم في المدارس.
- برأيكم هل عجلةُ التنمية ستظلُّ مجمدة إلى أن يتحقّقَ الهدفُ الأولُ “التعليم”؟!
أرى بأن التعليم هو البوابةُ الحقيقية لتحقيق التنمية، وهناك مشاريع مواكبة، حَـيْـثُ وعد المجلسُ السياسيُّ بتعبيد وسفلتة بعض الطرقات، ونقوم بخطوات حثيثة لتحقيقِ بعض الإنجازات في المجالين الزراعي والصحي، وغيرها من خطوات التنمية.
- بعد إسقاط المؤامرة على الحزم مركَز المحافظة والعديد من مديرياتها.. هل ستصادرون منازلَ وممتلكات قيادات الخونة؟
نحن لن نصادرَ ولن نستولي على منزل أي مواطن، ومن خلالكم ندعو جميعَ أبناء المحافظة مَن تركوا منازلهم أن يعودوا إلى منازلهم وممتلكاتهم سالمين آمنين محافظين على كرامتهم، فعزهم عزنا وعِرضُهم عرضنا، ونحن إخوة، لم نُعادِ أي يمني حتى مَن يقف بصف العدوان، عدونا واحد هو العدوّ الأمريكي والإسرائيلي، المشاكل تحصل ومهما كان نظل إخوةً ولن نتعرضَ لأيٍّ منهم.
- هل الدعوة مخصصةٌ للأفراد فقط أم أنها تشملُ القيادات العليا كمثال العكيمي؟
الدعوة عامة من أكبر قائد لأصغرهم، عودوا إلى وطنكم وبيوتكم خيرٌ من أن ترتموا بحضن العدوان.
- يدّعي البعض بأنكم تقومون بمضايقة المخدوعين من أبناء المناطق المحرّرة.. ما ردُّكم على ذلك؟
كذباً ما يزعمونه، ونحن قد عملنا من خلال اللجانِ الأمنية على تأمين كافةِ المواطنين ومحاسبة كُـلِّ مَن يريد الاخلال بالأمن أَو يريد مضايقةَ المواطنين، وأي مواطن يتعرض لمضايقات فعليه أن يتصلَ بأرقام الشكاوى المجانية التالية ( 716008888+739008888) واللجنة ستقوم بمحاسبة كُـلِّ مَن يخالف القوانين.
- محافظةُ الجوف من المحافظات المنكوبة جراء العدوان.. ما الذي قدّمته قياداتُ المحافظة من مساعدات للنازحين؟
المحافظةُ تُعتبَرُ منكوبةً منذ زمن طويل، ومجيءُ العدوان فاقَمَ الوضعَ المأساوي بالمحافظة، ونحن نناشدُ المجلسَ السياسيَّ الأعلى ومنظماتِ المجتمع المدني والمحلي بما فيها الهيئةُ العامة للزكاة للاهتمام بالمحافظة والعمل على إعادة الأعمار، لا سيما مديريات الغيل والمتون والمصلوب وغيرها من المديريات التي دمّــرها العدوانُ وشرّد أهلَها.
- ما الذي أنجزتموه في مجال الصُّلح القبلي؟
هناك العديدُ من قضايا الصلح القلبي التي تم إنهاؤها، ونحن نعمل على تشكيلِ لجنة خَاصَّة للاهتمام بالصلح القبلي وإرساء الإخاء وفض النزاعات بمختلف مناطق المحافظة.
– أين تقفُ منظماتُ الإغاثة من هذه المحافظة المنكوبة؟
منظمات الإغاثة تقدم شيئاً ولو يسيراً ومحدوداً، وهي تقدم المساعدات كالعسل برأس خنجر، فالمحافظة لم تشهد لها أثراً على أرض الواقع.
- أين تقف محافظةُ الجوف من مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة المدنية الحديثة؟
لا شك بأن الحصارَ وانقطاع المرتبات وشحة الموارد يشكل عائقاً أمام عجلة التنمية، لكننا نعدُّ الخططَ التنموية للمستقبل وسيأتي اليوم الذي يتحقّق المجالُ التنموي بشكل عام.
- ما هي الرسالةُ التي تقدِّمُها لأحرار المحافظة وَماذا تقولُ لمن تبقى من المخدوعين؟
نشكُرُ أبناءَ محافظة الجوف الشجعان والكرماء والأبطال الذين ضحّوا بالغالي والنفيس وقدموا موقفاً بطولياً ومشرفاً؛ مِن أجلِ المحافظة، وفي مختلف الجبهات، وهو يؤكّـد مدى أصالتهم وأصالة تاريخهم، وندعوهم للاهتمام أكثرَ بالهُــوِيَّة الإيمانية، وندعو مَن تبقى مع الطرف الآخر بالعودة إلى حضن الوطن وترك العدوان الذي يقدم الموتَ والذل والهوان، والعودةُ إلى حضن الوطن وإلى الأهل والأصدقاء أكرم وأشرف من الارتهان للخارج.