القيادة والثقافة
عبدُالله هاشم السياني
هناك سؤالٌ أتمنى على الجميع أن يفكروا في الإجابة عنه: كيف استطاعت القيادةُ والثقافة القرآنية أن تُحدِثَ هذا التحولَ الكبيرَ في المجتمع اليمنيّ؟!
الكُلُّ يعرفُ أن اليمنَ تعرضت خلال خمسة عقود من الزمن لأكبر عملية استهداف فكري وعقائدي واجتماعي لهُــوِيَّتها الإيمانية التي تأصّلت خلال قرون من الزمان واتسم بها الشعبُ اليمني خلال تاريخه القديم منذ شارك اليمنيون في بناءِ الكعبة وكانوا أولَ من حج إلى بيت الله الحرام بمكةَ، ومن حينها كانوا هم أنصارَ أديان الأنبياء والرسل من إبراهيم إلى موسى إلى عيسى عليهم السلام جميعاً وصلواتُ الله عليهم، وكان إيمانُهم بالتوراة والإنجيل متميزاً بالصدق والإخلاص والمناصرة، وكأنهم الأُمَّةَ التي اختارها اللهَ؛ لتقوم بذَلك الدور في المنطقة العربية وجاء الإسلام فكانوا أنصارَه وأنصارَ رسوله وأنصارَ آل بيته خلال ذَلك التاريخ الطويل.
إلا أن الخمسةَ العقود الماضية التي جاءت خارجةً عن السياق التاريخي لأهل اليمن وهُــوِيَّتهم الإيمانية كان هناك عواملُ وأسبابٌ جعلت أهلَ اليمن يفقدون وإلى حين تلك الهُــوِيَّة؛ بسبَبِ الدورِ السعودي الوهّابي السلفي كدولة وجماعات والدور الإخواني كجماعةٍ وتيار؛ وبسببِ الدولة العميلة في السلطة التي تولَّى فيها صالح زمامَ هذه الأمةِ بأُميَّته وجهله.
فكانت تلك الجهودُ المركَّبةُ بكل إمْكَاناتها الكبيرة وسعيها ونشاطها الرسمي والتنظيمي وراءَ تلك المساعي التي كادت بمعرفة الجميع تقضي على الهُــوِيَّة اليمنية الإيمانية وقيَمِها التاريخية وعاداتها الحضارية وسلوكها الإنساني من جذورها.
حتى ظن الكثيرون أن اليمنَ واليمنيين قد فقدوا هُــوِيَّتهم وتاريخهم وقِيَمَهم إلى غير رجعة، وأنه أصبح من المستحيل أن يعودَ اليمنُ وشعبُه إلى أصالته التي تم التآمُرُ عليها حتى لو مر خمسون عاماً على تلك المحاولة فما الذي حدث وكيف استطاع السيدُ حسين والثقافة القرآنية أن تعيدَ إلى اليمن وإلى الشعب اليمني هُــوِيَّته الأصيلة.