مواجهات عنيفة بين المرتزقة في “كريتر” بالتزامن مع اغتيالات وتهديدات متبادلة
العثور على جثتي منسق “الهلال الأحمر الإماراتي” ومساعده ومقتل مرافق أحد قيادات “الانتقالي”:
المسيرة | خاص
تصاعدت الفوضى التي تشهدها محافظةُ عدن المحتلة خلال اليومين الماضيين بشكل ملحوظ، مع تجدّد المواجهات المسلحة بين فصائل مرتزِقة العدوان، بالتزامنِ مع استمرار الاغتيالات والتصفيات المتبادلة التي طالت ثلاثة أشخاص خلال أقل من 24 ساعة، وكلُّ ذلك في إطار مؤشرات مستمرة على توجّـه أطراف المرتزِقة نحو مرحلةٍ جديدة من الصراع فيما بينها، وخَاصَّة بعد ثبوت فشل ما يسمى “اتّفاق الرياض”، وظهور انقسامات جديدة على السطح.
مصادرُ محلية أفادت بأن مواجهاتٍ عنيفة اندلعت، فجرَ أمس الجمعة، في مدينة كريتر وسط عدن، بين مليشيا ما يسمى “المجلس الانتقالي” التابع للإمارات، وقوات أُخرى من المرتزِقة التابعين للسعودية.
وأوضحت المصادر أن قواتٍ تابعةً لما يسمى “لواء العاصفة” التابع لمليشيا “الانتقالي”، حاولت اقتحامَ “معسكر 20” المدعوم من السعودية، الأمر الذي أَدَّى إلى مواجهات عنيفة بين طرفي المرتزِقة، وشملت المواجهات كُـلًّا من شارع أروى وسالم علي وبوابة عدن في محيط المعسكر واستمرت لوقت طويل.
وأفاد شهود عيان، بأن عدداً من عناصر المرتزِقة سقطوا جرحى خلال تلك المواجهات، كما تم إعطابُ عدد من الآليات العسكرية وسط حالة من الهلع والذعر أصابت المواطنين الساكنين في المنطقة.
يُشار إلى أن ما يسمى “معسكر 20” هو أحد المعسكرات التي تدعمها السعوديةُ في عدن، ويقودها المرتزِق المدعو “إمام النوبي” الذي كان أحد أتباع الإمارات من قبل، ثم تحول مؤخّراً للعمل لصالح السعودية بعد أن أصبحت الأخيرةُ هي الحاكم الفعلي لمحافظة عدن.
وتأتي هذه المواجهات بعد أيام قليلة من ظهور توترات كبيرة في العلاقات بين السعودية ومليشيا “الانتقالي”، حيثُ قامت المملكةُ بمنع عدد من قيادات المليشيا من العودة إلى عدن، كما قامت بإرسال قوات تابعة لها للسيطرة على مطار عدن الذي تتواجد فيه مليشيا الانتقالي، وكانت الأخيرة قد أصدرت بياناً هاجمت فيه السعودية على خلفية ذلك.
وعلى ضوء هذه التوترات، فإن المواجهات الأخيرة قد أوضحت تصاعدَ الخلافات بين السعودية ومليشيا الانتقالي، خَاصَّةً بعد بروز الإمارات في المشهد بهجوم لاذع شنته بعضُ وسائل إعلامها على الرياض، الأمر الذي مثّل مؤشراً على إعادة تحريك مليشيا الانتقالي من قبل أبو ظبي، لمنع السعودية من الانفراد بالنفوذ في عدن.
هذا أَيْـضاً ما أكّـدته ردودُ فعل الناشطين التابعين لمليشيا “الانتقالي”، والذي قالوا إن المرتزِقَ “النوبي” قام بتفجير المعركة الأخيرة في كريتر بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية تابعة للإصلاح إلى شبوة، معتبرين ذلك تنسيقاً لاستهداف “الانتقالي”.
اغتيالات وتصفيات:
لم تكن مواجهات كريتر هي المؤشر الوحيد لتصاعد الخلافات والصراعات بين المرتزِقة في عدن، إذ كانت الاغتيالات والتصفيات المتبادلة قد عادت بشكل نشط، نهاية الأسبوع الفائت.
وفي هذا السياق، أفادت مصادرُ محلية، بأن مواطنين عثروا، الخميس، على جثتي كُـلّ من منسق منظمة “الهلال الأحمر الإماراتي” أحمد اليوسفي، ومساعده محمد طارق، في مدينة عدن، وذلك بعد كانا قد تعرّضا للاختطاف في وقت سابق.
ويعتبر “الهلال الأحمر الإماراتي” أحد أبرز الواجهات الاستخباراتية والعسكرية التي تتحَرّك خلفها الإمارات في اليمن، وقد اتّهم حزبُ الإصلاح وحكومة المرتزِقة هذه المنظمة أكثر من مرة بأنها تنفّــذ خططاً عسكرية وأمنية واستخباراتية لتوسيع النفوذ الإماراتي، الأمر الذي يرجح أن عمليةَ اختطاف وقتل اليوسفي وطارق، قد نُفّــذت من قبل مرتزِقة الإصلاح، أَو المرتزِقة التابعين للسعودية بشكل عام.
إلى ذلك، وفي اليوم نفسه، لقي مرافق أحد القيادات الأمنية التابعة لمليشيا الانتقالي مصرَعَه بعملية اغتيال استهدفته في المحافظة نفسها.
وأفادت مصادر محلية، بأن الجندي “مصطفى الحدي” وهو أحد مرافقي مدير أمن لحج المرتزِق صالح السيد، تعرّض لإطلاق نار من قبل مسلحين يستقلون سيارةً صغيرة، أثناء جلوسه أمام فندق قصر الباشا في عدن، ما أَدَّى إلى مقتله على الفور.
ومن المعلوم أن التصفيات والاغتيالات هي أحد أبرز الوسائل التي تستخدمها فصائلُ المرتزِقة المتصارعة في مختلف المحافظات وبالذات في عدن التي شهدت المئاتِ من عمليات الاغتيال، معظمُها كان يستهدف قيادات وعناصر حزب الإصلاح في الفترة التي كانت حكومة المرتزِقة متواجدة بالمحافظة.
تهديدات متبادلة:
وبالإضافة إلى المواجهات والاغتيالات، تصاعدت خلال الأيّام القليلة الماضية، التهديداتُ المتبادلة بين مليشيات الانتقالي، وحزب الإصلاح، كمؤشر إضافي على تصاعد وتيرة الصراع بينهما.
وشهد الخميس الماضي، تراشقاً إعلامياً بالتصريحات بين قيادات طرفي المرتزِقة، حيثُ كان المرتزِق عبدالله الصبيحي قائد ما يسمى “اللواء 39 مدرع” التابع لحزب الإصلاح قد هدّد باقتحام عدن وطرد “الانتقالي” منها، ليأتي الردُّ من نائب رئيس “الانتقالي” القيادي المرتزِق هاني بن بريك الذي كتب على حسابه في تويتر: “سندفنكم في عدن”.
ويأتي هذا بعد يومين من تبادل الاتّهامات بين مليشيا الانتقالي وحكومة المرتزِقة بـ”دعم الإرهاب”، حيث كان المرتزِق هاني بن بريك قد قال إن “الإصلاح” ينشر عناصرَ القاعدة في شبوة، ليردَّ عليه وزيرُ النقل بحكومة المرتزِقة، صالح الجبواني، بأن “الإرهاب” هو وصف تجسّده مليشيا “الانتقالي”.
هذه التراشقات تأتي ضمن سلسلة مستمرة من التهديدات المتبادلة بين الطرفين، والتي تزامنت مؤخّراً مع تحَرّكات ميدانية ملحوظة تؤكّـد استعدادَهما لخوض مواجهات واسعة وخَاصَّة في محافظتَي شبوة وأبين.